| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 26/1/ 2013

 

لا شيء فوق العراق

رحمن خضير عباس

كانت دمعة مظهر محمد صالح مضرجة بالحزن والمرارة . تلك الدمعة التي لم يتمكن من حبسها في عينيه المتعبتين. وهو يخرج من اعتقال غير قانوني وغير دستوري . كانت التهمة الموجهة اليه غير مفهومة في فحواها (الأضرار بالمال العام ..) ولو جعلنا من هذه العبارة مسطرة للأعتقال لغصت المعتقلات بكبار المسؤلين من وزراء ونواب وحاشيتهم وجيوش موظفيهم . كانت دمعته ترثي عراقا كاملا , وتبكي على ضياعه وسقوطه بين براثن الأعداء والأميين والمتعصبين واللاهثين وراء المال والسلطة . لقد بكينا كثيرا لدمعته الساخنة , وكأننا نسترجع واياه ما قاله شاعرنا السياب ( فلتبكين على العراق .. فما لديك سوى الدموع ) .

حينما شاهدناه وهو يخرج من معتقله , شعرنا ببؤس ما نحن فيه . حيث ان اعتقاله كان اهانة متعمدة الى كل الكفاءات العراقية المخلصة لوطنها . ومعاملته بهذه الطريقة ماهي الا صفعة لكل الأكاديميين من عراقيي الداخل الذين هُمِشوا , اومن عراقيي الخارج الذين انتشروا في ارض الله الواسعة . من اقتصاديين واطباء وصيادلة وفيزياويين ومهندسين وادباء وشعراء وباحثين وفنانين وصحفيين .. الخ. ولقد شهد لهم العالم في قدراتهم وعبقريتهم , والمعمارية المبدعة ( زها حديد ) مثال على ذالك كما تبوأ الكثير منهم مراكز كبيرة في كل مفاصل الحياة في الشرق وفي الغرب فلو ترك الأطباء العراقييون وظائفهم في انكلترا , لتعرضت لكارثة طبية .

لقد كان مظهر شجاعا في موقفه , فرغم انه يعلم ان القضاء العراقي مسيس و تابع لأمر سلاطين السياسة الجدد , الأ انه تقدم بخطوات ثابتة مسلما نفسه , متحملا اعتقالا لايتميز بالمواصفات العادلة . حيث من المفترض ان يخرج بكفالة بعد يوم او يومين . ولكنهم ابقوه اكثر من شهر في معتقل من معتقلات بغداد غير مكترثين بصحته وسنه ومكانته , ولولا موقف الكثير من العراقيين الشرفاء من صحفيين ومثقفين واكاديميين لبقي مظهر معتقلا الى هذه اللحظة .

كانت كلماته وهو يغادر المعتقل تنمّ عن وعي وحكمة . فقد تذكر الأستاذ فاضل الجمالي . الذي لم يشفع له علمه ووطنيته ان يهان ويعتقل وتوجه اليه اشد الأتهامات بالعمالة والخيانة . وكأن الأستاذ مظهر يريد ان يقول بان اختلال المعايير , وانهيار الأخلاق , وتدني الحاسة الوطنية , يؤدي الى جعل النخب العلمية يتيمة على موائد من تسلقوا السلالم السياسية والأجتماعية .

لقد اعتبر سلوك السلطة إزاءه جزءا من قواميس الحياة وتحركاتها في مدّها وجزرها حينما قال (هذه هي الحياة) وقد توّج عباراته الرائعة بكلمة لا يمكن لنا ان ننساها (لاشيء فوق العراق) ونحن نردد معه .. لاشيء فوق العراق

لقد كان لمظهر الفضل الكبير في إطفاء الديون العراقية في نادي باريس , حيث استطاع ان يقنع الدائنين بان اسقاط ديونهم عن العراق لايساهم في انقاذ العراق فحسب . وانما ستكون الفائدة للعالم ايضا . لأنّ ازدهار العراق وتخلصه من ديونه سيوفر دينامية جديدة للأقتصاد العالمي . كما ان الأستاذ مظهر المهندس الحقيقي لأنقاذ الدينار العراقي وجعل سعره يميل الى الثبات . لقد تعرض مظهر والشبيبي وكل المخلصين من الكفاءات الأقتصادية الى ضغوط كبيرة من قبل مافيات المال والسلطة . ولكنهم صمدوا في موقفهم مما دعا الحكومة الى اخراج مذكرة اعتقال بحق الشبيبي ومظهر بدعوى الأضرار المتعمد بالمال العام .

إنّ العراقيين الشرفاء سيقفون بوجه التيارات التي تريد سرقة الوطن وتدميره . إنّها معركة طويلة غير متكافئة . ولكن النصر سيكون مع المخلصين للوطن , ولايصحُّ الاّ الصحيح .
 


اوتاوا 24/01/2013
 

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات