| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                   الأثنين 28/11/ 2011

 

 عبق ألذكريات

فرحان العطية

حركت هذه الذكريات صورة وإبتسامة مشرقة وأبيات غزل صوفية للمرحوم ألدكتور مصطفى جمال الدين ألمنشورة في صحيفة طريق الشعب العزيزة على قلوب محبيها. عدت لسنوات بعيدة في ماضيها الى عام (1954) حيث كنت معلما في مدرسة ألمؤمنين ألتي تبعد بضعة كيلومترات عن مركز ناحية كرمة بني سعيد التي ترعرعت في كنفها، وكنت أدرس أللغة العربية وفي إهتماماتي ألأولى في ألأدب والشعر، وأذا كنت مدرسا للعربية في تلك ألأماكن وتلتقي مع أمثال الدكتور مصطفى يجب أن تكون لغتك جيدة.

وكان المرحوم وعائلته الكريمة الكبيرة والتي سميت القرية بأسمهم أي قرية المؤمنين، منارا ومقصدا لكل طالب حاجة ومركزا دينيا متميزا ولهم فلسفتهم الخاصة. وكان المرحوم يزور المدرسة أحيانا وألتقي به وأعرف أنه شاعر ويوم عرضت عليه قصيدة شعرية نشرت في مجلة ألآداب للشاعر (إبراهيم أبو ألنجا) كما أتذكر ألذي كان مطلعها :

ملأنا خزائنكم بالذهب
وها نحن من بعد عمر ذهب
حفاة عراة جياع
نعاني الضياع نعاني الضياع
بنينا القصور وشدنا الجسور
وقلتم رعاع

لأستطلع حسه السياسي ولم تبدر منه البوادر التي هزتني ولم أعلم أنذاك إن كان كتوما أم إسلوب الشعر الحديث؟
كانت تربطه بزميلي وصديقي الناقد المرحوم كاظم علي التميمي علاقة ود وصداقة وكنت أحيانا حلقة الوصل بينهما. ورأيتهما يوما يرتبان شعرا للرد على شاعر لم يعجبهما وكان مطلع الرد :

تطبطبي تطبطبي يا سلحفاة ألأدب
هذا أبن بطوطة قد صار نبي

وأنقطعت عنهما فقد فصلت من الوظيفة أيام إستعداد حكومة بغداد أنذاك لعقد حلف بغداد ومن ثم جندنا في دورة ضباط ألأحتياط العاشرة في ناحية السعدية. وبعد ثورة 14 تموز التقيت المرحوم كاظم (أبو تميم) وكنا نتابع مسيرة ألدكتور مصطفى وصعوده الشعري والسياسي وأسفنا أسفا شديدا لوفاته.

وقبل أن أغادر العراق إتصل بي المرحوم كاظم التميمي وقال لقد إكتملت القصيدة عندي وقد جاوزت (500) بيت من الشعر في رثاء المرحوم الدكتور مصطفى وأرغب أن نقرأها سوية ولا يمكننا ذلك في مقهى أو في محل عام بل تأتي الى بيتي في شارع القناة في الرصافة ، وأتفقنا أن أتصل به تلفونيا ، ومرت ألأيام وأتصلت لأزوره ومعي صديقي واستاذي مهدي راضي ( أبو بدوي ) وكان ألذي أجاب أبنه تميم وقال لقد توفى أبي فصدمت وحين سألت كيف ذلك قال لقد دهسته سيارة مسرعة فعرفت أنها سيارات الموت التي تنتظر كل معارض للنظام لتنقض عليه فهي المحاولة الثانية فالاولى (عوقته) والثانية أماتته.

ألف تحية لكل الشرفاء المناضلين الذين وقفوا بوجه الطاغية والدكتاتورية.

 

السويد
 

free web counter

 

أرشيف المقالات