| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأثنين 24 / 3 / 2014

 

افتتاحية المدى
 

إثارة الفتنة الطائفية وركوب النزوع الشوفيني : مأثرة صدّامية بامتياز..!

فخري كريم 
 

القتل جريمة، والقاتل مجرمٌ، لا ولاية عليه سوى للقضاء ومقتضى القانون والعدالة. وليس في عرف القضاء أن يسأل القاضي عن جنس المتهم او دينه او لونه او قوميته. وطرح أي سؤال من هذه الأسئلة إدانة للقاضي وتجريح للمحكمة.

ولا تقتصر الادانة في الدول المتحضرة، والحكومات المتمدنة، على طرح مثل هذه الاسئلة في المحاكم ومن قبل القضاة فحسب، بل تشمل الإدارات الحكومية والشركات الاهلية التي تدان اذا ما تعاملت مع موظفٍ او مراجعٍ على اساس التمييز العنصري او الطائفي او العرقي او الجنسي.

وقبل ان يستشري الوباء الطائفي في عراق عشيرة "ما ننطيها"، التي استعارها الحاكم من سلفه الدكتاتور، كان القتل والتمييز على الهوية يقتصر على الميليشيات الطائفية، وأوباش القاعدة وامتداداتها التكفيرية. وقد رَكِب المالكي في صولته الأولى مركب التصدي للطائفية، وسجل دخوله الى المعترك السياسي بالولايات الممتدة، تحت لافتة "ردع الميليشيات الطائفية" بأدوات الدولة ومدلولاتها الطائفية ومختارها.

في ظل ولايتي المالكي، اصبح المذهب والطائفة والدين والقومية، مراكب للعبور الى ولايات ممتدة، لا تضبط إيقاعاتها مبادئ دستورية، او قيم ديمقراطية، او مصالح وطنية عليا، بل تحول كل ما هو شاذٌ ومتعارض مع الدستور والقيم الوطنية، والاسس التي بنيت على قواعدها العملية السياسية على ما فيها من "عجر وبجر" الى مركب لتطويع البلاد بكل مكوناتها لكي تخدم هدفاً واحداً لا غير: امتداد الولاية وخضوعها للحاكم الواحد الفرد الذي لا سلطة فوق إرادته.

لم يتحقق ما يستجيب لمطالب الناس، ولا بحدودها الدنيا، ولا بمقدار عشر اعشار المليون من النهب والفساد الذي استشرى كالطاعون خلال السنوات الثمانية العجاف، في حين جرت اشاعة وباء الطائفية والنزوع الشوفيني، وكل ما استطابه الدكتاتور السابق صدام حسين من اساليب منافية للعقل والضمير والشرف الوطني، ويجري اعتمادها لتمزيق نسيج المجتمع ووحدته الوطنية، وتحويل اوساط "نهّازة، متمادية في غيّها وغيبة وعيها" الى قاعدة للتهريج السياسي، وإبداء حماسة عمياء لترديد شعارات الفريق الرسمي الضّال.

مرت ظروفٌ عسيرة بالغة التعقيد والحماقة، على شعبنا، كانت الأنظمة تستخدم فيها أشد وسائل الفتك ضد العراقيين، تزج بالآلاف من الوطنيين الشيوعيين والديمقراطيين والقوميين، في السجون والمعتقلات وتسوقهم الى معسكرات الإقامة الجبرية، في مختلف منافي البلاد، يوم لم يكن غيرهم في سوح النضال يقارعون الدكتاتوريات المتعاقبة، لكي تفرغ لها الاجواء السياسية، وتوجه طيرانها الحربي، ودباباتها وجندها وأدوات فتنتها، فتضرب المناطق الآمنة في قرى وارياف واطراف المدن الكردستانية، وتشعل في بيوتها ومزارعها النيران والخراب. كان التزامن بين الحرائق والسجون والقمع الجماهيري، يستمد ترابطه العضوي من وحدة النضال الشعبي، بغض النظر عن أي تمييز في القومية او الدين او المذهب.

حين كان الطيران الحكومي العراقي يشن غاراته الإجرامية على ربوع كردستان، بل وحتى حين احرق بالسلاح الكيمياوي مدينة حلبجة واباد اكثر من خمسة الاف طفلٍ وامرأة وشيخ، كان الكرد وقيادتهم ينادون بالاخوة العربية الكردية، ويعرضون عن اي اتهام لأشقائهم العرب الذين يقودون الطائرات الحربية والدبابات الحارقة ووسائل الموت والدمار. كانوا يرون في ذلك، مواجهة وطنية بين الشعب العراقي والدكتاتورية، وليس تعبيراً عن صراعٍ بين الكرد والعرب!

وطوال الكفاح الممتد للشعب الكردي، ظل شعار الاخوة العربية الكردية، والديمقراطية للعراق، عنواناً لذلك النضال الدامي، ولم يقدم كردي اياً كانت هويته السياسية، على استهداف تجمع او شخصية او مدينة او مرفق، أهلياً كان او حكومياً، بنشاط مسلح او عملية اغتيال!

شعار الحركة الوطنية والحزب الشيوعي في سائر العراق تركّز ضد "شوفينية القومية الكبرى" وخاضت كفاحاً متعدد الوسائل والاساليب، بالسياسة والفكر، بالتثقيف والنشاط العملي لترسيخ المثل والقيم الوطنية في المجتمع، حتى تكرست في الضمير الشعبي العام. وفي المقابل خاضت الحركة الوطنية كفاحاً موصولاً في كردستان ضد "ضيق الأفق القومي"، بحيث لم يكن يتردد في الاوساط الشعبية ما يشي بعداوة قومية للعرب، او شعور بالاحتقان والغضب على الجرائم المرتكبة ضده الا باعتبارها وجهاً من وجوه ارتكابات مشابهة للعراقيين في مختلف ارجاء العراق.

هل يتذكر صاحب الدعوة الى "الدم بالدم"، والتحريض القومي بعد الطائفي الذميم، حادثاً واحداً يكشف عداوة كردي لعربي، بقتل جنديٍ استسلم للبيشمركة أثناء هجمات القوات الحكومية في مختلف المراحل وعهود الدكتاتورية..؟ وهل يتذكر اصحابه الذين كانوا بحماية البيشمركة أي مثل للتحريض والتعبئة التي قام بها امس الاول وهو يصول ويتنقل بين قواته، وكأن قتالاً يوشك ان ينشب بين العرب والكرد، ويوقد فتنة أخرى في سلسلة الفتن التي أشعلها طوال ولايتيه..؟

قتل الإعلامي الشهيد كان جريمة بكل توصيف الجريمة، ولكن الجرائم التي ارتكبتها فرق الموت "السواتية"، وغيرها من القوات المؤتمرة بأمر القائد العام، بالمئات والتي أزهقت أرواحاً بريئة، هل طالتها الأسئلة المشبوهة التي رددتها قناة المالكي "العراقية"، والصحف المؤتمرة بتوجيهات مكتبه؟ اكان احد بادر اثر كل جريمة قتل، الى سؤال المالكي وهؤلاء الشوفينيين ممن تعالت اصواتهم بالنفير العام ضد الكرد، وهم يتجمعون حول جثمان الشهيد، وكأنهم في وليمة لئامٍ، عن الهوية القومية للقاتل، او القتيل؟

يا صاحب دولة "ما ننطيها" والمقولة الجائرة المثيرة للفتنة "الدم بالدم.." اتريد ان تحرض كل كردي ووطني على مواجهتك انت بصفتك حامل اختام السابقين بنفس مقولتك "الدم بالدم.." فيستفيق الشهداء الموتى في مقابر حلبجة والمدفونين مع الآتين من المقابر الجماعية، والاف الذين استشهدوا نتيجة مغامرات حاقدة، دافعها الحفاظ على كرسي لن يدوم ابداً، فتلاحقك أشباحهم، وتنفجر كل الاحتقانات الكامنة التي روضها الوطنيون بتضحياتهم؟

اين سيكون مأواك يا من لم تبق خط رجعة لك بين الأحياء، فتجاوزتهم الى الشهداء والاموات..؟

اين انت وهذا الرهط المخدوع من حولك، من دم الاف الشهداء الذين سقطوا لتظل جاثماً على كرسيك، وكأن شيئاً لم يكن..؟

اين انت من دم الشهيد هادي المهدي والشهيد كامل شياع..؟

وكيف سترد دم الشهيد الذي سقط مضرجاً بدمه الطاهر، وانت تحول قميصه الى لافتة انتخابية مهلهلة..؟

الم تقرأ:
أتعلم أم أنت لا تعلم..؟


المدى
العدد (3039) 24/3/2014


 


 

free web counter

 

أرشيف المقالات