| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأحد 26/12/ 2010

 

أين نساء العراق من مبدأ التزام الدولة..؟؟؟؟

انتصار الميالي

تعد اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة والمعروفة بـ ( سيداو ) معاهدة دولية معنية بحقوق الانسان. وهي بمثابة لائحة حقوق شاملة للمرأة. تضمن حصولها على المساواة والتحرر من التمييز سواء في الحياة الخاصة أو العامة. كما تتناول الاتفاقية العلاقات المتبادلة بين عوالم المرأة : اسرتها وعملها وثقافتها ودينها الخ. وتقر الاتفاقية بأن مكانة المرأة قد تختلف احيانا في المجتمع بسبب نوعها الاجتماعي وعرقها وقوميتها وطبقتها ومهنتها واسباب اخرى.

كما تحتوي الاتفاقية على جانب مهم اخر وهو انها تؤكد على ان تحقيق الحقوق الانسانية للمرأة يقع على الدول التي تنتمي اليها. والاهم من ذلك وحيث ان معاهدات حقوق الانسان توفر ضمانات – فأن الاتفاقية لايمكن ان تكون أداة مفيدة في يد المرأة بل وخارطة طريق لنا جميعا للتحرك نحو المطالبة بحقوقنا.

وعلى الرغم من أهميتها مامن شك في ان تطبيق الاتفاقية مثّل تحديا مستمرا للمؤيدين لها. ورغم الجهود المستمرة للنهوض بمبادئ المساواة وعدم التمييز فأن انتهاكات حقوق المرأة لازالت واسعة الانتشار في جميع المجتمعات والثقافات وعلاوة على ذلك، فأن هناك حالات لاتقر فيها السياسات الوطنية والقوانين والممارسات الاجتماعية بحقوق المرأة ولذلك فأن هناك حاجة لموازنة الجهود المدافعة عن قضايا حقوق المرأة التي تبرز مع الحاجة الملحة الى رفع وعي المرأة بتلك الحقوق، فالمرأة التي تعي حقوقها الانسانية هي المرأة القادرة على المطالبة بها والوصول الى الانصاف عند تعرضها للتمييز.

ودولة العراق هي احد الدول الاطراف والتي صادقت على الاتفاقية عام 1986 ونشرت في الجريدة الرسمية عام 1992 مع تحفظها على اربعة مواد هي المادة ـ 2 التي تتعلق بحظر التمييز في الدساتير والتشريعات، والمادة ـ 9 المتعلقة بحظر التمييز في قوانين الجنسية، كعدم اجبار الزوجة تغيير جنسيتها عند الزواج من اجنبي، وحق المرأة منح جنسيتها لاولادها اسوة بالرجل، و المادة- 16 المتعلقة بأتخاذ التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الأمور الخاصة بالزواج والعلاقات العائلية . والمادة ـ 29 المتعلقة بالتحكيم بين الدول في حالة نشوب خلاف حول تفسير الاتفاقية أو تطبيقها.

قد يتساءل البعض لماذا قد اكتب مقالا عن سيداو اليوم ولكي لا اكثر من تساؤل القارئ لنفسه أجيب: لأنني بصدد تذكير دولة العراق ودولة السيد المالكي ومجلس النواب الموقر بمبدأ (التزام الدولة).. حينما تصبح احدى البلدان دولة طرف في الاتفاقية فأنها تقبل طوعا مجموعة من الالتزامات القانونية الهادفة الى القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة وضمان المساواة بين الرجل والمرأة على المستوى الاسري. من خلال ذلك، تلتزم الدولة بالتقيد بقيم ومعايير الاتفاقية. وتقدم نفسها للتقصي من قبل لجنة الاتفاقية. وبهذه الطريقة فأن المسؤولية القانونية الدولية تدعم الجهود المبذولة على المستوى الوطني لتشجيع الدولة على النهوض بالحقوق الانسانية للمرأة المنصوص عليها في الاتفاقية وتطبيقها بفعالية من خلال اجراءات قانونية وسياسية.

ومرة فأن الدولة تتعهد بألتزامات بالوسائل وأخرى بالنتائج. وتشير الأقسام الفرعية للمادة الثانية ان الدولة مطالبة بأتخاذ وسائل محددة لضمان التوافق مع الاتفاقية. ولاتقف التزامات الدولة عند هذا الحد وانما يذهب الامر الى ماهو ابعد وبما ان الدولة مطالبة باتخاذ التدابير للقضاء على كافة اشكال التمييز ضد المرأة فهي يتحتم عليها أيضا ان تنظر في كل حالة من الحالات السائدة وان تتبنى اجراءات فعالة تخص كل حالة بهدف تحقيق النتائج أي التحقيق الفعلي لحق المرأة في المساواة وهذا هو الالتزام بالنتائج.

لذا فدولة العراق مطالبة بمبدأ التزام الدولة من حيث واجبات الاحترام والحماية والتحقيق.
ولو نظرنا لتاريخ العراق كدولة مدنية لوجدناه حافلا بتاريخ بطولي لنضالات نساء العراق من اجل الحصول على حقوقهن عبر تأسيس أول منظمة نسوية عراقية هي رابطة الدفاع عن حقوق المرأة (رابطة المرأة العراقية حاليا) ، وساهمن بنضالهن وتضحياتهن في ولادة جمهورية العراق الى جانب نضال اخوتهن الرجال، وواصلن طريق النضال نحو اصدار أول قانون للأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 وتبوأن منصب أول وزيرة في العراق وفي المنطقة العربية هي الدكتورة نزيهة الدليمي..ورغم هذه المكاسب تعرضن لظلم وبطش الدكتاتورية وتحملن السجون والمعتقلات ودفعن أرواحهن فداءا للمبادئ الوطنية، وصمدن بوجه أزلام النظام وصبرن على ويلات الحروب وجور الحصار، وصنعن المستحيل من اجل حماية أسرهن وتربية أطفالهن.

وبعد 2003 كان للحركة النسوية الدور البارز في حماية حقوق المرأة العراقية عندما تظاهرن احتجاجا على قرار 137 فترة مجلس الحكم والذي جاء ليلغي قانون الأحوال الشخصية،، وواصلن مسيرتهن من اجل حفظ حقوق المرأة دستوريا عبر اقرار مبدأ الكوتا في مجلس النواب ، ولم يتوقف نضال المرأة العراقية عند هذا الحد بل واصلت نضالها وضمنت مشاركة المرأة في مجالس المحافظات عبر مذكرات رفعتها شبكة النساء العراقيات للكتل الفائزة تلزمها باشراك النساء بغض النظر عن اصواتهن.

وقبل عام من الان أعلنت الحركة النسوية والمدافعات عن حقوق المرأة تضامنهن وتوحيد جهودهن عبر ( البرنامج الوطني للمرأة ) وأطلقن حملتهن الواسعة من اجل ضمان إشراك النساء في الحكومة العراقية بنسبة لاتقل عن 25% وحصلت الحملة على تأييد واسع وجمعت أكثر من 139000 ألف توقيع شملت رؤساء كتل وقادة أحزاب ونواب وأعضاء مجالس محافظات ورجال دين ووجهاء ورؤساء عشائر ومثقفين وكسبة وطلبة وعمال وفلاحين ومن كلا الجنسين.

وبالرغم من هذا التاريخ النضالي الطويل والتضحيات المتواصلة التي تبذلها نساء العراق من اجل المساهمة في بناء دولة مدنية ديمقراطية نفاجئ بحكومة خاوية خالية من مبدأ الشراكة الحقيقي ومؤكدة على اشد اشكال التمييز ضد المرأة في ألفيتنا الثالثة لشد ما ألمني هذا المشهد في وقت كانت فيه حكومة السيد المالكي تستقبل التهاني باعلان تشكيل الحكومة، وأي حكومة تلك التي يفرح بأعلانها قادة الكتل السياسية الفائزة؟؟؟!!!.

لقد أثلجت صدري تلك الكلمات المخنوقة بمرارة الحدث التي أطلقتها النائبة ئالا الطالباني، وزادتها شجاعة حين تنازلت عن ( وزارة الدمى ) التي ليست سوى دائرة مكتبية تابعة لأمانة مجلس الوزراء لاتأمر بالمعروف ولاتنهي عن منكر فكل مافيها لايقر الى بأمرٍ وقلمٍ ذكوري فهي ليست حتى حقيبة وزارية.

في الدورة الحكومية السابقة كان تمثيل النساء 14% وكان طموحنا ان ترتفع هذه النسبة بما يتناسب وحجم المرأة العراقية وكفاءتها ومكانتها وتضحياتها ونضالاتها المتواصلة ، وهذا طموحنا لم يأتي من فراغ، بل لمسنا تحقيقه مما تتعالت به أصوات اغلب قادة الكتل السياسية في برامجهم وحملاتهم الانتخابية الأخيرة في آذار 2010 عبر شعارات أكدت على حقوق النساء وحماية هذه الحقوق وضمانها.

ومن المضحك في دولة الشعارات الزائفة يتراجع هذا التمثيل الى الصفر حيث لاتمثيل نسوي في حكومة العراق الجديد..عراق المليوني أرملة وخمسة ملايين يتيم حكومة لاتوفر الضمانات لمليوني مطلقة ولاتحمي حقوق ملايين الشابات من خريجات وغير متعلمات وعاطلات عن العمل.
حكومة لا تصغي لاستغاثات ملايين المعنفات بين زواج قسري وقتل تحت مسمى قتل الشرف وأخره الاتجار بالبشر.
في اخر المطاف لا يسعني الا ان اذكر اذا نفعت الذكرى بأن الله في كتابه قال (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا) ( والذين ينقضون عهد الله بعد ميثاقه...).
على الحكومة ومجلس النواب وقادة الكتل ان يلتزموا بما قالوه في الانتخابات وماعاهدوا الناس عليه فأن عدم الوفاء بالعهد هو من صفات المنافقين.

أخيرا نطقت حقا يائالا وتحدثت بصوتنا جميعا كم كنت أتمنى أن يقفن النائبات جميعا قبل دعوتك للبرلمان بالوقوف دعما ومساندة لك أولا، ولمطاليب نساء العراق ثانيا. بوركت الحركة النسوية لقد عملتن بصدق ياحاملات راية شهيدات الحركة النسوية وبذلتن الغالي والنفيس من اجل إرساء أسس الديمقراطية الصحيحة ودعمتن الجهود الساعية لبناء عراق مدني بصدق وأمانة وهذا ماسجلته مشاركتكن في الانتخابات.. نعم ان المرحلة صعبة بما يشوبها من ضبابية ومراهنات وتوافقات طائفية دفعت بالبلاد الى الأسوأ ومزقت لحمة الشعب وفرقت بين الأطياف والأديان وميزت بين الجنسين، وسببت بمقتل الملايين وهجرة الكثير... الا ان المستقبل سيحمل في طياته صفحات مشرقة وان مسيرتنا نحن النساء مستمرة نحو توحيد حركتنا النسوية ونشر الوعي بحقوق المرأة وسنسجل نصرا للحركة النسوية ونصنع دولة توفر الضمانات الحقيقية لنساء العراق تجعل الجميع فيها مسؤول عن حماية حقوق المرأة وسنعيد للساحة مفخرة المرأة العراقية التي لم تغب مهما غيبها الغافلون وسنحفر في ذاكرة الجميع ان نساء العراق هن اساس تقدم البلاد وبناء دولة المؤسسات وسيادة القانون والديمقراطية وحقوق الانسان.


 

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات