| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأحد 25/4/ 2010

 

"من الاضمن لي" ....مرة اخرى مع العمامة السوداء

احمد الصائغ

كانت المرة الاولى التي انشر فيها مقالة في الصحافة الالكترونية . كنت حينها متاثر بنتأئج الانتخابات ودوامة الخلاف التي رافقتها , وكنت اشفق على نفسي قبل ان اشفق على الاخرين من سنوات عجاف اربع قادمة لا محالة, ان رجعت العمامة الشيعية لحكم العراق مرة اخرى. وان لبست (القاط والرباط مع لحية خفيفة نمرة واحد), وخوفي ليس من الشيعي ولكن من الايديولوجيا التي تحكمه , والتي تفرض قيودا صارمة على تفكيره, وهكذا اتجهت الى كتابة المقالة واخذت على نفسي عهدا ان اكتب بتجرد وموضوعية بعيدا عن المزايدات. وفعلا كتبت بضمير مرتاح متجرد
(هكذا بدا لي حينها) انزلت المقالة على الموقع وانتهى الامر, ولم يزد الامر عندي ان اكون قد كتبت مقالا لايقدم ولا يأخر . بعد يومين دفعني الفضول لارى هل نشرت المقالة ام لا؟ فرحت عندما وجدتها منشرورة على عدد كبير من المواقع ولكني صدمت لكثرة الردود عليها , لا سيما السلبية منها والتي حرص اصحابها على تطعيمها ببعض الالفاظ النابية . طبعا كان من الواضح ان اصحابها كانوا من غير طائفتي , تساءلت في نفسي , لماذا جاءت بعض الردود مستنكرة لرأيي ؟ حيث كانت المقالة في غاية الاعتدال والموضوعية (من وجهة نظري طبعا), فلماذا هذه الردود الطائفية؟ هل وصل الامر الى رفض الاخر مهما كانت حججه مقنعة مادام من طائفة اخرى؟ فراجعت المقالة لعلي اجد العلة . الحق والحق اقول . لقد وجدت خيطا طائفيا رفيعا في ثناياها, وكل محاولات الضغط والاخفاء لم تحل دون ظهوره بين السطور.ومع ان الردود كانت طائفية الى حد اليأس من الاصلاح . سألت نفسي .... الم يكن كلامي طائفي ايضا؟ فأجابت : لم اكن طائفي بقدر ما كنت اسوق الادلة وبشكل منطقي لايحتاج الى فلاسفة ومفكرين لفهمه . اما الاخرون فلم يواجهوا الدليل بالدليل والمنطق بالمنطق (جهلة, طائفيون , شعوبيون .سراق, همج, دمروا البلد, ولائهم لايران وليس للعراق , لهم طقوس دينة لا علاقة لها بالاسلام, لايعرفون من الدين غير اللطم والزناجيل, كلهم عتاكة )!!!!!! هكذا شملت الجميع بهذا الوصف. فنسيت اصدقائي الطيبون من الشيعة , ذوي الاخلاق الكريمة ,والفاظ الترحيب الجميلة, الذين ان قدمت عليهم ضيفا باعوا ملابسهم ليضيفوك, واشعارهم الشعبية التي لا ينافسهم فيها احد, ناهيك عن تجارهم ومثقفيهم ووو... فقلت لنفسي مهلا مهلا. ما هكذا تورد الابل . وحسبك ظلما ان تعمم حكما على الجميع . ثم من قال ان جميع الشيعة راضون عن نهج الحكومة وطريقة تعاملها مع العراقيين؟ نسيت ان اغلب الشيعة هم من الناقمين على الحكام .الرافضين ظلمهم وتجبر السلطويين اصحاب سيارات الدفع الرباعي والحمايات التي تغلق الطرق على الناس ليسير المسؤول مصحوبا بلعنات الناس .... فجاء الجواب سريعا, لقد جاءت الحكومة باصوات الشيعة وسيستمر منهجها الطائفي لان الشيعة جددوا الثقة بها بانتخابهم مرة اخرى .

فدخلت في دوامة الصراع بين السنة والشيعة مرة اخرى.

عندما تبحث في الجدلية القائمة في العلاقة بين السنة والشيعة تجد للناس في ذلك مذاهب شتى ووجهات نظر لا تنتهي وجميعها تتفق على امر واحد, هو التأريخ . وكأنه حاضر يعيش بيننا, وكأن مسافة 1400 عام لا وجود لها!!!!! ومالي انا وللتأريخ ولماذا يبقى الاخرون حبيسون فيه ومتى سيطلقون سراحهم منه؟

راودني حلم جميل رأيت فيه العراقيين موحدين تحت مسمى واحد. حيث لا شيعة ولا سنه فكلهم مسلمون امنون مطمئنون .والعراق ارقى من عمان وارقى من دبي . شوارع نظيفة , وحياة هادئه , حيث تصبح بغداد قبلة للباحثين عن العمل والمال والتجارة والتقدم .وووو....ومرة اخرى تخاطبني نفسي , افق من وهمك ولا تذهب بعيدا في الامنيات.

لم يوقظني من حلمي الجميل سوى مرأى العمامة السوداء .التي تتعامل بالتقية , فتضيع معها كل فرص الثقة وصدق الوعود, ومع ان العمامة البيضاء لا تؤمن بالتقية ,الا الوقائع اثبتت انها ليست باحسن حال من السوداء. فكلاهما ذاقا من شجرة السلطة المحرم . فاصبحت الدنيا غايتهما دون الاخرة التي يكذبان بها على الناس فكانتا شركاء في استباحة الدم العراقي.

وهنا اسمحوا لي ان اقول : ليس من الانصاف ان نتهم الاسلام بافعال اصحاب العمائم . فحتى في زمن النظام السابق كان علماء الدين الحقيقيون يخفون انفسهم من الاعلام في وقت كان اخرون من رجال الدين من المتكسبين بدينهم يتنافسون على الظهور في التلفزيون . ومنذ ذلك الوقت كان ( العباسي وحسين الصدر, وغيرهم) موطن طرفة وتندر للعراقيين . حيث كانا وغيرهما مثالا للانتهازية والوصولية والنفاق. كما لا يغيب عن بالي ذكر حقيقة خافية على كثير من الناس .. وهي ان معظم من سلك طريق المدارس الدينية او الحوزوية هم من الطلبة الفاشلين في الدراسة من الذين لم تؤهلهم درجاتهم لاكمال الدراسة الاعدادية بل ولا الصناعية او التجارية .فكانت المشيخة الدينية تعويضا عن مركب النقص الذي يعانونه . فبعد حين من الزمن يرتقي ذلك الفاشل المنبر, فيصبح مسموع الكلمة , مهابا بين الناس ولا يذكر اسمه الا بتقديم اللقب امامه فهو الشيخ الفلاني اوالسيد الفلاني .. مع صفات قدسية اخرى لا اعلم من وهبهم اياها .

وهنا اتساءل الى متى نبقى حبيسي فكرة تقديس البشر وكأنهم لا يخطئون والى متى يخدعنا الفاشلون عندما يرتدون زيهم الكهنوتي والى متى تبقى العمامة سلاحا يصادر عقول الناس ؟
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات