| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الثلاثاء 25/1/ 2011

     

 ثورة تونس
قراءة أولية

كامل الجباري

لقد شهد التاريخ ثورات عظيمة تركت أثارها وبصماتها على العالم . ويمكننا الإشارة إلى الثورة الفرنسية وثورة أكتوبر الاشتراكية ، باعتبارهما الثورتين اللتين رسمتا الاتجاهات التي سارت على منوالهما الإحداث في الكثير من دول العالم لعقود طويلة ولربما لقرون من الزمن .

نأتي هنا على الثورة التونسية التي يبدو من سير أحداثها بأنها الثورة المتميزة الثالثة التي سيكون لها تأثير مشابه للثورتين الانفتي الذكر . أني أرى إنها الثورة الأقرب للثورة الاجتماعية التي تنبأ بها (ماركس) والتي وصفها بأنها الثورة التي لا يخلقها حزب أو عصبة من الرجال مهما كانوا متحمسين وذوي عزم ، كونها نتاج "موقف ثوري ينتج من عدة عوامل : تذمر مزمن ، وانقسام بين أعضاء الطبقة الحاكمة مع انفصال قطاعات مهمة عنها ، كذلك تكرار الأزمات بمعدل متزايد ، إضرابات وشغب ومظاهرات ضخمة ، ثم انهيار النظام القديم نهائياً .

الملاحظة المهمة جداً لنجاح الثورة ، كما قال : إن الثورة لا يمكن أن تنجح حتى تقتنع الجماهير بأنها لا تريد النظام القديم ويثبت الحكام إنهم عاجزون عن الحكم ، وهذا ما يحدث الآن في تونس .

إن الطبيعة الاجتماعية لثورة تونس وطبيعة شعاراتها المعبرة عن ذلك : الخبز ، العمل ، الحرية والكرامة ، العدالة ، التي ربطتها بالإطاحة بالنظام القديم وكافة رموزه تمثل ربطاً جدلياً واستلهاماً ذكياً لطبيعة الأزمة والأهداف المرجوة الانجاز ، وكذلك فأنها تمثل وعياً متقدماً لنقض نظام أدت طبيعته البنيوية ، وليس شخصاً بعينه ، إلى ما آل أليه الوضع من أفق مسدود للحياة السياسية والاجتماعية . ومن هنا يمكننا فهم أسباب الإصرار الجماهيري على الوصول بالثورة إلى نقض النظام القديم وبناء نظام جديد محله .

إن المطالب الجذرية المرفوعة هي مطالب حقيقية ملحة أدركها الوعي الجمعي للجماهير وإن إصرارها العظيم على طرحها بقوة واستمرارية ناتج عن وعي مدرك بأن على الثورة أن تهيكل مطالبها على أرض الواقع في ضل إلغاء الاستنكافية السياسية للجماهير وحضورها بقوة في الشارع وهي تدرك إن الحلول الوسطية مثل الحكومة الانتقالية الحالية هي محاولة التفاف على ثورتها وهنا يجب أن يبرز دور القوى الفاعلة الحية للإسراع بتمكين الجماهير من إيجاد مجلس تأسيسي وحكومة انتقالية حقيقية لتصريف شؤون الدولة وإنجاز مشروع دستور وقوانين تهيأ لانتخابات عامة تناقش هذا الدستور وتقره . ويمكن للمراقب ملاحظة حجم المطالبة بإسقاط الحكومة الانتقالية من دون توصل القوى والفعاليات الحية إلى آلية محددة لتحقيق ذلك .

هنا أسمح لنفسي بالتحذير من هذه الحالة الشللية الخطيرة في هذه اللحظة التاريخية فأن الزمن أذا ما طال بهذا الوضع فأنه سيسمح لقوى النظام القديم بالتعاون مع القوى الإقليمية والدولية المتضررة من الثورة باستعادة توازنها والعمل على احتواء الثورة وإجهاضها .

free web counter

 

أرشيف المقالات