| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 24/2/ 2010

 

بقايا سلالات البرابرة في العراق

ساطع هاشم

السنوات المئتين الاخيرة من عمر الانسان وهي التي تعرف باسم العصر الصناعي والتكنلوجي هي مرحلة تختلف جذريا عن كل ماعرفه الانسان طوال الالاف من السنين التي عاشها قبلها... تتخذ من العلم وسيلة لمعرفة العالم وتفسير الكون ومن الصناعة والتكنلوجيا ادوات تطبيقية لذلك العلم وهذه هي ادوات الانسان الحديث في صراعه من اجل البقاء وخلالها اصبح العلم مصدرا وفاعلا مؤثرا اساسيا في تطورنا وبالعكس ايضا .وفي لجة الصراع الانساني الجديد هذا فقد تم تدمير وتعمير الكثير واعيد النظر ويعاد النظر كل يوم بالوسائل والادوات لتحسينها وتطويرها وجعلها اقل ضررا وكلفة واكثر فائدة ويدخل الناس في العالم كل يوم في صراعات تجعلهم دائما في حالة انذار دائمة وقلق من مستقبل غير امن وخطير , وتواجه الانسان المعاصر ظاهرة التقادم السريع التي تحكم العلم ونظرياته والتكنلوجيا المنبثقة منه , فنظريات العلم تصبح قديمة بعد فترة من ولادتها ولااحد يستعملها بعدئذ ....والافكار والالات والمكائن وكل وسائل العمل الاخرى يسري عليها الشئ نفسه وحتى الفن الذي هو اقل النشاطات الانسانية تأثرا بهذه الحالة فانه يعاني من التقادم , رغم ذلك فان الفنانين هم اكثر الناس حرصا على تجديد وتغيير مناهجهم واساليب ابداعهم , لذلك فان الاعمال الفنية لا زمان ولا مكان لها , فهي تشيع البهجة والدهشة في النفوس وتلبي الرغبات الجمالية لكل العصور وذلك حسب ذوق اهل ذلك العصر والزمان ...فتنتشر المتاحف وقاعات الفن ومراكز الثقافة والفنون بكل مجالاتها في كل زواياعالم اليوم وتصبح وسائل فعالة في مساعدة الانسان على معرفة نفسه والكون المحيط به وايجاد التوازن الضروري بين حياته الحسية والعقلية والجسدية / العملية والنظرية وعاملا هاما في التغلب على الاثار السلبية لظاهرة التقادم , فتضئ الاعمال الفنية الدروب المظلمة وتوقظ وتهذب وتريح النفوس والعقول والضمائر....فمرة سنجد في المقام العراقي ملاذا لنا , وفي تماثيل الاقدمين حافزا لنا ...وقد نجد في سجادة كانت مهملة منذ قرون من الروعة والاتقان ما يجعلنا من اعتبارها منبعا للمسرات...وقد نجد في بعض اعمال الفنانين الاحياء كل هذا مكثفا بعمق ...وهذا هو السر الدائم في الفن .

رجال الدين واحزاب المؤمنين المتدينين المتقين هم وحدهم بالعالم من يدعي العكس وينكر ظاهرة التقادم هذه ويرفعون شعارات الاصرار على التخلف والعيش بعقلية نسخ الماضي والتقليد والمحاكاة واخذ المعارف بالنقل وبالتزوير والكذب ومن ميت عن ميت عن ميت وكل جديد بالنسبة اليهم انما هو شئ لاداعي له وغير نافع اذا لايؤكد مزاعم ماضيهم التليد.

ولذا يخشى رجال الدين العلم والعلماء والعقل الحر ,لانهم يعرفون بأن نومة العقل تعني صحوتهم , ويقظة العقل تعني الحجة والدليل وبأن كل ظاهرة من ظواهر الطبيعة والمجتمع يجب وضعها تحت المجهر والفحص العلمي وابتكار نظريات وافكار جديدة لاستكشاف اعماقها وحقيقتها لمعالجتها وحل الغازها وبدون رخصة او موافقة منهم فانتصار العلم يعني افلاسهم , لذا فقدغيروا مناهج الدراسة الى مايروق لهم لا الى مايتطلبه العلم الحديث واغلقوا مراكز البحث العلمي وشردوا اصحاب الشهادات ومنعوا الكفائات بالخارج من العودة وقتلوا كل منور يجادلهم وحولوا الجامعات ومراكز الثقافة الى منابر لهم فنشروا البلاء بين البشر فكانت صحوتهم هلاك للامة فتعطلت الحياة مرة اخرى بعد ان زادوا الدمار على الدمار وعطلوا العمران واشعلوا النيران في كل مكان لم تصله النار ولم يبنوا سوى كونكريت حيطان التفرقة وعدنا الى ماوراء الوراء فتحولوا من اصحاب حق قبل سبعة سنوات الى اصحاب جرائم وجنايات الان فقتلوا اَمالنا واحلامنا وزادوا من هجرتنا واغترابنا ونكروا علينا حقوقنا وسرقوا دماء شهدائنا .

هؤلاء هم بقايا سلالات البرابرة الاجلاف الذين يشعرون بالخوف والرعب والرهبة من كل ماهو غريب على ما تعودوا عليه من فظاظة وقسوة وينظرون اليه مثل شيطان يهدد وجودهم بالفناء ...
هذا ما حصل مع البرابرة المغول والتتار وهم من اشرس انواع الهمج في التاريخ , فقد كانوا يدخلون المدن والبلدات ويزيلونها بالكامل ولم يبنوا شيئا ذا قيمة لان خوفهم من الحضارة والرقي المتمثلة في المعمار والعلوم وتنظيم المدن والمباني العديدة وحتى الازياء وغيرها هي السبب والعامل السيكولجي كما يقول بعض الباحثين والذي دفع رغبتهم بالتدمير تزداد بشكل مَرضي , هذا الخوف وهذه الرغبة بالتدمير والفناء مازالت متأصلة وقوية عند بعض الثقافات او اصحاب العقول التي لاترى الحياة الا من جانب اشباع الغرائز البدائية فقط .

يعزوا البعض هذا التخلف...الى السرعة التي تتحقق بها الانجازات والتغيرات في العالم المعاصر , فالتكنلوجيا تسير بسرعة فائقة وادمغة بعض الناس لا تستطيع السير بنفس السرعة واستيعاب المحيط وهذه هي بعض صفات الدماغ وألغازه العجيبة , فهو بحاجة الى وقت للاستيعاب وهضم المستجدات ولكن الحياة تسير باسرع من سرعة الاستيعاب هذه بالنسبة لهذا النوع من البشر , وتترك اثناء هذه العملية ورائها الكثير من المخلفات الفاسدة التي تزداد يوما بعد يوم لتكون عائق في طريق التقدم وحياة الانسان السوي , والاجيال الجديدة والناشئة هم اكثر الفئات الاجتماعية تضررا وخسارة في بيئة المتدينين المتقين هذه حيث لايرون اي مستقبل امامهم بعد ان سد رجال الدين واحزابهم وميليشياتهم الافق في وجوههم وحرموا عليهم كل امل بالحياة الطبيعية للشباب في العمل والدراسة والتفكير الحر ومعرفة الحقائق والتطلع للمستقبل كما هي في بقية البلدان ولو اتيحت لهم اي فرصة لترك العراق لما تردد اي منهم في استغلالها فورا .


حِمامٌ فاتكٌ فهل انتصارُ     وكسرٌ دائمٌ فمتى الجبورُ



 

free web counter

 

أرشيف المقالات