| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 27/1/ 2010

 

الأنتخابات التشريعية وأعادة تشكيل الأئتلافات

مازن فيصل البلداوي

من الطبيعي ان تمر عملية بناء الديمقراطية في مجتمع ما بمراحل عدة تتبلور خلالها فكرة الديمقراطية حسب طبيعة ذلك المجتمع وبتأثير مباشر من موروثاته الفكرية المختلفة،لذا فان هذا الموضوع يأخذ وقتا طويلا لحين الوصول الى النتيجة المرجوة.

ومن الطبيعي ايضا ان يتأثر هذا البناء بعوامل متغيرة ومتعددة خاصة في المجتمعات العربية التي تختلف عن مجتمعات العالم الأخرى بخصوصيتها الدينية والقومية بغض النظر عن مستويات التعصب او الأنفتاح الفكري لأبناء هذا البلد او ذاك،حيث ان متطلبات البناء الديمقراطي تتطلب انسلاخا أشبه ما يكون بالكامل من الموروثات والمفاهيم التي يحملها ابناء البلد الواحد بصورة عامة مع الأبقاء على الثوابت المتفق عليها بين الشرائح والأطياف الأجتماعية - الأثنية والعرقية والتي تشكل ملامح الشكل العام للأطار الوطني الذي يحتوي تلكم الشرائح،وقد يكون هذا الأنسلاخ سريعا او بطيئا...! أذ يعتمد على عوامل عدة كما لا يخفى على الأخوة القراء ومن اهم هذه العوامل:
1- نسبة المتعلمين في بلد دون آخر، اي عدد الذين يعرفون القراءة والكتابة ويجيدونها الى حد 65% على أقل تقدير.
2- نسبة المثقفين في بلد دون آخر،اي عدد الذين يدركون ماهية الثقافة ومن اين تستسقى ومامقدار اطلاعهم على ثقافات الشعوب الأخرى،اي معرفتهم بوجود الآخر،وهم ينقسمون الى قسمين:
أ- مجموعة من المطلعين والمثقفين بالعلم والمعرفة ولايحملوا شهادات دراسية.
ب- مجموعة من المطلعين والمثقفين بالعلم والمعرفة ومن حملة الشهادات الدراسية.
3- الوضع العام لحقوق الأنسان في هذا البلد او ذاك.
4- الوضع العام للمرأة ودورها في هذا المجتمع او ذاك.
5- نسبة ارتباط أفراد المجتمع بثقافات بلدان أخرى واقعها الأجتماعي يختلف عن الواقع الأجتماعي للبلد المقصود،وكأن يكون الأرتباط على اسس فكرية او دينية او عرقية.

هذه العوامل هي من اهم العوامل المؤثرة والفاعلة في عملية البناء الديمقراطي في بلد ما وخصوصا اذا ما كان البلد عربيا وله من الخصوصيات التي اسلفت ذكرها،لذا فمن الأولى بالأشخاص المتصدين لقيادة عملية التغيير والبناء الديمقراطي ان يعلموا انما يقوموا هم ببناء اللبنات الأساسية لتلكم العملية والتي ستصهر ويعاد تشكيل صورتها مستقبلا وبموجب المشاركة الفاعلة لأبناء المجتمع الذين يعتبرون اللاعبين الأساسيين في عملية البناء هذه.
لذا فأن من الطبيعي ان تمر عملية البناء الديموقراطي في العراق بمطبات كبيرة وتقع تحت تأثير الكثير من الضغوط، وواهم كبير من يعتقد بأن الأمور ستسير بيسر وبساطة،لأن عملية البناء تحتاج الى توافقات متعددة وعديدة لا يمكن الحصول عليها بسهولة ما لم يقوم اللاعبون الأساسيون بفرض ارادتهم على ما يجب ان يكون وتحت حكم رؤيتهم الوطنية الخالصة والبعيدة عن تأثير مطالب اي أجندة خارجية قد تحاول ان تدس انفها في هذه العملية خوفا من نجاحها وبالتالي فأن تأثير هذا النجاح قد يتسرب اليها بعد حين.

ولا يختلف أثنان على ان عملية البناء الديمقراطي تعتمد اعتمادا اساسيا على قبول الرأي الآخر،وهذا بالحقيقة ليس فرضا يمكن الأتيان به على عجالة وتقبل به الأطراف المشاركة في عملية البناء!أنما ثقافة تنشأ مع المرء حين نشأته منذ الصغر،لذا كان لزاما على أفراد المجتمع جميعا ان يؤمنوا بهذه الفكرة ويوضحوها جيدا لأبنائهم وبناتهم ويجعلوها ركنا اساسيا من اركان الشخصية هذا في حال انهم اتفقوا على المبادىء التي ستفضي الى الأسس المعتمدة لعملية البناء الديمقراطي!والا سيكون النطق بها شيء وتطبيقها شيء آخر،ومن هنا نستطيع معرفة اسباب تلكوء اي عملية بناء ديمقراطي واقعة او مرتقبة في اي بلد ومنها العراق.

وبالرغم من كل السلبيات التي تحيط بالوضع العراقي (او كما يطرح من قبل بعض الجهات) الا ان ما تم تحقيقه يعتبر قياسيا بالمقارنة مع الأوضاع السياسية،الأقتصادية،المؤامرات،خذلان الآخر،الأجندات الخارجية،حمى الأنفصال والأنسلاخ،أختراقات الأجهزة الأمنية،.........الخ،ومن المهم جدا ان يفهم الجميع بأن عجلة الزمن تسير الى الأمام ولايمكن أعادتها الى الوراء،لذا فان الرؤية المستقبلية الصحيحة وبمفهوم وطني خالص هي الطريق الأوحد لأنهاء كل الأزمات وأخراس كل الأصوات المتعالية هنا وهناك مطالبة بحقوق العراقيين!ومن المهم جدا ان يتفق الفرقاء على تفسير كلمة (الوطن،الوطنية،الأنتماء الوطني) ووضع أسسها كتابة وليس شفاها كي تكون ملزمة لكل الأطراف ولا يستطيع اي طرف ان يحيد عنها،فليس الوطنية برؤية دينية اسلامية او مسيحية او غيرها،وليس الوطنية برؤية قومية،كردية كانت ام عربية او غيرهما، وليس الوطنية برؤية سياسية مستوردة! بل رؤية وطنية عراقية خالصة يضع العراقيون بنودها وأسسها لتكون نظرية ديمقراطية حديثة المفاهيم ولواقع يطابق عام 2010 وما بعده وبأطياف الشعب العراقي جميعا.........جميعا فقط وبدون اي تدخل خارجي ولو بقيد أنملة، وبغير ذلك ، فليبدأ الجميع بالبحث عن أوطان جديدة علّهم يحصلوا عليها الآن وليس غدا!

من الطبيعي ان تتم أعادة صياغة الأئتلافات والتكتلات السياسية (كما ذكرت في مقالات أخرى) سابقة وهذا طبيعي جدا وستنتهي الكثير من الأحزاب مستقبلا اما بالأندماج مع أحزاب أخرى او بأعادة انشاء أحزاب جديدة تعتمدا فكرا متجددا يلبي حاجة الشارع،لأن عملية النضوج السياسي دليل على مواكبة التقدم والتفهم لمتطلبات المرحلة التي تمر بها الجماهير ومتطلباتها المستقبلية،والا فأن الجمود سيلتحف تلكم التكتلات ويشرنقها وتصبح أثرا بعد عين كما هو حال العديد من الأحزاب القديمة التي آثرت ان تختبىء تحت صدفاتها وتبقى محافظة على اسمها،لأنها فقدت عامل القدرة على التطور ومواكبة العصر،وستبقى هكذا الى يوم يبعثون!

وعلى الرغم من كل المشاكل المحيطة والأخطار المحيقة بالأنتخابات القادمة،الا ان الشعب العراقي سيقول كلمته بعد ان أصبح مطلعا تماما على ما يجري في الأروقة السياسية وعرف تماما من سينتخب للسنوات الأربعة القادمة،وان كانت النتيجة لن تخل من أخطاء،الا انها بالتأكيد لن تكون قاتلة.
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات