| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 28/9/ 2012                                                                                                   

 

مسرحية عند الحافة لن تترك مشاهديها بسلام

مجيد سعيد

بدعوة لعدد من منظمات المجتمع المدني في جنوب السويد وبتأريخ 14/9/2012 قدمت فرقة ينابيع المسرحية مسرحية عند الحافة تأليف وأخراج الفنان سلام الصكر وتمثيل الفنانتين البارعتين نضال عبد الكريم وسومة سامي.

يستحضر المؤلف شخصيتين من ألأرض الى كوكب آخر لخدمة أناس مميزين وفي مقهى خاص تحضيرا لمثولهم أمام الخالق، وبعد انتظار وعدم حضور الزبائن تخدع إحداهن ألأخرى بمجيئ زبائنها من خلال شخوص وهميين ، نماذج لمن يمتلك السلطة والنفوذ والمال ، وهو بحق تكثيف لواقع ما يمر به بلدنا على يد قادته في مجالاته المتعددة، استغلال الطائفية والفساد والمحسوبية وأنعدام ألأمن وغيرها.إلا أن ذلك وعلى أهميته أزيح الى الخلف من خلال تركيزه على الشخصيتين وبسهولة نستطيع أن نرجع كل شخصية الى حقبة تأريخية. فالشخصية ألأولى والتي أدت دورها الفنانة نضال عبد الكريم تعكس جوهر النظام السابق صاحبة الخبره والتلون والقدرة في التحكم والتي أقتنعت أن زبائنها فقدوا الكثير من سلطتهم ولذا لا بد من التلاعب والتآمر لتمشية مصالحها. تقابلها شخصية أخرى والتي أدت دورها سومة سامي لتمثل زبائنها وهم من امتلك السلطة اليوم والراغبين بالأستحواذ على كل شيئ. نموذجان يعكسان ألأرتباط العضوي بين زمنين من تأريخ شعبنا، احدهما أستلم من ألآخر ثقافته وأخلاقياته. ان ما يريده المؤلف، وبجرأة طرحه ان شرائح واسعة مهانة ومستلبة في انسانيتها وفاقدة لكرامتها هي من يصنع وهم القادة وقدسيتهم وتدافع عن ذلك الوهم وتتلبسه بالضد من مصالحها. لتستمر مصائبها ومعاناتها التي لا تنتهي وهي ذاتها وأن كانت بالوهم قادرة على خلق عالم أكثر أنسانية وكرامة، وكما جاء في العرض عندما اشتركت الشخصيتان في قلب كراسي القادة ،طاردة كل واحدة منهن زبائنها. ان ما ينبه له المؤلف وبتشائمية واضحة هو ان الشخصيتين رغم معرفتها بطبيعة هذه الشخصيات إلا أنها تكرر خطئها بأختيار قادة جدد وبنفس المواصفات لتعيد أنتاج عبوديتها مرة أخرى.

ان نص مسرحي معقد ومركب ويركز على شخصيتين فقط يحتاج الى ممثلتين بارعتين وذات خبرة وتجربة مسرحية وهذا ما توفر بحدود جيدة، فالفنانة نضال عبد الكريم صاحبة الخبره في المجال المسرحي قدمت لنا شخصية اخرى، مركبة ، تابعة ، متملقة، لكنها قوية مع خصومها فعكست لنا مرحلة النظام السابق، وما قدمته الفنانة نضال لشخصيتها الكثير إلا أنني ولمعرفتي بها قادرة على تقديم ألأكثر لأغناء الشخصية. أما الفنانة سومة سامي فقد أدت ماعليها لتعكس هشاشة الوضع الحالي وعدم تعمقه في حياة مجتمعنا من خلال مرونة جسدها وخفة حركتها إلا أنها بحاجة الى الخبرة في ضبط ألأيقاع والتلوين وألأحساس في نمو شخصيتها، ومع ذلك فلا يقلل من أهمية تقديمها لشخصية مميزه وهي طاقة أكتسبت خبرة لتقديم ألأكثر في ألأعمال القادمة.

أما الحديث عن ألأخراج فهو متعب حقا وهو أفتراضي. فنحن من نشاهد هكذا عرض مسرحي كبير نطالب أن يكون متكاملا لا تشوبه أي نواقص وثغرات يمكن اقتناصها من المتخصصين. متناسين ألأمكانيات المحدودة لفرقة ينابيع المسرحية ،إلا أننا هنا أمام مخرج محترف صنع لنا مسرحين على خشبة واحدة. لعالمين متناقضين وموحدين في آن واحد. صنع لنا عالمين تدب فيهما الحياة رغم شخصياته الوهمية والتي كنت أراها كمشاهد متواجدة ومؤثره ولها دور تؤديه مستفيدا من كل بقعة على خشبة المسرح ، وكعادته في تجريد ألأشياء لعدم الوقوع في تفاصيل واقعية العرض، بل وطعمها باللمحات البرشتية عندما قصّت كلتا الممثلتين نضال وسومة لجمهورهما بما تفكران به كأنسانتين لهن موقف واعي لما يحصل. إلا أنني لا بد أن أؤكد على افتقاد مخرجنا المبدع أحيانا للأيقاع المسرحي والشد الذي يتطلبه، لدمج مشاهديه والعرض المسرحي. كما لابد من ألأنتباه الى ألأخطاء النحوية وضرورة اللفظ الصحيح والسليم للكلمات. لا يسعني إلا أن أحيي الفنان صلاح الصكر لتصميمه الديكور لبساطته ولبعده عن الواقعية ولملائمته للعروض المتنقلة ، كما أشيد بأختيار الموسيقى لأصيل المندوي ومنفذها سليم الحيدر. ان أهمية فرقة ينابيع المسرحية وعروضها المتوالية بأختيارها لمواضيعها ذات ألأهمية الكبيرة لمصائر الناس والتي كثيرا ما تثير جدلا واسعا، وقد جددت ذلك الجدل عندما عرضت مسرحيتها عند الحافة وطرحت أسئلتها وأستفزت جمهورها ولن تتركه يغادر قاعة العرض بسلام وصرخت بأعلها صوتها تعرفون ولكن ليس لديكم القدرة في ألأجابة.





 

 




 

free web counter

 

أرشيف المقالات