| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الخميس 27/1/ 2011

 

من ينير الطريق لخفافيش الظلام

محمد الجاسم *

يوما بعد آخر تتراقص خفافيش الظلام على وقع الإطلاقات الخرساء وكواتم الصوت وتبتهج مواقع السوء التي تديرها عصابات البعث المنحل والقاعدة الأثيمة ،وتتصدر عناوين الأخبار في جميع المصادر الإعلامية أنباء اغتيالات وتصفيات كيفية لمسؤولين أمنيين وموظفين كبار في الدولة العراقية وإذا كان لابد من اشارة فإن ذلك يؤشر بما لا يقبل الشك على تردي الوضع الأمني مع الاسف بالرغم من الجهود الجبارة والمضنية التي يبذلها أخواننا وأبناؤنا في الشوارع والطرقات مواصلين الليل بالنهار لتأمين الحماية للمواطنين..لكن المؤسف حقا هو انتقال عنصر المبادأة والمباغتة من القوات الأمنية المدججة بالتكنولوجيا والحس الأمني العالي والروح الوطنية الى خفافيش الظلام من الإرهابيين الذين باتوا ـ وهذا مما قلناه وقاله آخرون ـ يختارون الزمان والمكان ونوع الضحية المراد استهدافها مما يوحي بعدم وجود الجهد الأستخباري الذي يحول دون تدبير هذه المجاميع الإرهابية مقاصدهم الدنيئة ، و يذهب بجهود الضباط والمراتب الميدانيين أدراج اللوم ووضعهم أمام شبهات عديدة بسبب قيادات وهيئات ركن لم تعد قادرة على رسم ملامح وأوامر الحركات المهنية اللائقة بحرب مثل الحرب العراقية ـ الإرهابية وقد خلت أدراج ومحافظ مكاتبهم من تقدير الموقف واوامر الضربات الإستباقية. أن نشر مئات الأخبار عن النجاحات في الجهد الاستخباري وتفكيك خلايا السوء الإرهابية واعتقال ارهابيين (خطرين) و(غير خطرين) في نشرات الأنباء ومصادر الإعلام لا يساوي من حيث القيمة السوقية والعرف العسكري سقوط قتيل مدني واحد بنيران الغدر ، فكيف والأمر وصل الى اصطياد ضباط كبار ومسؤولين حكوميين لا والأدهى وأمرّ هروب أؤلئك الخطرين وغير الخطرين من السجون المودعين فيها ولمرات عديدة كان آخرها قضية هروب سجناء من سجن القصور الرئاسية في البصرة المحروس من قبل خلية استخبارات خاصة؟؟

لقد وضع الكثير من المهتمين بالشأن العراقي اليد على الجرح حينما أشاروا الى وجود الأختراقات في صفوف القوات الامنية وقد أثبت العديد من حالات الإغتيالات بالمسدسات الكاتمة والعبوات اللاصقة صدقية ما ذهب إليه المراقبون، والمجالس التحقيقية شاهدة على ذلك، ولكن للأسف لم يتغير شئ في معاينة جزئيات القيادة العسكرية في الدفاع والداخلية بسبب تعدد ولاءات القادة وغياب الولاء للوطن في هذا الظرف العصيب بالذات،علما ما يزال ملف اختيار الوزراء الامنيين تعبث به أهواء وصراعات سياسية وإصرار البعض على التعاطي معه من زاوية النفع الخاص وتحقيق غايات مشبوهة.

إن ظاهرة التردي المتسارعة في الوضع الامني خصوصا في بغداد ومناطق اخرى من العراق في الآونة الأخيرة وخصوصا بعد استهداف المنطقة الخضراء ومطار بغداد بالنيران غير المباشرة بالصواريخ والمقذوفات الأخرى والتي تزامنت مع أحداث تفجيرات مختلفة واستهداف طائفي متعمد وبغيض طال زوار الإمام الحسين المتوجهين الى كربلاء بمسيرات سلمية راجلة ومقتل وجرح أعداد عزيزة من المواطنين الابرياء وعدم تمكن القوات الأمنية المنتشرة في الشوارع من منع حدوثها، واستهداف رجال الأمن أنفسهم ،يوحي بما لا يقبل الشك بأن الامر مدبر تماما مع متعاونين داخل الاجهزة الأمنية نفسها..وقد ساهم في ذلك كثيرا المماطلة والأخذ والرد في موضوعة تعيين الوزراء الأمنيين وما ألقى على ذلك بضلاله الثقيل من تجاذب وتنافر بين القوى السياسية المتنفذة في الدولة، وكذلك التهاون الواضح من القضاء العراق في سرعة انجاز ملفات تحقيقة مع متهمين بعمليات ارهابية خطيرة ،وفي أحسن الأحوال صدور أحكام قضائية تولد من رحم المحاكم ميتة ولا يُلتفَت الى تنفيذها وخاصة أحكام الإعدام المعطلة منذ فترة طويلة بسبب التحاصص والتجاذب والمشاركة الشوهاء في الحكومة الحالية. لقد سمعنا عددا من المرات تصريحات إعلامية مسؤولة من ناطقين بأسم وزارة الدفاع والقوات الأمنية وقيادات شرطة المحافظات عن إلقاء القبض على ارهابيين اعترفوا بقيامهم بعمليات قتل وتفجيرات عديدة راح ضحيتها أعداد كبيرة من العراقيين، وتبين فيما بعد ان هؤلاء الملقى القبض عليهم هم من المطلق سراحهم من السجون العراقية .. وقد صرح هؤلاء المجرمون أن السجون التي اطلقوا منها كانت بمثابة مدارس لتفريخ الإرهاب وتخريج التكفيريين والمتعطشين للدماء العراقية الزاكية مع الأسف.

اليوم حيث يقف المشهد الأمني متكئاً على جدار متراص من علامات الإستفهام الكبيرة على مستقبل أطفال العراق ونسائه ورجاله، نناشد الحكومة بكل ما أوتيت من قوة الضمير وترسانة المسؤولية أن تعيد النظر بالقيادات الامنية الحالية واستيزار الأكفاء المهنيين لإدارة وزارات أمنية تشكو بالأساس الترهل والضعف والفساد الإداري والمالي والتعدد في الولاءات ومنخورة من الداخل بغدد سرطانية من الخلايا البعثية والتكفيرية التي لا يهمها سوى المزيد من سفك الدماء الشريفة .

ورب قول أنفذ من صول

 

 * ناصرية دورتموند ـ ألمانيا

 

free web counter

 

أرشيف المقالات