الثلاثاء 27/7/ 2010

عين على علاقة الحركة الشيوعية العراقية مع الدين خضير الأندلسي كتب ضابط الاستخبارات البريطانيp.b . في رسالته المؤرخة 20 نيسان 1949 عندما حمى وطيس المواجهات بين الشيوعيين العراقيين والسلطة الحاكمة آنذاك وخصوصا الاشتباكات التي حصلت في نقرة السلمان (معقل الشيوعيين) وسجني الكوت وبغداد والتي أسفرت عن استشهاد اكثر من 8 شيوعيين وجرح عشرات منهم (1) , كتب (لن تقتلع الشيوعية في العراق من جذورها بما يمكن ان نسميه الطرق البوليسية وحدها بل أوصي بالمعالجة الدينية التي تعني تحريك العلماء والقادة الروحيين اتجاه عقيدتهم ,ويعني عقيدة الشيوعيين)(2) . وابتدأ التحرك على الجنوب العراقي ذو الأغلبية الشيعية الذي كان دوما يستقتل من اجل نيل حقوقه المشروعة والنضال من اجل إزالة الفوارق الطبقية, واسُتغلت هنا الحوزة العلمية في النجف الاشرف التي تتميز عن غيرها من المؤسسات الدينية في التأثير على المسلمين الشيعة استغلالا واضحا من قبل السفيرين البريطاني والأمريكي اللذان نجحا في أقناع الشيخ كاشف الغطاء ذو الشعبية الدينية لدى الشيعية وقتها بضرورة محاربة الشيوعية عن طريق بث الشباب المؤمن وتكفيرها بفتوة دينية (3) , ونال هؤلاء مكسبهم الوحيد الداعي الى تكسير الأواصر الوطنية العراقية لنهب ثروات الفقراء والكادحين من جانب وإضعاف الحركات الثورية التحررية من جانب أخر وهي بالتأكيد ,أي الحركات, ضد توجهات الغرب الرأسمالية المعادية بالدرجة الأساس وقتها للقطب الاشتراكي المتمثل بالاتحاد السوفيتي , وبهذا قدم الشيخ الجليل كاشف الغطاء (رحمه الله) خدمة جليلة للحركات المعادية للتحرر الوطني والتي انعكس فيما بعد على الشخصية العراقية الشيعية التي أخذت نصيبها الأكبر من الاضطهاد مقارنة مع غيرها من المكونات العراقية بُعيد انقلاب شباط الأسود 1963 مرورا بنظام صدام وحتى يومنا هذا, كما أطلق المرجع الأعلى أية الله العظمى السيد محسن الحكيم فتوته نهاية خمسينات القرن المنصرم جاء فيها (الشيوعية كفر وإلحاد). وبالوقت الذي كانت فيه الكتب الدينية الصادرة عن مراجع الحوزة العلمية ممنوعة التداول والتسويق ,طبعت ألاف النسخ من كتيب صغير جامع لفتاوى الحوزة العلمية إزاء الشيوعية واصفيها بالإلحاد والزندقة وابتدأت الحملة هذه في خمسينات القرن المنصرم ولم تنته ألا بزوال البعث في العراق 2003 . لا شك في أن أفكار البريطانيين والأمريكان لم تأت عن فراغ بل عن قراءة مستفيضة للواقع الاجتماعي العراقي وبهذا فأنهم نجحوا بإلصاق تهمة الإلحاد بالجماهير الشيوعية عامة وهي ابعد عن كونها هكذا على الغالب فلكل منهم موقفه الخاص من الدين ,فوالد حسين احمد الرضي ,سلام عادل (استشهد 1963) سكرتير الحزب الشيوعي العراقي 1956-1963 كان من المراجع الدينية ذات الصيت في النجف الاشرف وعرف عن عائلته بالتزامها الديني (4) . هذا وأكد سكرتير الحزب الشيوعي العراقي الحالي حميد مجيد موسى في حديث له لمجلة الشرارة النجفية إن حزبه يحترم الدين ولكن يعارض استغلاله لأغراض سياسية (5) ,ولربما أراد الأخير ان يستذكر هنا مقولة لينين (اعمل حيث توجد الجماهير ) بغض النظر عن خلفيتهم الدينية وإنما الأهم تحريكهم اتجاه كسب الحقوق,لهذا تجد ان للشيوعيين مشاركة مميزة سنويا في ذكرى مقتل الحسين بن علي بموكبهم العامر والذي يقف له الجميع إجلالا واحتراما لتنظيمه البارز ورفعه الشعارات الوطنية التي تطالب بإنصاف الطبقات الكادحة من الفقراء والمعدمين ,جدير بالذكر ان عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي مفيد الجزائري كان حاضرا في كربلاء السنة الماضية و أحيا مع بقية الشيوعيين هناك هذه المراسيم .(6) للحزب الشيوعي العراقي مواقفه الخاصة التي تبين للمتابع قراءتهم المستفيضة لأي مشروع سياسي يقدمون عليه وهم يتميزون عن الغير بالحنكة السياسية لتاريخهم الطويل وخبرتهم الناتجة عن تماس مباشر بالجماهير ولعل ما ذكره خصمهم الأيدلوجي السيد بهاء الاعرجي في مجلس النواب في اقتراحه الداعي الى تسليم قناة العراقية الفضائية الى النواب الشيوعيين كونهم الأكثر أنصافا وحيادية وتثمين موقف النائب حميد مجيد موسى من قبل رئيس مجلس النواب خالد العطية لعدم تغيبه عن جلسات البرلمان العراقي داعيا بقية النواب اتخاذ الأخير مثال يُقتدى به ,ما هي الا دليل على ذلك . مع هذا يبدو أن مسالة الدين لا تزال تنهش قاعدتهم الجماهيرية ويتجلى هذا في الانتخابات الأخيرة التي أخفقت فيها قائمة اتحاد الشعب (قائمة الحزب الشيوعي) بعد ان حصلت على أصوات لم تمكنها من عبور العتبة الانتخابية. الهوامش (1) تقرير داخلي لتنظيم سجن الكوت 1953 (2) راجع حنا بطاطو ,العراق .الجزء الثاني ص 362 (3) رسالة أرخت في 20 نيسان 1949 والمرقمة SF6\2 the british forces in iraq (4) كتاب (سيرة مناضل) الجزء الأول ص 18 (5) مجلة الشرارة .النجف 2006. (6) جريدة طريق الشعب. بغداد