| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 23/4/ 2010

 

متنزه مدينة الصدر.. متنزه الموت!!

بغداد - مقداد حسن:

هو أول متنزه في مدينة الفقراء "الثورة/الصدر" افتتح عام 2004، وهو المكان الأجمل في المدينة، يقال ان بناءه تم على نفقة القوات الأمريكية لصالح أمانة بغداد، وهو يضم 8 قاعات كبيرة، وفضاءات للعب الأطفال ، منها ما يعمل بالطاقة الكهربائية ومنها القديمة التي تعمل يدويا. وخلال الأعياد يمتلئ بالعوائل والأطفال هذا المتنزه الذي أطلق عليه عند افتتاحه اسم "متنزه مدينة الصدر".

هو يحاذي منطقة الحبيبية، عبر ممر لا يتجاوز عرضه 5 أمتار وطوله 15 مترا تقريبا، وهذا الممر امتلئ بالقمامة والمياه الآسنة ومحاط بها من كل جانب، حتى أصبح مكانا آمنا للجرذان والقطط والكلاب.
المتنزه يواجه مشاكل أهمها إهمال أمانة العاصمة، فضلا عن الاستحواذ عليه من قبل شخص يدعى "أبو احمد" يدّعي استئجار المتنزه، وبدوره يقوم بتأجير القاعات بين الحين والآخر لبعض من الأندية الرياضية، وبمبالغ من 250 الى 500 ألف دينار، اما في مواسم الأعياد فيقوم ببيع البطاقات للمواطنين بمبالغ باهظة، في وقت يعد فيه هذا المكان مقرا لأحد تشكيلات أمانة بغداد.
أما بوابته فقد أصبحت شبه مقبرة، حيث كانت ترمى فيها جثث ضحايا الإرهاب والإجرام، كما ترمى القمامة في مكب النفايات، ولم تتخلص البوابة للآن من هذه الصفة. والمجموعات المسلحة المجهولة تقوم أيضا بإطلاق صواريخها منها، ومجموعات أخرى مجهولة كانت تقوم بقتل المواطنين علناً أمام الناس في هذا المكان. اما اليوم فلم يعودوا يجرأون على ذلك، فيقومون بإعمالهم الشنيعة في الليل وبـكواتم الصوت. قد امتلأ هذا المكان في حينه بدماء عشرات وربما مئات القتلى من الرجال والنساء، والضحايا غير معروفين ولا يستطيع احد التعرف عليهم لعدم وجود ما يثبت هوياتهم.
أول جريمة ارتكبها المسلحون في هذا المكان كانت من تنفيذ ستة أشخاص، إذ اغتالوا رجلا تجاوز الأربعين عاما من عمره ولم يستطع أي شخص التحدث مع القتلة المجهولين، أو السؤال منهم: لماذا قتلتم هذا الرجل؟ ومن أين انتم؟ لأنهم ببساطة لا يتكلمون أبدا.

وتبين بعد حين ان الرجل أب لتسعة أطفال ويعمل معقبا للمعاملات امام احدى الوزارات حسب ما قيل.
جريمة أخرى شاهدتها أيضا بأم عيني ولن أنساها أبدا، وقد نفذتها شلة من المسلحين بحق شابين لا يتجاوز عمرهما العشرين ربيعا، اعتقد أنهما كانا ذاهبين الى نزهة، حيث ان ملابسهما جميلة، الى جانب وجهيهما الوسيمين... ابتدأت الجريمة عندما توقفت سيارة أمام بوابة المتنزه، ونزل منها ملثم يحمل بندقية فقال لي: "تحرك من هنا"، تراجعت، ولعل المسلح كان يخاف ان ارتعب او أصبح مجنونا عندما يقومون بقتل الشابين أمامي. وبدأت عملية التنفيذ،التي لم تستغرق أكثر من أربع دقائق، حيث قال احد المسلحين للشاب الأول: "اركض"، فركض وهو مكبل اليدين وأطلق رجليه للريح فيما أطلق عليه المسلحون وعلى ما أتذكر ست رصاصات فخر مضرجا بدمائه، فصرخ الشاب الثاني: "خويه" بصوت عال لم اسمع أعلى منه في حياتي، فقالوا "أتريد ان تموت أيضا؟ فاذهب وراءه"، لكنه قبل أن يكرر نداءه أطلقوا عليه ثلاث رصاصات في رأسه، واردوه قتيلا.
كان أهل المنطقة هذه، يسمعون دائما أصوات الاطلاقات النارية ويسمعون أيضا انه تم العثور على جثة جديدة فتذهب الناس الى مكان الحادث أي الى بوابة المتنزه، وبمرور الوقت أصبحت المسألة اعتيادية للساكنين هناك.والمخيف والمحزن ان الأطفال كانوا أول من يذهب عندما يعلمون بتنفيذ عملية، وكانوا يتوجهون بفضول لرؤية الجثث، وعندما يرجعون يروون ما رأوه بحيادية ولا مبالاة تثيران مخاوف أشد!
الأهالي ابدوا امتعاضهم وخوفهم من استمرار هذه الجرائم التي ترتكب عند بوابة المتنزه، وكان أول المتحدثين شاب اسمه حيدر يقع منزل أهله في جهة "الثورة" وكان دائما يرى الجرائم، إذ قال:" ان آخر جريمة شاهدتها كانت بحق شابة قد لا يتجاوز عمرها الـ 18 عاما، حيث تم ربطها بحبال كثيرة، ووضع اللاصق على فمها لكي لا يسمع صراخها، وتم إطلاق 5 رصاصات على رأسها، حدثت هذه الجريمة في رمضان الفائت وأثناء فترة الفطور"، وأضاف حيدر:" والجريمة الأخرى التي رأيتها كانت بحق شابة اخرى ترتدي "العباءة" وتسير مع شاب من منطقة الحبيبية، وكانت تسير خلفهما دراجة نارية، فما أن وصلا الى الخط الأحمر أي الى باب المتنزه، حتى اخرج الشاب الذي كان يسير معها مسدسا وأطلق عليها النار، فأسرع سائق الدراجة داعيا الشاب الذي يبدو أنه صديقه الى الصعود وراءه ولاذا بالفرار
اما الشاب محمد منعم فأخبرنا:" أنا شاهد على الكثير من العمليات التي حدثت هنا، وذات يوم كدت ان أصاب برصاصة عندما رجعت من زيارة أحد أصدقائي وكان الوقت يشير الى الثامنة مساءً، فقد انهال الرصاص عليّ، وكنت أظنهم يستهدفونني، لكن بعد أن تلمست جسمي وتيقنت من سلامتي، تلفتُ حولي فرأيت قربي مغدورا غارقا بدمه".
الان، الأهالي يقولون: مادام مركز شرطة الحبيبة بعيدا، وكذلك مركز شرطة النصر وحتى نقاط التفتيش (السيطرات)، وما دامت ساحة كبيرة وخالية بجانب المتنزه استغلها البعض، منهم من حوّل قسما منها الى حدائق خاصة امام منازلهم، فمنهم من اقام محال لبيع زيوت السيارات، ومنهم من حوّلها الى موقف سيارات خاص يضع فيها العجلات المتنوعة الأحجام.
ما دام الآمر كذلك ، فلماذا لا تسترجع الحكومة هذه الساحة وتبني فيها مركزا للشرطة أو تقيم سيطرات ثابتة للجيش.
ترى هل تنتهي هذه الجرائم التي قتلت المتنزه والشارع المجاور له والذي أطلق عليه "شارع الموت" وأصبح خاويا على عروشه إضافة الى انه خال من حركة السيارات لاسيما في الليل، بينما كان صاخبا بوجود مطاعم كبيرة، فهل تعلمون أن آخر جريمة ارتكبت فيه قبل شهرين او اقل؟.. وما زال الأهالي ينتظرون الحل.

إلامَ تبقى دماء الأبرياء تختلط بتراب المتنزه وتسقي وروده؟.


 




 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات