| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأحد 27/9/ 2009

 

قف هنا...... الصغير ينتقد

خضير الاندلسي

لعلي اعود بالذاكرة الى السنوات الماضية وقبل حوالي 13 عاما حيث بداية دراستي وبالتحديد في الصف الثاني الابتدائي ,كانت مدرستي تدعى بالنسر العربي ,عادة يبدأ دوامنا المدرسي الساعة الثامنة صباحا الى الواحدة ظهرا تتخلل هذه الفترة فرص استراحة بمعدل 5 دقائق لكل 30 دقيقة ولكن ما الذي كانت تخبئه لنا هذه الخمسة دقائق؟

بداية اقول كما يعلم الجميع ان الراتب الشهري للمعلم انذاك كان لا يكفي لسد متطلبات المعيشة ,مما دفع بالكثير من المعلمين الى البحث عن عمل اخر بعد انجاز دوامهم المدرسي ,اخرين استغلوا التلاميذ ببشاعة في محاولة لسد قوتهم اليومي مستندين على فكرة (الراتب غير كاف وبالتالي يجب على الطالب ان يتحمل اجور المعلم) ,الا ان ما يميز المعلم الباحث عن عمل عن غيره هو الايمان المطلق بالبيت الشعري القائل :

                             قم للمعلم وفه التبجيلا          كاد المعلم ان يكون رسولا

ومن علمني حرفا ملكني عبدا

اي ان واهب العلم كالرسول في رسالته والملك في عظمته , فكيف به ان يستجدي من التلاميذ أو أن تُمس كرامته امامهم!!!
هكذا هي الرسالة التعليمية التي لم يفهمها العديد من المعلمين وليومنا هذا ومن بينهم مرشدة صفنا الثاني الابتدائي آنذاك الست واجده !! حيث كانت تستغل فرص الاستراحة وتذهب الى زميلي اسحاق وتنتزع منه ما جلبه من البيت من ماكولات ومشروبات وفاكهه , ولان اسحاق المهذب كان هادئا وخلوقا لدرجة لا توصف, فأنه ارتأى ان يكتم سره بعيدا عن اهله ,واخذ يفرح نهاية كل عام دراسي ويحزن لقدومه.

وذات يوم , كان الجو ممطرا بقوة والشوارع غارقة كأنها أنهارا , الجميع يتحرك ببطء كأن حملاُ قد اثقلهم ,وبالكاد لا ترى سوى ألاًت تتحرك بصمت لافت وبطئ شديد !!! وقد جاء اسحاق الى المدرسة متأخرا بعض الشي واعتذر للست واجدة على تأخره ولم تبدِ الاخيرة اعتراضا يذكر , وما ان انهينا الحصة الاولى الا اخذ كلاُ منا شرابه وطعامه الخاص وبدأ يأكل , ولم يحرك اسحاق ساكنا وظل صامتا ينظر الينا والست واجدة تترقب.

انتهت الفرصة المقررة فتنهدت الست واجدة واخذت تتهجم بعصبية على اسحاق وكأن شيئا قد أذاها , لماذا جئت متأخرا هذا اليوم , لماذا لم تستأذن كبقية التلاميذ حين تأخرت ,لماذا ولماذا.....الخ , واخذت تحاسبه وكأنه بالغ , ولم يغب هذا الموقف عن مخيلتي , فبدى لي اسحاق هو معلم عاقل ومعلمتي تلميذة جاهلة, كان (والحق يقال) كالجبل الشامخ في حضرة سهل منحدر .
هذه الحكاية قد تكون بسيطة في سردها ولكنها ذات عمق انساني رائع يبين لنا ان البلوغ ليس بالفارق العمري وانما العقلي.

لعلي اجد في حكايتي اعلاه موضوعا يمكن ربطه بمسألة الانتخابات القادمة فيوما بعد اخر يشتد الصراع الانتخابي بين القوائم الانتخابية كما نرى, وقد تبين لعامة الشعب مدى انانية بعض من انتخبهم سابقا ,من الذين استغلوا الاعلام ومنابر الجمعة وغيرها للتشهير بالذي تحالف معهم مسبقا , جلال الدين الصغير في خطبة الجمعة السابقة ينتقد حكومة المالكي ويقول انها قد عجزت عن توفير الكهرباء وتأمين الماء للمواطنين العراقيين الابرياء.!!!ولعل الصغير هنا وضع نفسه في موضع لا يحسد عليه وخصوصا عندما سيُسأل الاسئلة التالية الا وهي :

- اين كنت ايها الشيخ الصغير !! عندما قضى المواطن العراقي السنوات الثلاث الماضية بدون كهرباء؟!

- اين كنت ايها الشيخ الصغير !!! عندما قضى المواطن العراقي السنوات الثلاث بدون ماء حتى ان منسوبي دجلة والفرات قد انخفضا لدرجة ان الاجنبي الذي سمع بدجلة والفرات قد يبكي دما كلما مر بجوارهما ؟ فكيف بك يا من تدّعي الاسلام والعدل والمساواة !!!

- اين كنت ايها الشيخ الصغير حين تم سرقة مصرف الزوية !!

- اين انت ايها الصغير !! مما عاناه المواطن ولا يزال يعانيه من ازمات الحياة وبكافة جوانبها , حتى الكرادة الجميلة التي تحررت من قبضة ابن الدكتاتور عدي صدام حسين , اُحتلت من قبلكم اليوم !!

- اذا كنت قد تذكرت المواطن العراقي حين اقترب موعد الانتخابات التشريعية فالاحرى بك ان لا تضعه موضع استغلال لمصالحك الشخصية اولا وان لا تدافع عنه عن طريق التشهير بالاخرين , فأن كنت صادق النية بأخلاصك للمواطن العراقي فكان عليك ان تنتقد اداء الحكومة منذ البدء وليس كالست واجدة التي بعد ان فقدت ليوم واحد قوتها من اسحاق اخذت تشهر به,

- ايها الصغير يجب عليك ان تفرق بين من يدافع عن حقوق ومصالح شعبه دائما وبين من يدافع عن حقوقهم حين تقترب الانتخابات , فلو تحالف معك المالكي (فصدقني واحلف لك بالعباس ابو فاضل) لتجنبت المساس بحكومته !! والاعجب ما في الامر أنك قد وجهت دعوتك الى عدم استغلال قرب موعد الانتخابات للتشهير بالاخر !!

- ايها الصغير تذكر دائما قول الشاعر  :

                     لاتنه عن خلق وتأتي مثله        عار عليك اذا فعلت عظيم




 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات