| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الخميس 25/8/ 2011                                                                                                   

 

ماذا لو كان الصومال في كوردستان وكوردستان في الصومال !؟

مير ئاكره يي *

تابعنا أول من أمس ، كما تابع غيرنا زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وعقيلته وثلاثة من وزرائه ، بينهم وزير خارجيته أحمد أوغلو وعدد من رجال الأعمال الأتراك ، مع 600 طن من الماد الغذائية والاغاثية الى الصومال المنكوب . هذا البلد الأفريقي الفاشل على صعيد الدولة هو غارق – للأسف الشديد – في مآسي الاقتتال الداخلي والتخلف الرهيب والجفاف والتصحر والمجاعات الكارثية المتوالية ، حيث انها أدت ومازالت تفترس أرواح الكثير من الصوماليين وغير الصوماليين في القرن الأفريقي المظلم بشكل عام للأسى البالغ ، فحط هؤلاء رحالهم في العاصمة مقديشو ! .

بالنسبة لهذه الزيارة ليس لنا مبدئيا أيّ إشكال عليها ، بل بالعكس على المسلم إغاثة أخه المسلم ، أو أخاه الانسان عموما بغض النظر عن معتقده ولونه وجنسه وعرقه وتقديم الدعم والاغاثة له اذا ماكان في فاقة عسيرة ، أو اذا كان في كارثة شديدة .

لكن هل حقا إن الزيارة التركية للصومال كانت نواياها اسلامية وإنسانية ، لأن واقع الحال يُكَذّب ويرفض بشدة الازدواجية الفظة لأردوغان وحكومته ؟ . والسبب هو كان على الحكومة التركية ، وفي مقدمتها رئيس جمهوريتها عبدالله غول ورئيس وزرائها أردوغان الإلتفات أولا من هم أقرب جغرافيا للتعامل معهم على أساس العدل والانصاف والحق وهم الكورد في شمال وطنه ، ومن ثم الالتفات نحو البعيد فالأبعد لإغاثته في محنته كي تكون الاغاثة محلا للصدقية والمصداقية كما يقول القرآن الكريم : { والأقربون أولى بالمعروف } . والأقربون هنا بمعنيين هما القرابة من حيث الجغرافيا ، ثم القرابة النسبية إذن ، ماهو المعنى من إغاثة تركيا للصوماليين في الصومال وفرض الحرب على الكورد في كوردستان وذبحهم وتشريدهم في وقت واحد ؟ ، ألا يدل كل الدلالة على الكذب الصارخ والنفاق الفاضح للحكومة التركية !؟

لذا فمن كبرى المفارقات والتناقضات هو الازدواجية المُقيتة لرئيس الورزاء التركي والحكومة التركية بشكل عام هو زيارته الاغاثية – الإحيائية للجوعى في الصومال ، وفي ذات التوقيت أيضا إصدار أوامره الموتية لجيشه وقواته المسلحة وطائراته المقاتلة المدمرة بقصف الشعب الكوردي في وطنه كوردستان . وقد ذهب ضحية هذا القصف الجوي للمقاتلات التركية المئات من المدنيين الكورد بين قتيل وجريح من النساء والأطفال والرجال العزل ، الى جانب التشريد للمواطنين الكورد والأضرار المادية التي لحقت بهم ، وإن كل هذا الدمار والقتل والموت الذي لحق بالكورد من جانب الحكومة التركية قد تم في هذا الشهر الفضيل ؛ شهر رمضان المبارك . وذلك بحجة ضرب الثوار الكورد من حزب العمال الكوردستاني . مع أن هذا الحرب قد أعلن مرات عديدة ، ومن جانب واحد وقف إطلاق النار ومناشدة الحكومة التركية بالتفاوض والحوار الحضاري بغية حل قضية الكورد المشروعة سلميا ، وعلى أساس الحق والعدل ، لكن الحكومة التركية كانت دائما السباقة في رفض وقف إطلاق النار ، وفي شن الحرب وفرضها على الشعب الكوردي المسالم !!! .

على هذا نتساءل : لو كان الصومال جغرافيا مكان كوردستان ، وكانت كوردستان جغرافيا مكان الصومال هل كانت الحكومة التركية تُغيث الصوماليين وتقدم لهم المساعدات والمعونات الاغاثية والغذائية !؟

لاريب إن الجواب واضح كل الوضوح حيث إنه يكمن في الواقع الحالي الجغرافي لكل من الصومال المظلومة وكوردستان المغدورة ، ثم في تلك الحال لأقدمت تركيا على إغاثة كوردستان فيما لو كانت محل الصومال في أفريقيا كما جاء في تساؤلنا الافتراضي ، وبالمقابل لشنت تركيا – كما هو واقع حالها مع الكورد – الحرب المدمرة والوحشية على الصوماليين فيما لو كانوا محل الكورد جغرافيا في كوردستان ، مثلما هو واقع الحال الذي يشاهده ويتابعه العالم كله !!! .

إذن ، فإن ماقامت به الحكومة التركية من عملية الإغاثة للصوماليين في الصومال ، ثم ضرب الكورد في كوردستان وشن الحرب التدميرية عليهم في آن واحد ، وفي توقيت واحد لا يدل إلاّ على الازدواجية العظمى للحكومة التركية الحالية ونفاقها الكبير في السياسة والممارسة ، وفي الدين والتدين والفكر ! .



* كاتب بالشؤون الاسلامية والكوردستانية

free web counter

 

أرشيف المقالات