| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأثنين 28/12/ 2009



حماية الطفل مسؤولية من ؟

فهد محمود / بابل

الشعوب تفتخر بعاداتها وتقاليدها الموروثة منذ القدم والمستجدة عبر افرازات الحياة في المجتمعات بموازات مسيرة الزمن ، يرتبط بعضها بالمتجدد من تجارب الشعوب والبعض الاخر بالتطور العلمي المادي والتكنيولوجي وارتقاء الوعي الاجتماعي والثقافي الى مستويات ارقى بالاعتماد على الطرق والوسائل العصرية المتحضرة في التعامل مع الكثير من المفردات الحياتية اليومية .

من هذه الامور والاكثر اهمية الطفل الذي يعتبر عالم خاص يجب التعاطي معه بحساسية عالية وبشفافية في منتهى الدقة دون اهمال الجانب العاطفة الروحية في مسيره نموه وشق طريقه في الحياة نحو مستقبل افضل واكثر اشراقا وتفائلا .

تثار بين حين واخر من قبل المنظمات والهيئات الدولية ومؤسسات حماية الطفولة قضايا عمالة الاطفال واستغلالهم وتشرد الاعداد الكبيرة نتيجة الظروف الحياتية الصعبة والقاسية بحثا عن لقمة العيش التي يكون طعمها في اغلب الاحيان اكثر ألما من الظروف ذاتها .

عندما تكون الرقابة بعيدا ، فالاسرة تأخذ دورها وهي المعنية اولا واخيرا في حماية الطفل من التأثيرات الخارجية ، الروحية منها والمادية وبدعم من المؤسسات الحكومية ، لخلق جيل ناشيء يعتمد عليه في عملية بناء المجتمع دون الاستهانة بالامكانيات والطاقات الكامنة في هذه الشريحة الهامة في حياة الشعوب .

وانا اتتبع المواكب الحسينية ونحن في الأجواء العاشورائية لاحتفاء بثورة الحسين ، استوقفتني حالة لابد من توجيه انظار الاسرة والدولة اليها معا وايجاد آلية مناسبة دون ان تؤثر في المرحلة الراهنة على التقاليد الاحتفاء بالمناسبات والشعائر الدينية لهذه الطائفة أو تلك من المجتمع العراقي .

موكب حسيني يسير في احدى شوارع واحدة من مدننا العزيزة واعمار متباينة من المساهمين فيه ، منهم من يلطم صدره ومنهم من حمل اثقال من السلاسل ( الزنجيل ) ، يضربون بها على ظهورهم واحيانا على رؤوسهم لذنب لم يقترفوه لا هم ولا اسلافهم وانما لواقعة مؤثرة حدثت قبل 1400 عاما ، حملت رسالة انسانية ضد الظلم والاضطهاد والكراهية ومن اجل العدالة الاجتماعية والسلام والمحبة وروح التسامح واحقاق حق الفقراء والكادحين ، يؤسف القول بأننا لم نستوعب الى يومنا هذا جوهر ومحتوى تلك الرسالة العظيمة وتوظيف مفرداتها في بناء المجتمع .

لكن ان يسـاهم فـي تلك المواكب اطفـال دون الربيـع السـادس والخامـس مـن الـعمـر مـع حمـلة الاثقـال الحديدية ، فتلك جريمة لا تغتفر بحق الطفولة العراقية وتحت حماية الدولة (مفارز شرطة الحماية) والاسرة معا دون حسبان المضاعفات النفسية والجسدية على حياة الطفل المستقبلية . والاثارة اكثر استغرابا وقساوة بان هؤلاء الاطفال حاملي الاثقال تحولوا في اليوم التالي الى حملة السيوف والسكاكين الحادة في ذات الموكب والسير لمسافات طويلة تحت شحنات الاجواء العاشورائية وبتشجيع الاسرة وصمت المثقفين وعقلاء المجتمع المصغر في تلك المدينة البريئة !!! اي حالة مأساوية نساهم في خلقها للطفولة العراقية ونحن في القرن الالفية الثالثة من الزمن ؟

اين الدولة ومؤسساتها المعنية من هذه المعادلة الاجتماعية الخطيرة وهي تدعي نحو بناء عراق ديمقراطي حضاري ومتمدن ؟

الطفل في المجتمعات الاوربية في الواقع الفعلي وليس من الناحية النظرية الفلسفية هو طبقة اجتماعية من حيث الامتيازات المتوفرة له من قبل الدولة اولا ، كالرعاية الصحية والنفسية والضمانات الاجتماعية في التعليم والتعلم وتوفير المستلزمات الحياة الطبيعية له بالتعاون مع الاسرة ثانيا بالاضافة الى الضمانات الخدمية المختلفة الاخرى لحين وصول الطفل الى سن الرشد القانوني .

اين نحن من التجارب الايجابية للشعوب المتحضرة والتي تتلائم مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي العراقي في بناء قاعدة بشرية متينة بدأ بالطفولة والاجيال الناشئة الجديدة قادرة على سير العراق الجديد نحو مستقبل مزدهر ؟

الدولة مطالبة في ايجاد آلية علمية في انتشال الطفولة العراقية من هذا الواقع المأساوي .



27 / 12 / 2009


 

free web counter

 

أرشيف المقالات