| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                      الآربعاء 23/2/ 2011

     

ام المشعل تطارد الظلام وتلتحم بالجماهير

سلمان عبد

ان اول قطعة نحتية وضعت على جدارية جواد سليم كانت الامرأة التي تحمل مشعلا والذي يرمز للحرية ، شاهدتها بنفسي وكنت مارا وقتها في ساحة التحرير في سنة 1962 ، وكانت تصرخ صرخة امرأة ادوارد مونيش الفنان النرويجي الشهيرة وترفع مشعل الحرية عاليا وهي تكاد تطير في الهواء ، واستغربت ان تكون قطعة واحدة على ارضية بهذا الحجم الكبير الا انني بررت ذلك لابراز قوة ومكانة هذا الرمز ( الحرية ) ولم اكن اعلم بأنه جزء من جدارية ضخمة والتي هي نصب الحرية ، ومما اثار استغرابي عندما اكتمل النصب وجود الجندي وهو يحطم قضبان السجن الى جانب رمز الحرية ( ام المشعل ) وكيف استطاع الفنان الخالد جواد سليم ان يجمع النقيضين معا وجنبا الى جنب فعلى امتداد وطننا العربي الكبير من المحيط الهادر الى الخليج الثائر لم يحدث للعسكر ان يحطموا قضبان اي سجن بل على العكس هم من وضعوا الاسس المتينة للسجون فحموا الحكام من شعوبهم و بطولات الحرس الجمهوري التي لا تنسى سواء منها المقابر الجماعية او الكيمياوي او القمع وقصف المدن الامنة عندما ثار العراقيون على الطغاة فهم اول من اسس للثورات الشعبية بحق وليست العسكرية ، فاينما وجد العسكر بسطوته وجبروته وقبضته غابت الحرية والعكس بالعكس ولا يجتمع النقيضان ، القمع والحرية ، لكن الفنان جواد سليم عندما خطط للنصب كانت ثورة تموز 1958 طرية وغضة ويؤمل منها الكثير ففتحت السجون حقا واعطت هامشا من الحرية لكن الفنان لم يمتد به العمر لانه توفي ولم ير النصب بشكله النهائي ، ليشهد ما فعله هذا الجندي بعد ذلك لتبرأ منه ولطالب بتغييره كما فعل بتهوفن عندما الغى اهداء سمفونيته لنابليون بعد ان اصبح دكتاتورا ، فجندي الجدارية استمر ليس بلي القضبان وتحطيمها بل حطم الوطن ودمره ولا زلنا نئن من اوجاعه حتى هذه الساعة ، وكنت كلما امر من تحت النصب اشفق على ( ام المشعل ) وعلى صبرها وجلدها وهي تجاور عدوها ( مصيبتنا جيران السوء ) ، حتى انني استغربت مرة عندما مررنا انا وصديقي ليلا من تحت النصب فلم اجد الجندي ولا ( ام المشعل ) ومكانهما كان فارغا ، الا ان صديقي بدد حيرتي واستغرابي قائلا :

ـــ كل ليلة ، ياخذها الجندي عنوة للحديقة ويغتصبها .

وعندما دخلنا الى الحديقة وفي ركن قصي منها وجدنا بسطال الجندي وسمعنا صرخاتها ، فهو يستعرض قوته امام الناس نهارا باطلالته على ساحة التحرير ويدعي بانه حامي الحمى !!! وليلا يعيث فسادا ، الا انه في السنوات القليلة الماضية اصاب هذا الجندي الوهن ، وخارت قواه وارتخت قبضته ، وفترت همته ، واصابته العنة ، وشيئا فشيئا بدأت ( ام المشعل ) تستعيد شبابها ، وتوردت خدودها ، ونضر وجهها ، وعندما حييتها قبل ثلاثة ايام لوحت لي بيدها وهزت مشعلها ، واخبرتني بانها في يوم 25 ستنزل الى الساحة وستلتحم بالجماهير ، اهلها وناسها من ــ المكاريد ــ الذين توالت عليهم المآسي وستكون كالعادة امامهم ، تطارد الظلام بمشعلها وتنير الدرب بعد حقب السنين السوداء فهذا اوان النور وان كره القندهاريون .


 

free web counter

 

أرشيف المقالات