| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 26/9/ 2009

 

هموم الجالية العراقية في الدنمارك

سعدي ميران

لم تمض عدة اسابيع على حادثة ابعاد بعض طالبي اللجوء العراقيين الى العراق رغم بقائهم لسنوات طويلة في الدنمارك ,ورغم تدخل الكثير من المنظمات الانسانية ومطالبتها بان تحل المشكلة بطريقة اكثر انسانية . من ضمن هذه المنظمات منظمة مساعدة اللاجئين الدنماركية التي اقامت حفلاً جماهيرياً كبيراً في ساحة البلدية في كوبنهاكن .

وحشدت له مجموعة من المهتمين والمتعاطفين معنا من الشخصيات السياسية والاجتماعية , وكثير من الفنانين القديرين الذين تطوعوا لهذه المهمة الانسانية, والتي لم يعرها ابناء الجالية اهتماما كبيرا ولم يحضر للأسف الى هذا التجمع سوى مجموعة من الاطفال وعدد قليل جدا جدا من الكبار, مما ادى الى فشل هذا التجمع الذي بذلت جهود كثيرة لتحضيره عبر وسائل الاعلام والاتصالات الشخصية. مما اعطى انطباعا للحكومة ان هذا التحشيد ليس له فاعلية تذكر, ولم تتراخ في موقفها المتصلب ازاء طالبي اللجوء العراقيين.وقد بذل كثير من الجهود التي جاءت متأخرة للاسف بعد الاعتصام في الكنيسة في شارع النوربغو ولم تجد نفعا, اقول لم تمض عدة اسابيع على كل ذلك ، حتى بدأت مرحلة جديدة من التصعيد عن طريق الصحافة هذه المرة في كشف كثير من الامور السلبية التي زادت من اوجاعنا وكثرة همومنا .فلم يعد يكفينا هم الغربة ومصاعبها وهم الاندماج والتأقلم وصعوبة اللغة, حيث انطلقت حملة لاثارة الرأي العام الدنماركي ضدنا عبر صحافته الباحثة عن ما نسميه بالفضائح لتزيد من بلوانا فوق ما ابتلينا به من قوانين متشددة وضعتها الحكومة اليمينية ضد اللاجئين وتعسيرها للشروط التي تتيح للمغترب الحصول على اقامة دائمية , او الجنسية بطريقة سلسة وبدون تعقيدات مثلما كان الامر سابقا.

الملاحظ انهم صاروا اكثر تركيزا علينا كأن شاغلهم هو الجالية العراقية في الدنمارك, فراحوا يراقبونا ويفتشون بدقة وشمولية وبطريقة احترافية لكشف الخطأ والسلبيات ما بين ابناء الجالية.وبدايتهم كانت مع عراقيين يتبوأون الان مراكز مهمة في الدولة العراقية الجديدة بعد السقوط. منهم المستشار وعضو البرلمان حتى وصلوا الى موظفي السفارة العراقية في الدنمارك , الله اعلم بمن سينتهون.

مما يؤسف له ان اتهاماتهم فيها جانب من الصحة بدلالة الوثائق والادلة التي كشفوها مما يربك المعني بالامر او الشخص غير المعني مما يجعلنا في حيرة من امرنا ويجعلنا نتساءل هل ستنعكس الاعمال السلبية التي قام بها بعضهم علينا؟ .ربما نعم.

ان الصيغة التي بدأ الاعلام الدنماركي يركز عليها هي الغش الاجتماعي والذي يثير في نفس المواطن الدنماركي الغضب والامتعاض , وهو الذي يعيش في بلد الرفاهية الاول المبني على اساس التكافل الاجتماعي, والذي قبل به ان يدفع ضرائب عالية, مقابل ان تعود اليه على شكل خدمات اجتماعية تؤمن له وللاجيال القادمة عيشاً كريماً وعدم الخوف من مستقبل مجهول ، لكن الكثير من ابناء الجالية العراقية لم يعوا ما في هذا النظام الاجتماعي من فوائد وذلك لضعف اندماجهم في منظومة المجتمع الدنماركي (لا اعني الانصهار والتخلي عن التراث او الدين) وكذلك قلة معرفتهم لفوائد النظام الاجتماعي الديمقراطي الذي يعيشون في ظله, مما حدا ببعض الاشخاص عن دراية أوعن عدم دراية الى استغلال نظام التكافل الاجتماعي لمصالحهم الشخصية والانانية السلبية مما جر على عموم الجالية العراقية السخط والنظر اليهم بعين الريبة والشك من قبل المواطن الدنماركي العادي رغم ان الجميع يعرف انها حالات فردية تحدث حتى في المجتمع الدنماركي نفسه.

ان سلسلة الفضائح التي مست اناساً لهم وجودهم في الدولة العراقية , واحتضنتهم الدنمارك وأوتهم بعد ان كانوا مضطهدين بدلا من ان يشكروا هذا البلد راحوا يمسون جزءً من قدسية المجتمع الدنماركي ويضعوا انفسهم تحت بند الغش الاجتماعي.

مما حدا بالكثيرين من العوائل الدنماركية والاصدقاء ممن ايدوا قضيتنا ودافعوا عن حقوقنا وبذلوا الجهد في مؤازرتنا ووقفوا مواقف مشرفة في الدفاع عن حقنا في العيش الكريم حيث اضطرتنا ظروف القهر الدكتاتوري للجوء الى الدنمارك واتخاذها ملجأ آمناً يحمينا ويؤينا مع عوائلنا مع توفير العيش اللائق يشعرنا كبشر لنا قيمنا الانسانية التي يجب ان تراعى. مع الاسف اختلفت هذه النظرة وحلت مكانها نظرة الشك والريبة , وصرنا موضع مراقبة وتساؤل .

ولا ننسى ان الدولة في المجتمع الدنماركي هي جزء من منظومة المجتمع ,هو الذي اختارها وايد برامجها واتفق على انتخابها ويستطيع المجتمع ان يسقطها ويأتي بغيرها اذا هي لم تلتزم بوعودها وسياستها التي اعلنتها.

واعتقد ان كثيرين ممن صوّتوا للحكومة اليمينية جاء تصويتهم بسبب تذمرهم من اوضاع الاجانب الذين استفادوا من نظام الحماية الاجتماعية دون ان يساهموا في تقديم الخدمة المرتجاة منهم في العمل على تعزيز وضع البلد الاقتصادي والمساهمة الجادة والفعلية في سوق العمل هذا قبل الازمة المالية العاصفة بالطبع.

وكما قلت ان الدولة جزء من منظومة المجتمع, فان المواطن العادي هو العين الساهرة على امن المجتمع فلا داعي لان تضخم الاجهزة الرقابية في مجالات عدة فالمواطن العادي يعتبر نفسه جزءً من هذه المنظومة الرقابية الشعبية والذي لا يقبل ان يخترق القانون اي شخص كان حفاظاً على مكتسباتهم ومنجزاتهم التي يفخرون بها .

المعروف عن المواطن العراقي انه عامل نشيط ودؤوب ومبدع ومتمسك بقيم الاصالة والشرف والنخوة والاعتزاز بالنفس. وهو يحب العشرة والتجمع وعدم الانغلاق. لذا اسس ابناء الجالية العراقية كثير من الجمعيات والمنتديات للم شمل الجالية وتقريبها من بعضها لتتواصل فيما بينها كسرا لضروف الغربة الصعبة. لكن من المؤسف له ان تأثيرات الوضع في داخل الوطن من التشرذم والتفرق على اسس لم يعرفها العراقيين من قبل قد انعكست على وضع الجالية في الدانمارك. مما أفقدنا ميزة ضرورية لنا ونحن نعيش في الغربة الا وهي وحدة الموقف خصوصا اذا ادركنا خطر المواقف العدائية لنا كمجموع وليس كافراد. فليس يرضينا ان يقوم بعضهم باعمال سلبية تنعكس آثارها علينا جميعاً ونتحمل نتائجها ومصاعبها كنوع من العقاب الجماعي المؤثر علينا كمجموع وليس كأشخاص مثلما حدث في قضية الشروط المححفة للحصول على الجنسية ,او الدعوات المستعرة في مراجعة قضايا المتقاعدين التي يطلقها بعض السياسيين في الاحزاب اليمينية داخل الحكومة. فنحن لا نرغب ان يقوم بعض الانانيين بالاستفادة من نظام المعونة الاجتماعية والتهرب من الضرائب لكي ينعكس علينا سوء فعلهم وغرابة تصرفاتهم المقيته التي تضعنا جميعاً في موضع شك او بين قوسين سواء بالنسبة للحكومة او المواطن الدنماركي .

والتي تبنى على اساسها احكام جاهزة مجحفة بحقنا تزيد من عزلتنا وانغلاقنا وتغلق الابواب بوجهنا سواء في أعمالنا او اثناء مراجعاتنا للبلدية في قضايانا الخاصة لتزداد العراقيل امامنا وتعطل مصالحنا وتغلق بوجهنا الابواب,

لذا اقترح جملة من المقترحات التي قد تفيدنا في تغيير الصورة ايجابيا اكثر امام الصورة المشوهة التي يحاول ان يرسمها عنا بعض المتطرفين المتشددين لينهشوا فينا ونحن نتفرج.

1- الدمج الاجتماعي حيث انه الاساس السليم ليرسم صورة اكثر ايجابية عنا فان روح الانعزالية والانفراد لا تخدمنا واعني بالدمج هو التعرف على القوانين والانظمة المتبعة في الدنمارك وكذلك على مجموعة القيم الاجتماعية العامة والسلوك لهذا المجتمع مما يساعدنا على فهمها و تجاوز الكثير من الاخطاء ولا اعتقد ان المجتمع الدنماركي سيبخل علينا في ذلك اذا ما رغبنا في ذلك مع احتفاظنا بخصوصيتنا واصالتنا وتراثنا

2- تكوين الجمعيات الثقافية والاجتماعية التي تكسر عزلتنا وتتيح لنا التجمع والتواصل فيما بيننا. وهذا له فائدته في التعرف على كثير من الامور التي تهم المغترب وتعرفه بطريقة غير مباشرة على المستجدات والقوانين والاخبار في المجتمع الذي يعيش فيه.

3- من الافضل ان تشجع الجمعيات والمنظمات الاجتماعية اكبر عدد ممكن من ابناء الجالية على الانتماء لمثل تلك التجمعات, والعمل على اسس الديمقراطية واحترام المبادرة وحرية الرأي والتعبير. وان تضع تلك الجمعيات جزءً من برامجها اطلاع المغترب على بعض القوانين والانظمة التي تخصهم للعلم بها ودرءً للوقوع في الخطأ .

4- وخوفا من الانعزال والتخندق يفضل ان يكون هناك تنسيق وتعاون بين الجمعيات, على اسس اجتماعية بعيدا عن التخندقات والمسميات ,هدفها خدمة الجالية ككل وليس فئة محددة منهم, مما يقرب المسافات بيننا ويبعد عنا التشاحن. وارجو ان يكون ما يمكن تسميته اتحاد عام لتلك الجمعيات تعمل في ظله مع احتفاضها باستقلاليتها لتنسيق المواقف والتعاون المشترك.

5- يمكن للعراقيين الساكنين في اي بلدية تكوين الجمعية أو التجمع الخاص بهم والاستفادة من الفقرة 18 في قانون البلديات الذي يتيح لهم الموارد التي تساعدهم في اقامة نشاطاتهم الاجتماعية او الفقرة 115, وهي مساهمات تدفعها البلديات في مجال العمل الاجتماعي التطوعي.

واخيرا علينا ان لن نعرف ان للاجانب وجود حقيقي في الدنمارك على المستوى العام لكنه ضعيف على المستوى السياسي, حيث القليل منهم اعضاء في مجالس البلديات او اعضاء في البرلمان تم انتخابهم في ظل انتمائهم لاحزاب سياسية معروفة لم تركز برامجها على الدفاع عن حقوق الجاليات الاجنبية , انما يخضعون لبرامج الاحزاب التي ينتمون اليها, التي لا تتيح لهم الدفاع المباشر عن حقوق الاجانب, وترى بعضهم يغيروا انتماءاتهم الحزبية بين هذا وذاك من الاحزاب . وقد اشارت الصحافة الدنماركية في الانتخابات الاخيرة الى العدد القليل من الاصول غير الدنماركية الذين وصلوا الى مقاعد البرلمان وكتبت , ان عدد الذين رشحوا انفسهم في الانتخابات الاخيرة اقل من المرشحين في الانتخابات التي سبقتها. ولكي نعزز مواقفنا على المستوى التشريعي وايصال صوتنا عبر البرلمان, ارى من الممكن ان تزج جهود جاليتنا والجاليات الاخرى في ترشيح من يمثلنا في البرلمان اذا ما تظافرت الجهود لذلك علما ان عدد اصواتنا تتيح مثل ذلك, ومن الممكن ان تقوم الجمعيات العراقية ومجلسها الموحد او مجلس الجالية العراقية عبر جهود مشتركة لاختيار الشخص او الاشخاص الذين يمكن ان يكونوا ممثلين لنا يدافعون عن مصالحنا , ويتصدون عبر هذا المنبر للاصوات النشاز التي تدعو الى التضييق علينا وليكونوا معبرين في الحقيقة عن مواقفنا وآرائنا والدفاع عن حقوقنا.

 


بلدية رنكوبنك - سكيرن
 




 

free web counter

 

أرشيف المقالات