| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 27/8/ 2011                                                                                                   

 

بمناسبة أربعينية الفقيد الكاتب القدير (خالص عزمي)
 

الترحالُ بين حياةٍ فانيــــــةٍ وبين حياةٍ باقيــــة

د. مجيــد القيسي
majidkayssi@yahoo.com

تمر علينا اليوم السبت المصادف 27 من آب ، 2011 ذكرى مؤلمة وهي رحيل الكاتب القدير ألأستاذ (خالص عزمي – أبو شيرين) الى الرفيق ألأعلى قبل أربعين يوما. ذكرى أثارت بين جوانحنا آلآم الفراق ألأبدي ومشاعر الحنين الجارف لذكريات إمتدت سنوات طويلة.
فقد كان الفقيد دائرة معارف حية ومتجددة ضمت أمتع القصص وأعذب الشعر وأصدق ألأخبار وأجمل الفنون وأعظم السير للرموز الوطنية العراقية المتألقة.
فإلى روح الصديق الوفي (الخالص) ؛ ألأثير إلى قلوبنا ؛ أقدم هذه النفثات الصادرة من أعماق الوجدان. فهي كل ما تبقى لدينا بعد رحيله المفاجئ عنا.


رحلَ (الخالصُ) بغتة نحو ألأفـــق
البعــــــيد ؛
خلفَ قرصِ الشمسِ النحاسي ؛
ذلك الذي عشقه حتى الولــــه ؛
من غيـــــر وداع ٍ بألأحضـان
ولا بالقبـــلات إلتي ألفتها
أريحية أبناءِ الرافدين الطيبين.
ولا بكلمةٍ واحــــــدة ؛
ولا حتى بإماءة يــــد خاطفة
مخالفاً فطرته العراقيـــة
الأصيــــلة !.
***
لكنه ؛ وبعد أيام من رحيله
المباغت ؛
بعثَ بإشارة إعتذار من العالمِ
الأبـــــدي:
أيها ألأهـــلُ وألأصدقاءُ
ألأحبُ وألأجمل
أنني لم أغادرْ عالمـــكم ؛
فما يزال هو عالمي ألأثيـر
إلى نفسي.
فرسالتي لم تكتملْ بعــــــدُ ؛ُ
فلن يكفيَها عُمرٌ واحـــــــدٌ
ولا ثلاثة أعمار مما تعدون.
***
فملياراتُ بلدي صنعوا منها
ورقا لـ (بيوت الراحــــــة)
يمسحون به سِخامَ وجوههم
وصديـــــدَ أجسادهم.
و(الجاهليون) الجـــدد تراهم
ينثرون رزمَ (الدنانير)
فوق رؤوسِ الغانياتِ
وتحت سيقان البغايــا.
ومن الناسِ البسطاءِ هجّنوا
قرودا وسعادين.
وفي كل ركنٍ نُصُبٌ وأوثانٌ
ودماء ونيـــــران.
ومنصاتُ الجواري والغلمــان ِ
عادت من جديــــــــد
وفي كل مكان.
وتركوا عماتنا النخلاتِ النائحاتِ
خشباً ينخره السوسُ.
وأدمغة علمائنا تتناثـر شظايـا
بكواتـــــم الصوت
يطلقها عدوٌّ صُراحُ
أو(مُساكن ٍفي الوطن)
أو(مَولىَ للمسلمين) !؟.
ودجلة الخيرِ ما أنصفهُ
الجواهريُّ قط ؛
فصار (عربة بلدية)(2) تنقلُ
الجثث والقــــذرَ
لا الخير !.
ولحمُ أبكارنا بين أنيابِ الذئابِ
الشـــــــقر.
وأطفالنا يولدون برأسين
وبعين واحـــــدة
لكنها لا تبصر!.
***
فنودي علىَّ من السماءِ السابعة:
هَـلــــمَّ يا (خالصَ العـــــزم) ؛
يا أيها العراقـــــيُّ ألأبــــيّ ؛
يا منْ طويتَ ستة عقود زمردية
لتصنع تأريخا مجيــــدا
لوطـــــن ٍساحر لذيــــذٍ
جُبلَ من صلصال كالفخـّـــار
بالدماءِ.. وبالدموع.. وبألأمـل.
فشدِّ ألرِّحـــــالَ أيها (الخالصُ)
نحو العُـــلا.
فثمة إجتماعٌ ربــــــانيٌّ
يحضره ألأنبياءُ والملائكة
وآلُ البيتِ الأطهــــارُ
وألأولياءُ الصالحون.
***
فولاة أموركم قد خرقوا الحدودَ
السماويـــــة عسفاً ؛
وأحلـّوا ما حرَّم اللهُ على النــاس.
فنفرَ من أفعالهم حتى إبليس.
فلا بد من قصاصٍ ربانــــــي
صارم.
فأختاركم (الحــقُّ) للقضاءِ
العـــــادل ؛
وأنت أهلٌ له وفارسُه المقدام ؛
إنسانٌ مفكرٌّ - حقوقيّ - أكاديميٌّ -
أديبٌّ - شاعرٌ - صُحفيٌّ وفنـــــان.
***
مُرْ بصحبك الذين هجروا العالم الفاني
منذ أعــــــوام ؛
وحيـِّهمْ قبيل أن تغادرنا
الى عالمكم ؛
فهنا في القاعة الكبرى مجمعُ الخالدين:
منير القاضي وناجي ألأصيل ومصطفى
جواد والشيخ محمد رضا الشبيبي والشيخ
محمد بهجت ألأثري وصالح أحمد العلي
وضياء شيث خطاب والشيخ محمد حسن
أل ياسين وعبد العزيز الدوري وطه باقر
وجميل الملائكة والعوادان والشيخ عبد
الكريم المدرس ومهدي المخزومي ويوسف
حبي.
ودُعيَّ أعضاءُ الشرف: الدكتور عبد الجبار
عبد الله وهاشم الوتري وعبد الفتاح إبراهيم
وحسين جميل ؛
وهم ينصتون بإنبهار ٍ الى ملحمة (گلگامش)
بألأكدية وبالعربيـــة.
***
وهناك مربدُ الجواهري والسيّابُ والبياتي
ونازك الملائكة ومحمد صالح بحر العلوم
ومير بصري وكاظم جواد ونزار قباني
ومحمود درويش ؛ وصلاح عبد الصبور
وبدوي الجبــــل وميخائيل نعيمة ؛ وهم
يتجاذبون أطراف الحديث عن إمارة الشعر
العربي التي ولت.
***
وفي الجنينة ؛ مشغلُ جواد سليم وفائق
حسن وحافظ الدروبي وعطا صبري
وأسماعيل الشيخلي وخالد الجادر وخالد
الرحال واسماعيل فتاح الترك وشاكر أل
سعيد وهاشم البغدادي وصبري الخطاط
وغازي الرسام.
وقد حل عليهم ضيوفا مكرمين ؛
حقي الشبلي وابراهيم جلال ومنير بشير
وصالح وداود الكويتيان وحسين قدوري
وسليم البصري وزينب ؛
والجمعُ يستمع الى قيثار ِ(أبو سهيل)(1)
وهو يعزف لحنا تراثيا أصيلا.
***
وهناك عند الناصية مجلسُ صحبك ؛
عبد المجيد الونداوي وجبران ملكون
وروفائيل بطي وخالد الدرة وصادق
ألأزدي وشاكر التكريتي وأمين المميز ؛
وهم يتمايلون أنساً وطرباً على أغاريد
الگبنچي وعزيز علي ويوسف عمر
وناظم الغزالي وسليمة (باشا).
***
وعلى أنيــــن ونبضاتِ ؛
جوزة شعوبي إبراهيم
وسنطورِ الحاج هاشم الرجب
وقانون خضير الشبلي
وطبلةِ حسين عبد الله
ودُفِ علي الدبـــو
تنهمر الدمـــــوع
على وطنٍ ساحر ٍ ضيعناه.
***
أبا شيرينَ – سِرْ نحو عالمــــكم
فإنه يستغيث: الخلاصَ..الخلاص
وأعتل ِ منصة القضـــــاء
فالقصاصُ العادل ينتظر
الخونة والمرتدين والمفسدين.
رافقنكَ السلامة ؛
وحظا سعيــــدا !؟.
وإن عدتَ إلينا ثانيــــة
فمقامك المحمودُ هنـــا
في رياضِ الجنـــــة
الى جـِوار الحكماءِ والعلماءِ
وأولياءِ اللهِ الصالحين.
 


(1) (أبو سهيل): هو الفنان التشكيلي الكبير حافظ الدروبي.
(2) (عربة البلدية) عربة يجرها عامل او حمار. وكانت فيما مضى تنقل جثث الحيوانات النافقة وألأزبال.
 


* أكاديمي عراقي مغترب - كندا



 

free web counter

 

أرشيف المقالات