| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 29 /9/ 2010

 

عاش التحالف الطائفي! يسقط العراق!

عصام الخفاجي

أردت أن يكون عنوان هذه المادة اقل استفزازا، وفكرت في أن يكون مثلا (دروس من فضيحة الشهور السبعة)، لكنني تذكرت إننا نادرا ماتعلمنا من دروس الماضي. ألسنا لا نزال نتغنى بقوتنا التي استهدف "العدو تحطيمها خوفا من توجهها لمواجهة أسرائيل"، حتى بعد أن اجتاحوا بلدنا الذي تزيد مساحته عن بريطانيا "العظمى" ثلاثة أمثال في عملية لم استغرقت أقل من عشرين يوما؟

أمنيتي الأولى، وقد انتهى الفصل التشريعي الأول للبرلمان من دون أن يعقد جلسة واحدة، أن تتوجه مجموعة من الشباب والشابات الذين لم تتلوث اياديهم بالفساد المستشري ألى القضاء باسم الحق العام ليتم استرجاع رواتب ومخصصات النواب ومرافقيهم (والرواتب وحدها تبلغ أكثر من أربعة ملايين دولار سنويا). فالأصل في رواتب المسؤولين أو الموظفين هي أنها اقتطاع من مال الشعب مقابل خدمات يؤديها الأخيرون للمواطن، وقد امتنع النواب قصدا عن تأدية تلك الوظائف.

أجزم أن قرارا كهذا لو صدر عن القضاء (لكنه لن يصدر عن قضاء تخاذل مرارا أمام السياسيين) فسيكون أكثر فاعلية من كل المناشدات الدولية والإقليمية والمحلية للإسراع بتشكيل الحكومة لأنه سيقضي على المبرر الحقيقي لنزول معظم المرشحين للتباري على الحصول على ثقة شعب أثبتوا للمرة الألف احتقارهم له.

"وينن؟" تتساءل فيروز! اين ذهبوا؟ اين اختفت مؤسساتنا: رئاسة الجمهورية؟ القضاء؟ مجاميع من النواب تنتمي إلى الكتل المتصارعة تبادر باللقاء متجاوزة قياداتها لتتخذ موقفا تاريخيا يخلدها في ضمائر الشعب ويذكّر الجميع بأنها لا الزعماء هي صاحبة القول الفصل في انتخاب المسؤولين أو تنحيتهم عن مراكز السلطة؟
عوض أن يقوم أي من هؤلاء بلعب دور في حلحلة الوضع، تسمع كل يوم إتهامات هذا لذاك بارتكاب "مخالفة دستورية" ليقنعنا بأنه رجل دولة يحترم المؤسسات.

مخالفات دستورية؟
ألا يجب أن يحاسب مسؤولو قائمة رئيس الوزراء عن أدلتهم التي دعتهم إلى الطعن في نتائج الإنتخابات مما أدى إلى التسبب بتأخير إعلانها قرابة شهرين فظهرت النتائج النهائية مطابقة للأولى؟

ألا يتم سؤال رئيس الجمهورية عن السبب الذي منعه ويمنعه حتى اليوم من دعوة من يراه صاحب أعلى الأصوات لتشكيل الحكومة والمثول أمام البرلمان لتقديمها إليه بدل أن يتصرف كرئيس أجنبي فيدعو من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (وياللعجب) إلى الإسراع في تشكيل الحكومة العراقية؟

أعلن تكتلان برلمانيان إنهما بصدد الإندماج ليكونا بذلك الكتلة الأكبر ويحصلا على الحق في أن يكلف رئيس الجمهورية مرشحهما لرئاسة الوزارة. كان هذا قبل ما يقارب الشهور الخمسة، حين حذر السيستاني المتظاهر بالحياد قادته من إفلات القيادة من ايدي الشيعة وتدخلت إيران لتؤجج استكلاب الطرفين على المناصب. وظل الشعب ينتظر هذا المنقذ الإسطورة.

الأمر الطبيعي والمقبول هو أن تفعل الكتل ما تشاء وتتفاوض حتى نهاية الدهر أملا في أن تشكل أغلبية تؤهلها لقيادة الحكومة. لكن المثير للسخط والإستهجان أن تختطف تلك الكتل الشعب فتجعله رهينة وتطالب الآخرين بفدية مقدارها رئاسة الوزارة وإلا فإنها لن تطلق سراحه، مطبقة في السياسة الأنتخابية ما طبقته على مدى سنوات عبر ميليشياتها المسلحة.

ما الذي كان سيحصل لو أن رئيس الجمهورية كلف رئيس الكتلة الأكبر آنذاك، وحتى ساعة كتابة هذه المادة، بتشكيل الحكومة ؟ سيقال أن نصاب البرلمان لن ينعقد إذ سيلجأ أعضاء الكتلتين إلى التغيب لتعطيل انعقاد جلساته. وماذا كان سيحصل لو أن مجلس الرئاسة (على الأقل الرئيس ونائبه السيد الهاشمي، أي بأغلبية ثلثيه) هدد باعتبار الجلسة الثالثة بعد الدعوة الأولى كاملة النصاب بمن حضر؟

لو امتلك الرئيس الشجاعة للقيام بذلك لكان العراق متمتعا اليوم بحكومة شرعية، وبرلمان لا يتسكع معظم أعضاءه في عواصم العالم على حساب المواطن العراقي كما نشرت النيويورك تايمز. وثمن الجرأة التي افتقدها رئيس الجمهورية لا يتعدى إثارة أعضاء الكتلتين اللذين كانا سينتخبان شخصا آخر للرئاسة انتقاما من موقف عادل وقانوني لم يمارسه مبينا بذلك أن الشجاعة في ممارسة حرب العصابات في مواجهة نظام شرس لا تقي من الخوف من فقدان الجاه والنفوذ.

وماذا لو أن قادة الكتلتين الطائفيتين برهنا على أنهما يصدقان الإدعاءات التي يطلقاها من أنهما يمثلان أكثرية مطلقة في البرلمان فتحليا بالشجاعة وحضرا جلسات البرلمان ولم يمنحا السيد علاوي أصواتهما؟ لو كانت ادعاءاتهما صادقة لشهد العراقيون عملية دستورية شفافة يعود فيها علاوي إلى الرئيس معتذرا، فيكلف الأخير المالكي بصفته الحاصل على ثاني إعلى الأصوات. لكن تحالف الطائفيين أثبت معرفته بمعدن معظم زعمائه : متصيدي سلطة ومستجدي مقاعد كان بوسع علاوي استمالة بعضهم والحصول على الأغلبية المطلوبة.

وللناخب الذي يعبر يوميا عن خيبة أمله أقول: لا تتعكز وراء بكائيات الشعب المظلوم والقادة الفاسدين. فقد شهدتهم من قبل وعاودت انتخابهم. وحتى تصحى من سباتك، أدفع ثمن ما اخترت.


 


 

free web counter

 

أرشيف المقالات