| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 25/12/ 2009



خالد أيها الصديق...وداعا

أبو فادي

مثل موت خالد بطي في 31 تشرين الأول صدمة،و فجيعة: صدمه لرحيله المبكر.. وفجيعة لطريقة رحيله (مات وحيدا على كرسيه وتقرير الطبيب الشرعي أكد إن موته كان قبل ثلاثة أيام )... إن رحيل خالد ترك (غصة ): مره بسبب هدا الرحيل (الغريب)..ومره أخرى غصة لخسارته ستتحول إلى حسره لفراق صديق.

بعد ثلاثة أيام ’كانت جنازته أول جنازة لشخص وحيد شهدتها لندن ’ مشى خلفه بضعة أصدقاء ووري الثرى دون عزاء.

من الحلة عرفته ’ يدرس الرياضيات ويحبه طلبته حد العشق’ إلى تندوف المدينة التي تقع في عمق صحراء الجزائر’ ظلت الرياضيات تبعد عنه قسوة مدينه ’ وعواصف الرمل أليوميه .

لقد فقد في أيامه الاخيره عفويته القديمة ’ وانقلب من رفيق يبث الشكوى إلى كتوم معاند ’ لم يضع أبدا يوما ما موعدا للقاء صديق ’ لأنه يريد ترك فكرة لقاء صديق للصدفة. وحين تلاحقه وحدته ’ وحيرته لكل ما حوله ’ يغادر شقته بنزهة في شوارع لندن المكتظة ’ لكي يضيع هناك في زحمة محلات وأسواق هائلة ’ يتنزه أمام جميع المحلات دون أن يكترث لأي منها.

اختفت روح الالفه لديه مع الزمن ’ ذهب بها ضجيج لندن ’ وحمى الولع بالرياضيات ’ وتغيرت حاله ’ فانقلب من أنيق جذاب ’ إلى شبه متشرد يهمل لباسه ’ وحين يلتقي صديقا بالصدفة ’ صديق من بين قلائل جربوا أن لا يقطعوا معه الصلة ’ يحاول أن يقنعه أن يعيره سترته لأنه عدا ذلك فهو لن يقبل أن يأخذ سترة صديقه حتى لو كانت سترته مهترئه ’ لقد ورث إباء عائلته وبقي أهلا له حتى موته ’ وهو يدرك إن ستره رثه ليست أكثر حطه من سلوك رث لكثيرين .

لقد حطمت الوحدة صوته ’ لهدا فهو يستعمل يديه ’ التي تشكل مع صوته صورة الأشياء التي يريد قولها. كان يطحن الكلمات في فمه طحناً فتوحي لك حتى في أكثر المواقف ريبه إصرارا يشبه اليقين. علق صديق انه يتحدث كشيخ عشيرة.

هل أصابك طاعون القلق يا خالد الذي أصاب شخصيات غابريال غارسيا ماركيز في مائة عام من ألعزله ’ كشخصية جوزيه اركاديو بويندا الذي مات وحيدا مربوطا إلى شجره ’إلى بيترو كريسبي ’ حيث فتح أخوه المخزن فوجد كل القناديل منارة ’ وعثر على بيترو كريسبي في مكتبه منتحرا’ وهكذا مات خالد وحيدا على كرسيه ’وجميع الاضواء مناره .

لم تستطع الحياة في لندن أن تبدل في طبعه المتحفظ ’ أو تغير تأمله الصارم ’ وحزم ظل يلازمه حتى في أكثر ظروفه صعوبة. وحين يهيمن عليه سهومه العميق ’ وخياله المضطرب ’ فانه يستطيع أن يفرض سيادة قيمه وقناعاته بسرعة.

لقد رحل خالد ’ ولم يستطع احد أن يدرك حجم العبء المر الذي يختفي بين أضلاعه  .

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات