| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء  26 / 2 / 2014

 

افتتاحية المدى
 

المالكي إذ يعبث بإرادة العراقيين دون رادع :: من...... أنت...!؟

فخري كريم 

يُفترض أن العراق اصبح "دولة ديمقراطية"، أو ما يُشبهها، بفضل القوة العسكرية الأميركية، وإرادة جورج بوش الابن. والسيد المالكي لم تكن له يدٌ في هذا الذي جرى، بل كان في الصفوف الخلفية من المشهد السياسي، ولا اعتقد جازماً انه كان يرى نفسه فيما صار اليه، لولا لعبة الحظ، والأوراق التي اختلطت على الجميع في لحظة كدر.

وأكثر من ذلك، فأن هذا الحظ لم يكن ليتوافر له الى ما شاء، رغم ما بذل من الجهد ومشقة التفكير والتدبير، على مدار الساعة وطوال تسعة أشهر من الفراغ السياسي، سبقت تشكيل حكومته الثانية، لولا تضافر إرادة خارج دولة القانون، والتحالف الشيعي، وكل ما راهن عليه، ولولا تداعي "المعارضة" الماكنة، التي ضمت السيد مقتدى الصدر، والسيد عمار الحكيم، مع التحالف الكردستاني، الى تدارك السلبيات التي يمكن ان تنعكس على العملية السياسية ومصالح الناس، من استمرار الأزمة، وتفاقمها نتيجة الفراغ السياسي في البلاد.

لكن العامل الأهم من ذلك كله، يكمن في الالتزامات الكلية التي تعهد بها المالكي، ورضوخه، دون اي تحفظ، لكل ما طُرح من شروط سياسية تقيّد تصريف مختلف أوجه فعاليات الحكومة والدولة، واعادة النظر في جوانب الخلل التي سببها انفراده في الحكم، وتسلطه على شؤون الدولة ومفرداتها، حتى ان الرئيس، صار يطمئن قادة الدول الأجنبية المعترضين بشدة على منحه فرصة ولاية ثانية، استناداً لما الزم المالكي به نفسه من تعهدات تفوق كل ما كان يجري تداوله في الاوساط السياسية، ويقدمه باعتباره "مالكي رقم 2"!

المالكي رقم 2، لم يبق بعد ان مسك الولاية الثانية بناجذيه، حتى على ما كان عليه مالكي رقم واحد، بل بات يتصرف متوحداً مع ذاته، مشغولاً بقلب الطاولة على رؤوس الجميع، لاهياً عن جميع ما التزم به، ضارباً عرض الحائط تلك التعهدات والإصلاحات التي رأى واهمٌ مثلي، في تنفيذ ثلثها، إنجازاً للديمقراطية، ونقلة نوعية ستضع العراقيين على شاطئ الامان والرفاه والحرية!

ويبدو ان "عسر" اطلاق الولاية الثانية للمالكي، ومرارة إحساسه بالرفض السياسي العام له، واستعصاء تجاوز المعارضة الشيعية من قطبين مؤثرين، والتحفظ الشديد من مسعود بارزاني الذي ثبت انه كشف سريرته اكثر من الكل دون استثناء، جعله يخطط لكسر التابوات بأي ثمن، حتى اذا اقتضى التضحية بالعملية السياسية، والتوافق الوطني، وأمن البلاد والمواطنين، ووضع العراق على شفى هاوية لا قرار لها، شرط ان يتحقق له مراده في انفتاح ولايات لا تحدها حدود.

هكذا بدأ يُجهزُ بكفاءة نادرة مشهودة له، على كل ما أنجز، على محدوديته وهشاشته منذ إسقاط الدكتاتورية السابقة. وبات يتفنن في اثارة الازمات، وتطويق العملية السياسية بالاستعصاءات، وافراغ البرلمان من اي حول، وتكبيل السلطة القضائية، ورفض إشغال الوزارات الامنية الشاغرة التي التزم بإنهاء شغورها خلال أسابيع، بل ايام. ثم شدد قبضته على كل مفاصل الدولة والحكومة والهيئات المستقلة والبنك المركزي، ولم يترك شاردة ولا واردة دون أن يتحكم فيها، ضارباً عرض الحائط الدستور والقوانين والبرلمان والشركاء..

ونحن على مسافة بضعة أسابيع من إجراء الانتخابات التشريعية، أقدم على فتح نار جهنم على العراقيين، بتحريك الجيش لفض الاعتصام في الانبار وإشعال نيران حرب هوجاء ظاهرها حق مشروع لملاحقة داعش والإرهاب المنفلت والمتعزز بسبب السياسات الهوجاء التي اعادت ملاذاتٍ آمنة الى سابق عهدها عشية اشتعال فتيل الفتنة الطائفية ونذر الحرب الأهلية، ثم تصرف كما لو انه "صاحب العراق" بلا منازع، وقدم فرمانات العفو والمكارم المالية وأنواط الترفيع والشجاعة، وظهر كما لو ان كل ما قاله حول الارهاب وداعش والغربية والاعتصام، مجرد هواء في شبك!

ما كاد يتصور بانه بات قاب قوسين او ادنى من حل عقدة الانبار والفلوجة، حتى فتح ملف النفط في إقليم كردستان، لكنه استخدم هذه المرة، لغة "حافة الحرب" ضد الاقليم وسكانه، متوهماً بذلك، انه يلعب بورقة رابحة هذه المرة، تُنسي العراقيين، والشيعة منهم على الأخص، دلالات فشله الذريع في معالجة ملف الانبار وداعش، وتغطي على الخسائر الجسيمة في الأرواح والممتلكات نتيجة المغامرة الفاشلة، ويستعيد بعضاً من رصيد خسائره بينهم في الانتخابات القادمة.

ما يفعله المالكي اليوم ضد الإقليم، يفوق ما كان يفعله الدكتاتور الأهوج صدام حسين الذي كان يضرب طوقاً من الحصار الاقتصادي على كردستان، لكنه لم يفعل ما يقوم به المالكي، بقطع أرزاق ورواتب المواطنين، في اكثر المراحل توتراً بين الطرفين.

انه يخوض حرباً، ويستدرج البلاد هذه المرة إلى متاهات لا يُدركها، او هو عارفٌ بها، مريدٌ لها لغرض في نفس يعقوب.

السؤال الذي يتطلب جواباً من كل عراقي عاقل يبحث عن خلاص وطنه مما ابتلي به:
تحت اي مسوغ وطني، ودستوري، وموجبات حكم قريب مقدار شعرة من الديمقراطية، يتصرف السيد المالكي في اخطر شؤون البلاد، بهذه الكيفية العبثية المتعارضة كلياً مع الدستور..؟
من أجاز له التصرف المطلق بمستقبل العراق وثرواته وأرواح أبنائه، وأرزاقهم..؟

وحتى يحل استحقاق الدورة الثالثة، ألم يصبح لزاماً على كل مواطن شريف أن يرفع صوته عالياً ويقول للمالكي:
..... من ........، أنت ...!؟


المدى
العدد (3017) 26/2/2014


 


 

free web counter

 

أرشيف المقالات