| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأثنين 24/11/ 2009



الطبيعة - الحزب - الشباب

محمد حسب الله

على ضوء مقالة د. محمد هادي صالح (لقطات من الملتقى الفكري الثالث للشباب)
يبدو أن وظائف الحس الجمالي التي تميز بها الدكتور محمد هادي صالح نجح في توظيفها برسم لوحة فنيه خلابة لخريف الطبيعة في مالمو تعجز عن رسمها ريشة عباقرة الفن التشكيلي فعبر بحس مرهف وعين بصرية ثاقبه عن عمق المعرفة والأدراك التقني لجمال الطبيعة مما أثار النشوة في وجدان وإخيلة ذهن القارئ وأستفزاز حواسه للنظر والتمتع بروعة منظر الأشجار وظلالها وأوراقها الملونة الساقطة على الارض لا عبثا بل وفق قانونها كما ذكر. قانونها الأزلي الذي يمثل دورة الحياة بالطبيعه بكل صورها .
فما تكتنز الأرض من معادن ومصادرغذاء تجود بها الى ما ينبت عليها من نباتات لكي يعيش عليها ويتناسل بنو البشر ،ومن خلال هذا التعايش بين الطبيعة التي صارت بمثابة الأم ومكوناتها بدأ يتبلور الوعي الأنساني المدرك للخصائص المميزة للطبيعة والعلافة المتبادلة بين مكوناتها المادية الضرورية لأستمرار وديمومة الحياة ككل من خلال تأثر الواحد بالأخر لبلوغ الفائدة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر . ولولا هذه العلاقة المتبادلة قد ينحط الخلق الى مرحلة العدم بعد أن يفقد الكون توازنه .

فبات من الضروري الحفاظ وصيانة توازن النظام مما توصل الانسان بعد أن تبلور وعيه الى اكتشاف القوانين الضرورية لحركة الأشياء.وظهرت الحركات والمنظمات والأحزاب المناصرة للبيئة والتي تدعو الى علاقة إيجابية متفاعله بين مكوناتها لا من اجل البيئة لذاتها بل من اجل البشر الذين يشكلون الجزء الأهم عليها.

وقد أدرك الشيوعيون طبيعة هذه القوانين ومدى تأثيرها على تبلور الفكر الإنساني بعيداَ عن التفسير الغيبي للظواهر المختلفة التي يروّج لها الفكر الرجعي للسيطرة على عقول الناس وسوقهم بالأتجاه الذي يخدم مصالح هذا الفكر .

لا اريد في هذا المقال أن أخوض بشكل تفصيلي في نظرية المعرفة في تفسير ظواهر الكون بقدر الإشارة الى المفردات الثلاثة (الطبيعة،الحزب،الشباب) التي تطرق اليها الدكتور في مقالته .فالحزب في مكوناته التي تمثل كل فئات الشعب بغض النظر عن المعتقد والجنس والقومية والذي يدخل الأمل الى قلوب الناس كحديقة غناء تتنوع ازهارها وتتباين ألوانها في رونق جميل تدخل البهجة والسرور الى ناظريها.
والحزب في عطائه كالبحر الذي يفيض بدره المكنون وكالشمس حين تبعث بشعاعها ضياءاَ دافئآ تهزم جيوش الظلام لتنير الدرب للكادحين..ومثلما الربيع شباب الطبيعة،الشباب ربيع الحزب وروافده التي ترويه بدمائها الفتية المتجددة وتنتهل من فكره الواعي وتقتدي بتجربة رواده .

وهذا ما أكده الملتقى الفكري الشبابي الثالث عندما تفاعل الشباب بمحاوره النقاشية بأروع أساليب ألإنضباط لإشباع عقولهم وتوسيع مداركهم والتوق لزيادة معارفهم والإطلاع على ملابسات العملية السياسية وما يعتريها من صعوبات ومعوقات وأسباب التجاذبات بين اطرافها ومدى علاقتها وتأثيرها على مصلحة الوطن والمواطن.وقد تطرق المحاضرون الى تعريف الشباب بتاريخ الدولة العراقية والمراحل التي مرت بها وموقف الحزب منها . فكان لهذه المحاور وغيرها وقع بالغ الأثر على نفوس الشباب وإبقاء صلاتهم بالوطن لا سيما الكثير منهم اغترب عنه منذ سنين طوال إنطلاقآ من الشعور العالي بالمسؤولية تجاه الشباب كفئة عمرية لها خصوصيتها التي تميزها عن بقية الفئات،آلآمها وآمالها، لغتها التي تتحدث بها،وسلوكيتها التي تنسجم معها،وإنها محط أنظار الجميع عليها تبنى آلآمال وبها يتجدد التفاؤل،الكل يريد أن يفوز بها.
غير أن الواجب الوطني يقتضي من يؤمن بالتغيير الإيجابي أن ينفتح عليها ويستوعب بصبر طاقاتها المتفجرة وقدراتها الخلاقة وشعلتها المتوهجة وروحها النابضة بالحركة ويجلي الصدأ الذي غلف عقول بعض افرادها وغلق الثقوب السوداء التي منها ينفذ الفكر الرجعي بكل صوره الطائفية والمذهبية والشوفينية وفضح اساليبه الرامية الى إبقاء حالة الجمود وحرفهم عن جادة الصواب تحقيقآ لمصالح آنانية ضيقة ولإزالة الرماد الذي تراكم على اذهان الشباب الذي ولد صورة ضبابية من جراء العقود الدكتاتورية السابقه وما أفرزته تجربة الست سنوات الأخيرة من محاصصة مقيته وما تدعو اليه من قيم وتقاليد لا تتلائم وواقع العصر وما يشهده العالم من تقدم تقني وثورة في مجال نظم المعلومات وإعتبار هذه القيم خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه ومن الثوابت غير القابلة للمناقشة والتغيير مما خلق حالة إحباط لتحقيق أمالهم وعملية اغتيال لإفكارهم وما تركته من أثار سلبية على طرق تفعالهم مع محيطهم.

فالذي يتصدى لهذه الأوضاع ويعمل بين صفوف الشباب عليه ان يكون على قدر كبير من الإلمام بجوانب المعرفة الشاملة ومطلعآ لبعض الثقافات وملمآ بالمناهج التربوية الحديثة ليتمكن من إمتلاك المفاتيح التي بها يفتح مغاليق القلوب ويشبع رغباتها .وقد أثبتت التجارب إن الشيوعيين يمتلكون هذه المفاتيح لغزارة نبعهم الثقافي ونضجهم الفكري،إنهم أهل لهذه المهمة بالرغم مما يكتنف طريقها من ألألغام المفخخة بإفكار التخلف والجمود وعدم قبول الرأي ألأخر وهذا أمر متوقع فكلما يحتدم الصراع تتكشف ألأوراق وتتم عملية الفرز بين اصحاب المصالح الضيقة وبين من جبلت طينتهم بالأخلاق الحقيقية وأمتزجت بدماء شرايينهم .هكذا هم الشيوعيون عطاء لا ينضب وإخلاص دائم ،وقد توارث الشباب هذه السجايا من قادة ورواد الحركة الشيوعيه التي تجلت واضحة في ملتقياتهم الفكرية سواء من خلال تعارف بعضهم على بعض أو من خلال المحاور والأجتماعات أو حتى من خلال اوقات الراحة وساعات المرح والغناء فشجرة الأمل التي غرسها الحزب في قلوبهم اعطت ثماراً يانعة وتبشر بإن الغد قريب أت لا ريب فيه وسيستمر العطاء وتزدهر الحدائق وشرفات البيوت بالورود الحمراء .

فبوركت كل الجهود التي شاركت في هذه الملتقيات وعملت على انجاحها وأتمنى عليهم ان يجعلوا منها ملتقيات موسمية ويشارك بها اكبر عدد من الشباب والأكاديميين والتربويين ،وأن توثق وتعرض كإفلام فيديو على الإنترنيت ،وأن يكون لشباب الداخل نصيب منها .لإن الشباب هم الطاقة الجبارة ومشروع التغيير المستقبلي من اجل وطن حر وشعب سعيد.

 

24/11/09
 

free web counter

 

أرشيف المقالات