| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأحد 25/3/ 2012

 

صورة جانبية لهيكل متناظر

زهير الصفّار

قراءة تحليلية لمقالة الكاتب نزار حيدر ( العراق..بجناح مهيض )

عند النظر الى مجسّم متناظر الجانبين ، ولكي تكون الرؤية واضحة للأجزاء المتناظرة على جانبي خط الوسط (المحور) لذلك المجسّم ، ينبغي الوقوف في نقطةٍ تقع على امتداد ذلك الخط لتُرى صورة الجانبين المتناظرين بنفس المستوى من الوضوح . وهناك حالتان تجعل الرؤية قاصرةً ومنحصرةً في جانبٍ واحدٍ من الجسم الأولى عندما يتم النظر من الجانب وليس من الوسط ، والثانية عندما يكون الناظر (أعوراً) فيرى جانباً واحداً من المجسّم حتى لو كان واقفاً على امتدادات خط الوسط.   خلال عام 2011 وما مضى من عام 2012  كنت متابعاً اطلعت على كم كبير من المقالات والكتابات لكتاب عراقيين وعرب حول ما يمر به العراق والوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط من أوضاع غير مسبوقة، وكان من ضمن ما قرأته على ما أذكر ثلاث مقالات للكاتب (نزار حيدر) فكانت قراءة عابرة لعدم وجود ما يثير الأهتمام من علمية أو واقعية او معالجات كنت أتوخاها في المقالات التي تعطي حلولاً والتي تستحوذ الإهتمام بصدقيتها وايجابياتها في الأوضاع الراهنة فكنت أقرأ مقالاته بشكل عابر ولم أكمل اثنتين منها قد يكون بسبب الإسهاب غير المبرر أو الشتائم والتهجم والطعن والقذف والإنفعالية التي لا تروق لي في ما أقرأ من كتابات وأجدها عقيمة في خدمة ما تمر به المنطقة . وقبل أيام قلائل وصلني من أحد الأشخاص الذين ينشرون تلك المقالات ويتداولونها موضوع للكاتب بعنوان (العراق بجناح مهيض)أثار انتباهي منذ بدايته فقررت أن أكمله بتمعن حتى نهايته بل وأثار فيّ الفضول للتقصي عن كاتبه والبحث عن كتاباته التي كانت مثيرة للجدل بتكرار الكلام والتعابير الى درجة أنها لو جمعت كلها وحذف التكرار فسوف لن تتعدى أن تكون مقالة أو اثنتين . وكانت شخصية الكاتب أكثر إثارة للجدل بتركيز اهتمامها وجهدها حول نقطة أو عقدة واحدة بعيدا عن أي هدف تفرضه تفاصيل ومتطلبات المرحلة وإرهاصاتها .. تبين أن الكاتب يعيش ومن زمن ليس بالقليل في الولايات المتحدة ، وسأؤجل الحديث عنه الآن لأدخل في تحليل هذا المقال (وأعتذر من القراء الأعزاء عن الجانب الفنيّ ، لأنني لست كاتباً ولم أمارس فن الكتابة قبلاً).    من المهم ابتداءً أن نفهم أن الحديث عن العراق ونظامه كبلد ونظام ديمقراطي الآن هو حديث يفتقر الى الموضوعية ويرسخ الطرح الإنشائي ، كما أن الحديث عن المعارضة في العراق هو حديث ساذج . ليست هناك أولاً معارضة بالمعنى المعقول ، وثانياً أن القوى التي تعرقل تحقيق الإنجازات وتعاكس برامج الحكومة لإفشالها (كما يحلو للكاتب القول) وتضع العصي في عجلة (الدولة) ليست قوى معارضة ، بل هي شريكٌ في الحكومة بالمعنى الحاصل (وهو تقاسم كل شئ من إيرادات البلد وأمواله الى تخريب البلد وإلغاء الآخر وتضليل الشعب والوطن ووضع مقدراتهما على كف عفريت) . 

وإذا كانت كل القوى السياسية سلطةً ومعارضةً ترحِّلُ – بتشديد وكسر – (كما يتمنطق بعض الكتبة المتعجبين ببلاغتهم الجوفاء) خلافاتها لحين زوال التهديد ، فما الذي جدَّ في وضع العراق لتفتح السلطة ملفات الجرائم المسجلة ضد منافسيها من شركائها (الأخوة الأعداء) بعد أن كانت نائمة عليها ومتغاضية عن أرواح العراقيين ومصائرهم التي لم تعد تساوي شسع نعل أحدهم ؟؟ هل انتهى التهديد للأمن القومي؟ وماذا يفعل إذن سليماني وأردوكان وبايدن عندما يتحدثون أو يتصرفون كأوصياء على العراق دون أن تهتز غيرة الحكومة المزعومة ؟ 

لو كان الكاتب ينظر الى ذلك الطائر من خط التناظر لعلم أن الجانبين يستغلان التهديدات التي يتعرض لها العراق للمتاجرة وزيادة الضغوط على بعضهما وابتزاز كل منهما للآخر . وأسأل : مَن مِن القوى المتصارعة على ابتلاع العراق لم يؤذ العراق أكثر من القوى التي يسمونها إرهاباً ؟ لقد فعلت القوى المدعومة من إيران وبقيادات ايرانية تجوب العراق كله على مرأى ومسمع ما يسمى بحكومة العراق وهي تدوس على رؤوس عملائها في الحكومة والبرلمان ما لم تفعله بهذا البلد المبتلى أية قوة ارهابية في العالم ، كما قامت المجاميع المدعومة من السعودية والخليج بمثل ذلك ، وكله على مرأى أمريكا وبمباركتها .

أما حول الشروط التي وضعها هذا المنظِّر المتعبقر للمعارضة لتكون جناحا ثانيا (وهو لم ير الجناح الثاني على الجانب الآخر للطير ، أو قد يكون أدار وجهه ولم ينظر اليه متغافلا ليتمكن من إخراج مقالته بهذا الشكل البائس ، أو أنه بعين واحدة) ، فسنسير بموازاتها شرطاً فشرطاً :- 

الأول: أن تكون سياسية وليست دينية أو إثنية او طائفية لتمثل الرأي العام وليس رأي طائفة (كما يقول) .. وهل الجانب الآخر سياسيّ وليس دينياً أو طائفياً ؟ هل من يختار عريفاً أميّاً وقائداً لفيلق إيراني قتل العراقيين دون تمييز ثم لمنظمة عسكرية مرتبطة بإيران وزيراً للنقل تجاوزاً لكل الخبراء والمختصين وذوي العقول في العراق ليس طائفياً ؟ وهل من يضع شخصاً مزورا وغير حاصل على شهادة معقولة لقيادة التعليم مع هذا الكم الهائل من العلماء المخضرمين في العراق ليس طائفياً ؟ وهل من يستغل الإجتثاث والمساءلة (بلا عدالة) لتصفية خصومه أو ذوي الرأي الآخر ويعتمد أزلام النظام السابق من طائفته ليس طائفياً ؟؟ قائمة الأدلة تبدأ ولا تنتهي ..

الثاني: أن تكون وطنية وليست منفذة لأجندات خارجية ، تخطط بإرادة وطنية وليس بإرادات أجنبية (كما يقول) .. وماذا يقول عن الجناح الكسير الكسيح الثاني الذي لم يره والذي يفتح الأبواب على مصاريعها لإيران وقواتها وعملائها ويقبّل يد سيده في طهران ويتنازل عن رفع العَلَم العراقي ، وحتى في الشكليات ينزع ربطة عنقه لإرضاء أسياده ؟ هل هو وطني وليس منفذ أجندات ؟

الثالث: أن تكون خارج السلطة ..................ولم نشهد مثل ذلك في كل الدول الديمقراطية (كما يقول) .. وهل السلطة التي تقمع متظاهرين يطالبون بالخدمات وبالعيش فقط وتشتري الذمم بأموال الشعب لتُخرج مظاهرات مفتعلة مصنوعة لكبح تظاهرة تبحث عن الخبز تُمثل دولة ديمقراطية ؟

يُقال أن الكاتب (تعليقا على قوله : نحن في العراق ومنذ 9 نيسان 2003) لم ير العراق لا قبل ولا بعد تلك الفترة وهو مصر على أن يكون أمريكيا ناكر جميل حيث يعتاش على فتات الأمريكان وعندما تقرأ كتاباته تتصور أنه لا يمكن أن يستطيع رؤية حدود الولايات المتحدة ، وأنه يتقاضى عن كل سطر يكتبه في خدمة إيران وعملائها في العراق أو يطعن فيه بالأمة العربية التي يدّعي الإنتماء إليها رغم كونه فارسي بامتياز في كل شئ حتى بما توحيه صورة وجهه ويقال لهجته أيضاً .

وأسأله إذا لم تكن المعارضة سبّة أو عملا قبيحا ، وإذ كنت تتكلم عن الأتزان فلماذا تدافع عن الجناح الثاني الذي أغمضت عينك الثانية لئلا تراه وهو يحصد معارضيه ويتجه نحو حكم الحزب الواحد مقلدا المرحلة الصدامية ومعتمدا نفس رجالها ومستشاريها الذين أصبحوا بقدرة قادر أزلام العهد الجديد وهم صانعو الدكتاتوريات السابقة ولا خبرة لهم في غير ذلك ؟؟ إن هذا الكاتب عندما يتحدث عن رأيه (شخصياً - كما يعجبه تكرار القول) يبدو أنه يتصور نفسه الكاتب أو المفكر رقم (واحد) في العالمين العربي والإسلامي إن لم يتعداهما .

سيادة الكاتب رقم 1 : إن الإبتزاز سمة النظام المشوه والمشبوه والمشين في العراق حيث يستخدمه الكل ضد الكل . أم أنك تعتبر وضع الملفات تحت اليد وإظهارها للمعارك الشخصية فقط أو إغفالها تنازلا عن دماء وأموال وحقوق الشعب في الأوقات الأخرى ليس ابتزازاً ؟  كفى (شخصياً) و (برأيي) و (أرى) يا أستاذ ولعلك تطلع على ما فعله كتاب أنتجوا أكثر مما أنتجت قيادات أوطاننا لترى حجمك على حقيقته وتستفيد من قصة الضفدعة والجمل التي سقتها في مقالتك .

إن رد الفعل دائما يكون من صنف الفعل وبمقداره وعكس اتجاهه . فعندما يكون الفعل سياسياً يكون الرد كذلك سياسيا ، وعندما يكون الفعل طائفيا أو حزبيا أو مناطقيا أو جبهويا يكون الرد أيضا من نفس الجنس . لذلك فعوامل تقسيم البلد وعرقلة ديمقراطيته هي أمر مشترك للسلطة ومعارضيها ، ولكن لا مشكلة لدى الجناحين ، فهما من يسرق البلد ويهدمه ويدمر المجتمع ويتمتع بالإمتيازات ولا يترك خلفه سوى الأرض المحروقة والقطعان المبادة والخراب والدمار .

وعندما يتحدث الكاتب عن الإنتخابات فالكل يعرف كيف جرت ومن أين دخلت الصناديق الملأى وكل الخروقات التي فرضت على العراق وما تم بعدها لتشكل بعد نزيف عراقي دامِ حكومة لم تزل لحد الآن مسلوبة ناقصة في أهم وأخطر أركانها ، وحتى الدستور الملغوم كيف كتب ومن كتبه !!! ولا زال الكاتب يتحدث عن مصالح الناس ، ولعله يعني بمفردة (الناس) المأجورون الذين يقبضون ثمن عمالتهم وأدوارهم في تدمير العراق مقابل إرضاء الولي الفقيه أو آل سعود أو المستقوين بالأمبراطور العثماني أو عبيد أمراء قطر والكويت وأمثالهم . وعندما يتكلم عن الصفات السيئة عليه أن يتكلم عنها للجناحين ، وهذا يتطلب منه أن يقف على خط الوسط ليراهما وهما كسيرين لا أن يتصور أن أحدهما صحيح فيكون بناء مقالته على أساس خاطئ .

ومن أكبر مغالطات الكاتب أنه اعتبر المعارضة تحنّ الى نظام الحزب الواحد ولم يسعفه بصره او بصيرته ليرى الجناح الآخر وهو يفعل ذلك ويسير باتجاه سلطة الحزب الواحد ، فرأى من يحن ولم ير الفاعل !!

إن فضح الزمر والأوكار الإرهابية لم يعد يجدي نفعاً ، فالعالم كله رأى ويرى في عز الظهيرة الكواتم والمتفجرات والعصابات تدخل على امتداد حدود العراق وخصوصا من الحدود مع إيران علانيةً ولم تتفجر غيرة سياسيي وكتاب العراق والوطن العربي عن رد فعل فقط يدين ذلك أو ينتقده . أما ما يلح الكاتب فيه حول دعم وتمويل هذه الزمر من قبل الأسرة الفاسدة الحاكمة في الجزيرة العربية ونظام القبيلة الحاكم في قطر وهم في كل الأحوال دول (شقيقة) عربية (رغم أن هذه الرابطة أصبحت وبالا على العراق وأهله) ، فلماذا لم يذكر كلمة واحدة عن إيران الفارسية التي لا علاقة لها بشيعة وسنة وإسلام إلا بقدر ما يجعل العراقيين مطيّة من مطاياهم في تحقيق حلم فارس في تدمير العروبة والإسلام ؟؟ ألأنهم أولياء نعمته ؟ إن مجرد النظر إلى صورة هذا الشخص بتقاطيعها الإيحائية الواضحة لن يترك لك أدنى شك في أنه غير عراقي ولا عربي وأن دما فارسيا يجري في عروقه .

ولقد صدق الكاتب في حديثه عن (دولة قطر) وكان عليه أن يكون شجاعا منصفا فيتحدث عن إيران والسلطة في العراق بما تستحقه ليكون صوته مقبولا لدى القراء ولا يصبح كاتبا خاصا للقراء المصابين بعقده وأمراضه .

إن هذا النوع من الكتابات وكتابها يتحملون وزر الدم العراقي المراق ، فهذه مشاركةٌ في هدره وتشجيعٌ على النهب والحرق والقتل وإيواءٌ للسلطة الفاسدة القاتلة السارقة ودعمٌ للقوى الخارجية الممتهنة للوطن وأهله .

أبارك للكاتب دفاعه عن البرلمان متناقضا مع نفسه بقوله حول نص معين : (لم يأت من فراغ كما أنه ليس بدعة ، وإنما هو سياق قانوني ينسجم مع القانون الدولي بالتأكيد ، وإلا لما تبناه البرلمان ، أليس كذلك؟) ، فهو يفصّل الأمور على مقاسه كغيره ممن اسهموا بارتجالهم ومصلحيتهم وأهوائهم في حملة التدمير . وأسأله جوابا على تساؤله : هل الملايين التي يتقاضاها النواب ورحلات استجمامهم حول العالم ومواكبهم المصفّحة وأقاربهم الذين يحتلون معظم مناصب الدولة وأبنائهم الذين يمثلون العراق في كل سفاراته في العالم دون مشروعية واستحقاق وشهاداتهم المزورة ، كل ذلك مع عدم حضورهم اجتماعات البرلمان ، وتقاعدهم الفريد من نوعه في العالم مقابل خدمة ساعات محدودة خلال الدورة الإنتخابية من أجل تثبيت مصالحهم غير المشروعة فقط ، هل هذا كله ينسجم مع القانون الدولي (بالتأكيد) أيضاً لكي يُتبنى ؟؟؟ لك الله يا عراق .. وحسبك وحسبنا الله ونعم الوكيل .

ختاماً أقول للكتاب العراقيين والعرب وغيرهم : إتّقوا الله في العراق وشعبه واعلموا أن ما تكتبون دون تدبّر قد يكون أثقل وطأة وأكثر تأثيرا وأشدّ تدميرا مما تجنيه فينا أيدي الساسة ومعاول الأشقاء والأصدقاء والجيران والشركاء من دول العالم التي لا تدري ما الله فاعل بها بما جنت أيديها لهذا الوطن الآمن وشعبه الطيب الذي كان عبر تاريخه يداً تبذر الخير في كل أرض .. والله الموفِّق .

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات