| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 22/6/ 2011

 

كندا والعراق، بين مجتمعين..

موفق الرفاعي

البداية كانت صراخا ادى الى تجمع مشجعي فانكوفر الكندي احتجاجا على الهزيمة التي الحقها بفريقهم في مباراة الهوكي فريق بوسطن الامريكي.

بعد دقائق من اشعالهم نيران صغيرة عم الهياج وانتشرت الفوضى بين مشجعي الفريق الكندي من المراهقين لتتحول الى تكسير السيارات والمحلات والبنوك وسرقة محتوياتها وعراك ومواجهات مع الشرطة.

الحادثة ليست الاولى في كندا فقد سبقتها في العام 1994 حادثة مشابهة وهي ليست الوحيدة في العالم ولن تكون الاخيرة.

ما يلفت الانتباه هو الكيفية التي تصرف بها المجتمع الكندي المعروف عنه انه شعب مسالم متحضر تجاه هذا الحدث المؤسف.

لقد تصدى الكثيرون من الناس العاديين لهؤلاء المراهقين وحاولوا مستميتين منعهم من التمادي بالتخريب والسرقة واشتبكوا معهم ونالوا نصيبهم من الضرب جراء ذلك، ومن لم يستطع منهم استخدام يده كان يستخدم لسانه يصرخ: "شيم اون يو شيم اون يو" - عار عليكم عار عليكم - اما الباقون فكانوا يبكون رافضين ان تكون صورة كندا هي هذه وكان ذلك "اضعف الايمان"..!

تمت الدعوة لحملات تطوعية لتنظيف المدينة بعد التخريب وقد أنشئت صفحات على الفيسبوك مثل صفحة Let's help Vancouver وخلال 8 ساعات سجل فيها 11 ألف معجب ومتطوع.

ما جرى يوم الاربعاء الماضي اعادني الى اجواء 9-4-2003 في العراق حين هبت اسراب الجراد الآدمي تحرق وتخرب وتدمر وتنهب وتسرق الممتلكات العامة.

وقتها لم تكن هناك شرطة لتتصدى لهم بل ان بعض افراد الشرطة كانوا يشاركون اولئك الغوغاء الذين لم يكونوا مراهقين فقط كما هو الحال في مدينة فانكوفر فقد كانوا مراهقين وشبابا وشيوخا نساء ورجالا بعضهم كانوا اغنياء وشيوخ عشائر ولم يكن احتجاجا قادت اليه مرارة خسارة في لعبة هوكي مع الامريكان فقد كانت هزيمة عسكرية احتلت على اثرها البلاد.

في المقابل لم يتصد الذين تعففوا عن المشاركة لاولئك اللصوص والمخربون وكانوا يكتفون بالتفرج، حتى لم يصرخ احد بهم ولم يبك احد كما بكى الكنديون انحدار بعض افراد مجتمعهم من المراهقين الى هذا الدرك من الانحطاط.

رجال الدين الذين شجعوا ذات الغوغاء بعد ايام على التصدي بالقتل لبائعي الخمور وبالضرب والمضايقات للنسوة غير المحجبات كانوا يحتجون بالحديث الشهير المنسوب للرسول: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان"..

امر يثير التساؤل والحيرة في آن: لماذا غاب هذا الحديث في ايام "الفرهود" الطويلة والمريرة!؟

ام ان المنكرات مقتصرة فقط على ممارسة الانسان حرياته الشخصية التي لا تضر لا بالغير ولا بالبلاد وان كان فيها من ضرر فهو مقتصر على النفس ويكفي للتعامل معه الوعظ الديني والنصيحة الاجتماعية.

كانت صورا مؤلمة لن تمحوها من الذاكرة الأيام وكانت فرصة لتتكشف امام انفسنا قبل العالم حقيقة مجتمع لطالما كان يتبجح امام شعوب الدنيا بانه مجتمع أولى الحضارات.

رقي المجتمعات الإنسانية يصنعه التحضر وتصونه الحرية لا الاستشهادات اللفظية او القناعات الدينية المختلطة بالميثولوجيا الرثة التي هي الاخرى ممارسة لحرية شخصية يرتبط فيها الانسان بربه.

والى اليوم وبعد تسع سنين من الخراب تتراكم تلال النفايات امام المنازل وفي الشوارع الرئيسة تزكم روائحها الانوف وتتسبب بالعديد من الامراض فلا نسمع ان مجموعة شبابية قامت بحملة تطوعية لازالتها او انشئت صفحات على الفيسبوك لذلك.

فالجميع ينتظر من مؤسسات الحكومة البلدية ان ترفعها فيما يعلم الجميع ان الحكومة لن تقوم بهذا وان الوزراء منشغلون بصراعاتهم على تقاسم الثروة والنفوذ.



 

free web counter

 

أرشيف المقالات