| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 26/11/ 2011

 

وماذا بعد الانسحاب .. الامريكي من العراق

رياض البياتي

غادرت معظم القوات الامريكيه العراق ومن المفترض إن يكتمل انسحاب باقي القوات في نهاية هذا العام هذا ما أكده الرئيس أوباما لرئيس الوزراء العراقي في نهاية شهر اكتوبر . لقد تم الأمر تنفيذا لاتفاقيه الآطار الاستراتيجي التي عقدت بين العراق والولايات المتحدة وكان من المفترض إن العراق قد امتلك الحد الأدنى من القدرات التي تمكنه من الدفاع عن نفسه ضد اى تهديد خارجي أو داخلي ولكن التصريحات المربكة والمتناقضة التي أطلقها المسئولين العراقيين حول جاهزيه القوات العراقية كانت سياسية أكثر مما هي مهنيه فالقوى السياسية التي كانت تزايد في تصريحاتها يبدو أنها لم تستمع لرئيس الأركان العراقي وهو يحذر من عدم جاهزيه القوات العراقية وان هناك حاجة لابقاء قوات امريكية وخصوصا قوات جوية وبحرية و جهد استخباراتي ويفترض إن الرجل هو المرجع الذي يعتمد عليه للقرار على أبقاء أو رفض تواجد قوات أمريكية بعد العام 2012 .

لكن من المنطقي إن نسأل لماذا لم تصل القوات العراقية للمستوى الذي يؤهلها للنهوض بواجباتها رغم ألاموال الطائلة التي أنفقت والدعم الأمريكي المفترض . ان السادة الذين تحدثوا عن الحاجة لأبقاء قوات أمريكية هم الذين تصدوا ومنذ سقوط النظام لأعادة تأهيل القوات المسلحة العراقية ويبدو انهم فشلوا في تنفيذ هذا الأمر وهذا طبيعي نظرا لانعدام الخبرة والتأهيل . ان المعضلة الكبرى التي سوف تواجه العراق هي فقدان الدعم الجوى الامريكي مع فقدان كامل للقدرة الجوية العراقية التي دمرت خلال العقدين الماضيين .

إن ما سلم من القدرات الجوية من العام1991 تم نهبه من قبل جهات متخصصة تدرك قيمة المعدات التي تم نهبها إن طائرات الهيوز التي كانت تستخدم من قبل شركة بلاك ووتر لاغراض الحماية كانت على ألارجح طائرات عراقية كانت تستخدم لاغراض تدريب طياري طيران الجيش .........

وهنا سوف أتحدث بلغة المتخصص في القدرة الجوية العراقية خبرة استمرت لاكثر من ثلاثة عقود أنتجت خيرة طياري وضباط الركن الجويين خصوصا وساهمت بتدريب ضباط الركن البريين والبحريين وعندما أتحدث ارجو إن لا يفهم الأمر وكأني ادعو لبقاء القوات الامريكيه بل أني اعتقد إن مغادرة القوات الامريكيه للعراق يخدم العراق والولايات المتحدة.

إن انسحاب الأمريكان سوف يجعل العراق مكشوفا وبشكل كامل فلا سيطرة للعراق على مجاله الجوي فهو لا يمتلك إي من وسائل الدفاع الجوي سواء الفعال منها أو السلبي وحتى إن امتلك رادارات للسيطرة على السابلة الجوية المدنية وهذا ما يفترض وجوده مع وجود طيران مدني والتي يمكن إن ترصد النشاطات الجوية غير المصرح بها فهذا لا يعني شيئا بل هو توريط للحكومة العراقية بأمور لا تستطيع إن تتعامل معها فالدفاع الجوي هو وحدة متكاملة فمرحلة الكشف تعقبها مرحلة المعالجة ولا قيمة لأي مرحلة بدون الاخرى فهما متلازمان وهذا لا يعنى إن من الضروري استخدام القوة مع الاهداف غير المصرح عنها التي تخترق الاجواء العراقية بل يجب التعرف على هذه الاهداف اولا لكي يتم التعامل مع مصادرها إن عرفت لاحقا سواء عبر القنوات الدبلوماسية أو غيرها .

إن من الواضح إن المجال الجوي العراقي سوف يكون مفتوحا لكل دول الجوار وأسرائيل بالخصوص التي تمتلك الامكانيات الفنية للوصول الي اى نقطة داخل العراق وهنا لا أذيع سرا إن اسرائيل رغم الامكانيات الضخمة التي كان يمتلكها العراق في هذا المجال في الثمانينات استمرت بعمليات استطلاع جوي للعراق بشكل منتظم وكانت تصل الي الضفة الغربية لنهر الفرات وقد تكبد العراق عددا من الخسائر نتيجة للاشتباكات التي حصلت حيث سقطت احدى الطائرات العراقية داخل الاراضي السعودية التي لا يعقل أنها لا تعلم بهذه العمليات حيث إن طائرات ألانذار والسيطرة المحمولة جوا (AWACS )كانت تكشف كامل المجال الجوي العراقي . نحن لا نعرف ماذا جرى في المجال الجوى العراقي خلال السنوات المنصرمة ولكن حديث قائد القوة الجوية الامريكيه في العراق عند تسليم قاعدة بلد للجانب العراقي والذي ذكر فيه إن هذه القاعدة كانت تنفذ 2600 طلعة يوميا يوضح حجم الجهد الجوي الامريكي المستخدم في العراق وأذا افترضنا إن الأمريكان كانوا يوجهون خمسة بألمئه من هذا الجهد لمكافحة الإرهاب سواء كأسناد ناري مباشر أو استطلاع فان فقدان هذا الجهد سوف يؤدي إلا خلل كبير في عملية مكافحة الارهاب.

اننا سوف نفترض إن ما تمكنت الولايات المتحدة من الحصول عليه من معلومات تتعلق بإيران قد جرى تمريرها فعلا الي اسرائيل وليس من المستغرب إن يساهم طيارين من اسرائيل بعمليات استطلاع من هذه القاعدة والتي هي اقرب القواعد العراقية الى أيران و اذا كانت عملية قصف المنشاة الإيرانية الذرية تمثل تحديا كبيرا للمخطط الاسرائيلي فأن الانسحاب الأمريكي سوف يسهل من هذه المهمة بشكل كبير و اذا كان انتشار الاهداف الذرية الإيرانية معضلة كبيرة فعلى الأقل إن الاهداف التي تقع الي شرق العراق وشمال إيران سوف تكون اهداف سهلة نسبيا وبمخاطر محدودة .

ومن الواضح إن القوة الجوية الإيرانية لا تمتلك لا الطائرات ولا شبكات دفاع جوي حديثة قادرة على التصدي لطائرات ف 22 الحديثة التي تمتلكها اسرائيل ناهيك عن السيطرة على المجال الجوي العراقي المفتوح والمتاح للجميع .ان الحديث عن الانتصار الإيراني الذي اجبر الأمريكان على الخروج من العراق قد يصبح كارثة كبيرة لن تنحصر تداعياتها بالضربة نفسها بل ما يعقب الضربة ولن يكون العراق بمنجى من هذه التداعيات لقد كانت القوات البرية للولايات المتحدة في العراق ضمانة كبيرة لايران حيث إن الرد الإيراني سوف يستهدف هذه القوات بكل الوسائل المتاحة وهو ما كانت تخشاه الولايات المتحدة .

أن إيران تمتلك خيارات متنوعة على الساحة العراقية يمكن ان تكبد الولايات المتحدة خسائر كبيرة قد لا يقبلها الشارع الامريكي إن هذا ما كان يدفع الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل للتوقف عن قصف المنشأة الذرية الإيرانية .

ان الانسحاب من العراق لم يترك المجال الجوي مفتوحا فقط بل ترك القوات البرية العراقية بدون الدعم الناري الاضطراري الكثيف الذي قد تحتاجه العمليات البرية رغم إن تكتيكات القاعدة التي تتخذ من المدن العراقية ساحة لعملياتها حاليا قد يجعل هذه الحاجة محدودة ولكن القاعدة أنما لجأت للعمل داخل المدن العراقية تجنبا للقدرات الجوية الامريكيه التي لا تمتلك الأدوات اللازمة لمواجهتها وعند زوال هذا الخطر من المحتمل إن تعود لاستخدامه مرة أخرى مما يوسع من مساحة العمليات العسكرية.

إن عمليات مكافحة التسلل واستطلاع الحدود سوف تتأثر بشكل كبير مما يسمح لمزيد من الانفلات على الحدود المشتركة وخصوصا الحدود السورية التي تنشغل ألان بهم داخلي كبير . أما في الجانب البحري من الواضح إن القوة البحرية لا تمتلك القدرات التي تمتلكها دول الجوار والتحدي ألان بدون الدعم الامريكي المباشر هل تستطيع هذه القوة من التعامل مع عمليات القرصنة واستهداف منشأة تحميل النفط العراقي . إن تصدير النفط هو شريان الحياة بالنسبة للعراق .

كان يمكن إن تحل الكثير من هذه ألاشكالات لو أديرت عملية تأهيل القوة الجوية العراقية من قبل عناصر محترفة غير مسيسه وكان يمكن لهذه القوة إن تؤمن الدعم اللازم للقوات البرية والبحرية ولانتفت الحاجة للقوات الجوية الامريكيه في هذا الجانب .

إن السلاح الجوي هو القادر على تأمين الدعم السريع والنيران الكثيفة للسلاح البري والبحري .ان الصورة تبدو قاتمة جدا والسؤال لماذا انصرمت ثمانية أعوام منذ سقوط النظام السابق ولم تتخذ الخطوات اللازمة لملئ الفراغ الأمني الذي يحصل ؟ أليس هذا استخفاف بسلامة العراق وابنائه ؟؟
 

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات