| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                الجمعة 24/8/ 2012

 

الامام الباقر برئ مما قاله الشيخ الصغير

حسين سميسم

حسنا فعل الشيخ جلال الدين الصغبر في طرح موضوع (طبيعة الحراك الكردي وعلاقته بالمهدي المنتظر) . فهو من المواضيع الصادمة التي عوّدنا الشيخ على طرحها في كل مناسبة , ومن خلال ردود الأفعال الكثيرة سنرى ان هذا الموضوع لقى استنكارا واسعا من جميع الاوساط شيعية سنية عربية وكردية متدينة وغير متدينة , فقد صدم العقل وادى الى دهشة الناس من سوء استغلال الساسة للدين , وسنرى ان هذا الموضوع ستتم مناقشته من قبل المختصين ومن قبل مجموعة كبيرة من الناس الذين سيبحثون في المصادر التاريخية للأطلاع على المباني الفكرية التي استند عليها الشيخ الصغير , وسيكتسب الناس بالتأكيد معلومات عن عمق المشكلة المتمثلة بوجود عدد هائل من الروايات الخرافية يستطيع من خلالها تجار الدين والسياسة استغلالها في كل زمان ومكان .

فقد ابتلي الاسلام بكثرة الوضّاعين الذين كذبوا على النبي (ص) والعترة الطاهرة (ع) , حيث وضعوا بأسمهم روايات غريبة عن منهجهم , وهي اما بريئة القصد يراد منها دعم عقائد الجهلة , واما مغرضة هدفها دعم عقيدة منافية لأصول الدين الحنيف او لدعم موقف سياسي معين , وقد استشهد الشيخ الصغير بالنوع الثاني .

اننا لو اطلعنا على كتاب الكافي للشيخ الكليني الذي هو اكبر موسوعة حديثية شيعية نرى ان ما نسبته 73% من احاديثه ضعيفه , فمن مجموع 16121 حديثا يوجد 4428 حديثا من الصحاح و11693 حديثا غير صحيح (1).

وتشكل نفس النسبة اعلاه من احاديث الكتب المعتمدة ككتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق والتهذيب والاستبصار للطوسي , ولم يتصد أحد من المهتمين لدراسة هذا الموضوع وكتابة الصحيح من احاديث آل البيت (ع) حتى اصبح من يرتقي المنبر يستطيع ضخ ما شاء له من مفتريات واكاذيب وخرافات وينسبها لآل البيت , كما لا توجد لدينا مؤسسة كمؤسسة الأزهر او الفاتيكان تستطيع محاسبة رجل الدين الذي يسئ للأئمة وللناس وللحوزة العلمية , ولا يستطيع في الواقع اعلى المراجع من منع رجل دين واحد يتخذ الخرافة نبراسا وينشرها بين الناس , وما يزيد في الطين بلة هو جهل الناس وثقتهم العمياء بهؤلاء وأطمئنانهم بأنهم يتحدثون حقائقا وأخبارا موثوقة .

ان المتحدث بأسم المذهب ومن تزيا بزي علمائه عليه ان لا يقنع بورود الحديث في احد الموسوعات الحديثية فعلية التدبر وواجبه التحقق من رجال السند لكشف وثاقة رجال السند ومقارنة متن الحديث مع القرآن والسنة الصحيحة وعدم منافاة الحديث لأجماع المسلمين او على الأقل اجماع علماء الشيعة ولا يعارض العقل الصريح . وهذا هو أحد مبادئ الدراسة في الحوزة التي درسها الشيخ الصغير , حتى ان وجود إشكالِ بواحدة من تلك الشروط يجعل الرواية غير معتبرة ولا يجب التحدث بها . فكيف تحدث بها الشيخ على مرأى من الأعلام والناس وهي تشكو من ضعف واضح يستطيع كشفه حتى غير المختصين وسنبينه كما يلي :

1ـ سند الرواية: نقلها الشيخ عن جابر بن يزيد الجعفي (ت 128هـ) الذي نقلها عن الأمام الباقر (ع) (ت 114هـ): فقد قال جابر : حدثني أبو جعفر بسبعين الف حيث لم احدث بها احد قط ) وعندما سألوا الامام الصادق عن جابر قال الامام : ما رأيته عند ابي قط الا مرة واحدة وما دخل عليّ قط (2). ان هذا الشخص الذي لم يره الصادق عند ابيه الباقر الا مرة واحد يروي منه سبعين الف حديث !! وفي رواية اخرى خمسين . وهذا يعكس مستوى احاديث جابر الجعفي ومدى وثاقته . كما علق الكشي على احد احاديثه قائلا (هذا حديث موضوع لا شك في كذبه ورواته كلهم متهمون بالغلو والتفويض) (3) . كما ان الجعفي قد جن وخرج مرة على رأسه قوصرة راكبا قصبة حتى مر على سكك الكوفة فجعل الناس يقولون : جن جابر جن جابر (4) .

2ـ ان متن الرواية يناقض القرآن الذي يقول (ياأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله أتقاكم)
الحجرات 13 . ويناقض السنة النبوية ومنهجها الذي ينص ان لا فرق لعربي على اعجمي الا بالتقوى .

3ـ لم تحز الرواية على اجماع الامة ولا حتى اجماع علماء الشيعة .(5)

4ـ الرواية لا يقبلها العقل , فالكرد قومية مثلها مثل القوميات الاخرى فيها المسلم الشيعي والسني والمسيحي واليهودي والايزيدي , ولا يمكن لأمام عرف بباقر العلم ان يقول هذا القول بهذا الأنشاء الركيك . ان هذه الروايات كما اسلفنا هو من الروايات الضعيفة وليس من العدل ان ننسبها لامام , ونحن بهذه المناسبة نضع هذه الرواية امام المراجع العظام لبيان رأيهم فيها .

اننا لو ذهبنا الى النص الأصلي الذي اعتمد عليه الشيخ الصغير سنلاحظ الكذب المنسوب للأئمة , فقد نقله القطب الراوندي (ت 573 هـ) في كتاب الخرائج والجرائح ج3 ص 1156 منشورات دار الكتاب الاسلامي بيروت 1409هـ رقم 62 (قال محمد بن علي الباقر (ع) لجابر الجعفي : الزم الأرض , ولا تحرك يدا ولا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك وما اراك تدرك :

اختلاف بني العباس , ومناديا ينادي من السماء , ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق وتخسف قرية من قرى الشام تسمى الجابية , وستقبل اخوان الترك حتى ينزلوا الجزيرة , وستقبل مارقة الروم حتى ينزلوا الرملة فتلك السنة فيها اختلاف كثير في كل ارض من ناحية المغرب .

فأول ارض تخرب الشام , ثم يختلفون على ثلاث رايات : راية الأصهب وراية الأشهب وراية السفياني) . (6)

هذا هو نص الحديث ولا يوجد به ذكر للكرد لا من قريب ولا من بعيد , ويعني هذا ان الشيخ الصغير رفع اسم الروم ووضع الكرد تعسفا محلهم لان الروم قد رحلوا منذ وقت طويل الى اليونان وحار الشيخ في وضع ضحية له في هذا المكان لكي يصح الحديث !!!! .

وتظهر هذه العملية من خلال خطبة الشيخ نفسه لاحظ (نحتاج الى مارقة لا هم من الترك ولا هم من العرب) لا يوجد في النص الشيخ يحتاج !!, وبدل ان يضع الروم كما هو موجود في نص الحديث وضع الكرد بدون ذنب ارتكبوه , (وستكون حرب الامام صلوات الله وسلامه عليه في اول استقراره في العراق ستكون مع الاكراد , فأكراد سوريا سيقتلون بالاتراك .. والسفياني سوف يخرج الاتراك من الاراضي السورية ... وسينتهي وضع الاكراد في سوريا ولن يبقى الا اكراد العراق) والمجال لا يسمح في مناقشة هذه الترهات .

أقول حسنا فعل الشيخ الصغير لان هذا سيحثنا ويحث المرجعية على نبذ الاحاديث والروايات الخرافية الموجودة في مصادرنا والتي تتناول العرب ايضا بالقدح مثل ( ويل للعرب من شر قد اقترب ) أو قال الصادق ( ما بقى بيننا وبين العرب الا الذبح )(
غيبة النعماني ص 303) انها احاديث عنصرية موضوعة تستعدي شعبا ضد آخر وتزرع الكراهية بين الناس , وهذا ليس نهاية المطاف بل هو جهاد طويل ضد الجهل وضد التلبس بالدين والأدعاء على الائمة .


النجف الأشرف/24/آب/2012
 

(1) ( انظر الذريعة لأغابزرك الطهراني ومعالم المدرستين لمرتضى العسكري ج3 ص 382)
(2) رجال الكشي ص 143)
(3) ( رجال الكشي ص 146)
(4) نفس المصدر
(5) انظر تقييم احاديث جابر الجعفي عند الكشي كرواية الحمار ورواية الوتد وحديث النعجة ..الخ .
(6) الملاحظات على بنية النص عديدة لا مجال لمناقشتها لاننا لسنا في صدد بحث بل في صدد مقالة صحفية وارتأيت ان اذكر ملاحظة واحدة وهي ان دولة بني العباس بدأت بعد حوالي عقدين بعد وفاة الامام الباقر (ع) . ان اثار الوضع واضحة على هذه الرواية





 

free web counter

 

أرشيف المقالات