| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 24/7/ 2010

     

 مقامة الأمير الشامي ونخيل البصرة

كامل الجباري

حدثنا الحكيم هلكان السومري العراقي ، بعد اكتمال نصاب جلسة المقامة السومرية ، قائلا : حدثنا القاضي ابن عبد ربة الأندلسي عن حكاية الأمير الشامي . قال : إنه بعث أمير من السلالة الحاكمة في الشام ليكون واليا على البصرة . وقد تربى هذا الأمير وعاش في أجواء الشام المعتدلة وقصورها الغناء عيشة الترف والدلال ، فكان أن أزعجه جو البصرة الحار وعكرت مزاجه رطوبة البحر . فاستدعى ذوي العلم ليسألهم عن السر في ذلك فأجابوه بضرورة هذه الحرارة لإنضاج البلح ، فما كان من الأمير الجهبذ إلا إيجاد الحل السديد فاصدر أمره الفريد بقطع نخيل البصرة عسى أن يذهب الحر وتنطفئ اللوعة والحسرة .

ويبدو إن هذا الأمير الضرورة قد سن سنة سيئة ، عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، قد سار عليها الكثير من حكام بلاد الرافدين وشعبها وصارت قاعدة محكمة يستنبطون منها وعلى ضوئها حلولا لكل الأمور فاستن منها قانون لا يمكن نقضه إذا اعترض على نقضه ثلاث نفرات مفاده قطع القدم لتلائم الحذاء أو قطع رأس العروس لتمر من الباب . وفي الوقت الذي روي لنا والعهدة على الراوي إن بعض العلماء المجانين يحاولون اختراع يوصل الكهرباء إلى المستهلك بدون واسطة من أسلاك وملحقاتها ، يقترح علينا بعض ذوي الشأن والفراسة استخدام (المهفات اليدوية ) لما في ذلك من حفاظ على تراثنا وأصالتنا وضرورة مخالفة الكفار في كل شيء ، وحتى لا تلحق ( المهفة اليدوية ) التي تراجعت أمام التكنولوجيا الكهربائية أخواتها من آثار سومر وسائر حضارات وادي الرافدين التي نهبتها عصابات سرقة التاريخ والآثار . ويذكرنا أصحاب هذا الاقتراح إن أجدادنا الفاتحين العظام قد فتحوا العالم في وقت الحر الشديد وهم يحملون هذا الاختراع العجيب ولم يشكوا أبدا من الحر كما تشكون الآن وتتظاهرون . لقد صرتم تفكرون بالكهرباء والأدوية والماء الصالح للشرب والعطالة البطالة والمصانع العطلة والزراعة المهملة وغيرها من سفاسف الأمور وتركتم الهدف العظيم للتغيير وهو استكمال بناء الديمقراطية الفدرالية وإنجاح العملية السياسية ، شفاها الله من إسقامها ، وهي من عظائم الأمور . فإذا تركتم هذا الأمر الخطير فبم تباهون الأمم ؟!

كما ألقى بعضهم اللوم على الشعب الذي يتجاوز على بعضه البعض ولا يأخذ بالحسبان حسابات (الكي في) و (الواط) و (الميگا) و (الأمبير) بنظر الاعتبار . وهم لا يكتفون بمبردة واحدة في البيت أو مصباح واحد ترشيدا للاستهلاك متناسين إن الظلمة ( الهندس ) وما توفره من جو شاعري ، وانتظار ضوء القمر مما يدعو المفكرين إلى التأمل والعشاق إلى اللقاء وبذلك يتطور الأدب والفن عندنا ويحل الغزل والحب محل النهب والسلب . كما القت الحكومة اللوم على الحكومة وأخواتها من كتل واحزاب بعد أن اكتشفت ، بعد خراب البصرة ، إنها المتجاوز الأكبر على القطع ( المدعثر ) فإن خطوط الطوارئ العلنية ( ومن تحت العباءة ) تصل إلى بيوت الحكام والوجهاء والحبائب والنسائب فيقضمونها قضم الإبل نبتة الربيع ، مما جعل الشعب غير الصبور ، الجاهل بخفايا الأمور ، يحتج على الحكومة . ويقوم بإعمال شغب غير مفهومة ، مع الأسف الشديد ، متناسين إننا شعب حضاري فالقوا ببعض الحجارة على الزجاج متفهمين المثل الشعبي ( كوم حجار ولا هل جار ) بشكل خاطئ متأثرين بشعب كندا وأمثاله من الشعوب المتخلفة التي قامت بإعمال شغب أقلقت قادة العالم الصناعي حيث ( داخوا ) من هذه الإعمال فجاءت قراراتهم في قمة ( تورنتو ) هزيلة لا تسمن ولا تغني من جوع .

وإننا إذ ننتقد الشعب المشاغب الذي اقلق الحكومة وزاد من ( دوختها ... همة عايزين ياعم ) واستنادا إلى إستراتيجية الأمير الشامي وحكمة الإقطاعي الذي قال للفلاح في القصة المعروفة : ( ابعد زرعك عن دوابي ) فإننا نقترح إبعاد الشعب العراقي إلى بلاد الاسكيمو وجوها المنعش في الصيف إلى أن تتشكل الحكومة في شباط القادم البارد جدا لعله يبرد أعصاب السياسيين ويضعون الحلول لمشاكل الشعب العراقي راجين ألا تكون حلولا على طريقة الإقطاعي العراقي أو على طريقة الأمير الشامي .
 


 

free web counter

 

أرشيف المقالات