| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 24/4/ 2010

 

عودة إلى العنف والفوضى والعبث

سيد علي الطبطبائي

تناقلت وكالات الأنباء خبرين يتعلقان بمواقف التيار الصدري الأخيرة أثر العمليات الإرهابية التي طالت بعض أحياء العاصمة العراقية بغداد. الخبر الأول تصريح منسوب لمقتدى الصدر عبّر عن استعداده لـ:" توفير المئات من المؤمنين أمام من أخلص لعراقه من أعضاء الحكومة الحالية لكي يكونوا سرايا رسمية في الجيش العراقي أو شرطته لكي يدافعوا عن مراقدهم ومساجدهم وصلواتهم وأسواقهم وبيوتهم ومدنهم بما يحفظ للحكومة ماء وجهها ولا تلجأ للمحتل في حماية شعبها"، متهما مسؤولين في الحكومة بأنهم "اقتربوا من المحتل وابتعدوا عن شعبهم وتناسوا مسئولياتهم في حمايته".

وسبق هذا التصريح وقبل ساعات من التفجيرات، وهو أمر مثير، أعلان الناطق باسم التيار الصدري صلاح العبيدي لجريدة الحياة البيروتية بما يلي:" أطمئن اهالي البصرة الذين ابدوا قلقاً من احتمال عودة المليشيات إلى أن «العنف لن يعود». وقال: «منذ فترة وضعنا آلية عمل لعناصر جيش المهدي في عموم البلاد، من شأنها طمأنة الناس إلى عدم خلط الأوراق في الشارع من جديد وهي (الآلية) تكرس الجهد الثقافي لأبناء هذا الجيش وتحدد العناصر التي تضطلع بعمل المقاومة المسلح ضد المحتل"!!. ولكن العبيدي أكد بعد التفجيرات إن الصدر دعا جيش المهدي إلى "حماية المساجد ومكاتب التيار خوفاً من وقوع أعمال تستهدف أبنائه في مناطقهم".
وأعقب ذلك تصريح مثير للقيادي في التيار الصدري حازم الأعرجي جاء فيه:"أن تجميد نشاط جيش المهدي كان هدفه إتاحة الفرصة أمام الدولة للاضطلاع بدورها، ولكنها غير قادرة على ذلك مما أستدعى الصدر إلى دعوة جيش المهدي لحماية المساجد بالتعاون مع الأجهزة الأمنية".

إن كل هذه الأخبار تؤكد واقعاً جديداً هو عودة جيش المهدي إلى نشاطه بعد تجميده في حزيران عام 2008. وهذا التوجيه بعودة النشاط قد صدر حتى قبل التفجيرات الأخيرة التي يتذرع بها الصدر في إصدار توجيهاته الأخيرة خلافاً لأي دستور أو قوانين عراقية، هذه القوانين التي لا تسمح بحمل السلاح وتشكيل الميليشيات المسلحة خارج إطار مؤسسات الدولة المدنية.

وهنا يجب على السلطة القضائية المعنية بسلامة تطبيق الدستور والقوانين العراقية أن تجيب على السؤال التالي: كيف سمحت هذه السلطة للتيار الصدري بخوض الانتخابات النيابية وهو يخرق الدستور علناً مع خلال احتفاظه بميليشيات مسلحة، وحتى في حالة تجميده لنشاط هذا الجيش غير القانوني؟؟. كما يطرح سؤال آخر على أقطاب الائتلاف الوطني العراقي وهو كيف سمح هؤلاء لأنفسهم، ومنهم رجال دين ينبغي عليهم الأمانة في تطبيق القوانين، أن يأتلفوا مع حركة تحتفظ بالأسلحة وبجيش غير قانوني؟ ويأتلفوا مع حركة حفل تاريخها منذ سقوط الصنم بصولات العنف والعبث والتطرف والتنكر للقوانين والنهب. فمنذ تأسيس هذا التيار في عام 2003 كتيار سياسي ، ما لبث أن شكل ميليشيا مسلحة عرفت بجيش المهدي خاضت مواجهات عدة مع الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق بعد سقوط صدام حسين، لاسيما حرب مواجهات النجف في 2004 عندما كان إياد علاوي رئيساً للحكومة ومواجهات البصرة وبغداد في 2008 في عهد حكومة المالكي الحالية المنتهية ولايتها. وفي حزيران 2008 أمر الصدر بتحويل جيش المهدي من ميليشيا مسلحة إلى مؤسسة ثقافية واجتماعية!!!، ولكنه أبقى على بعض "الخلايا الخاصة" قال إنها ستتكفل بعمل مقاومة "المحتل" إذا طلب منها ذلك.

وكيف سيواجه أقطاب الائتلاف الوطني العراقي العراقيون عندما يسألونهم بأن حصول هذا التيار على 39 مقعد من مقاعد مجلس النواب العراقي لم يكن نتيجة للحجم التصويتي لهذا التيار، بل نتيجة لاحتضانه من قبل هذا الأئتلاف الذي يعلن ليل نهار حرصه على أمن وسلامة العراقيين. لقد حصل المجلس الأعلى حليف التيار الصدري في الائتلاف الوطني العراقي على 20 مقعداً في المجلس وهو الذي جمع أصواتاً تفوق بمقدار 70 ألف صوت على التيار الصدري الذي حصل على 39 مقعداً!!. كما إن هذا التيار لم يحترم حتى أخلاقيات التحالف مع الآخرين، وراح منذ اليوم الأول لظهور نتائج الانتخابات بتنظيم استفتاء لاختيار رئيس وزرائه متجاهلاً كل حلفائه في الائتلاف الوطني العراقي.

ولحين انعقاد مجلس النواب، ولحين تشكيل الحكومة الاتحادية، فإن من واجب السلطة القضائية أن تبادر إلى تجميد عضوية نواب التيار الصدري لحين صدور موقف صريح وعلني لهذا التيار بالتخلي عن كل شكل من أشكال الميليشيات مجمدة كانت أم فاعلة، كما تروج له تصريحات أقطاب هذا التيار العاشق للعنف والفوضى. إن السكوت على تصرفات هذا التيار لا يعني سوى الرضوخ لمنطق العنف والفوضى والعبث ولمنطق النهب والابتزاز وعودة سلطة الميليشيات في شوارع المدن العراقية، وتشجيع أطراف أخرى باللجوء إلى هذا الأسلوب الخطر المنافي لحرية المواطن العراقي وسلامته وأمنه. فهل ستقدم السلطة القضائية وتحقق أمن العراقيين؟ وهل سيقوم الائتلاف الوطني العراقي الذي يطمح إلى المشاركة في إدارة الدولة بإدانة التصرفات المريبة والخطيرة والمخالفة للقانون للتيار الصدري والوقوف بوجهها؟.


 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات