| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                  الأثنين 21/2/ 2011

 

تشريب الديوانية

 احمد علي

عزيزي القاريء استميحك عذرا فلربما عند قراءتك لعنوان المقال تعتقد ان هناك تشريب خاص بالديوانية ولربما تفكر بزيارتها لتناول هذه الاكلة العراقية المعروفة, لكن ارجوك ان تنتظرني شوية حتى تعرف ما هو تشريب الديوانية.

الديوانية مدينة تقع على ضفاف نهر الفرات لكن يبدو ان هذا النهر العظيم سينتهي مجراه هنا في وسط الديوانية نتيجة تراكم القمامة والاوساخ والقطط والكلاب النافقة, عندما تدخل مدينة الديوانية تعتقد للوهلة الاولى انك تدخل مدينة في القرون الوسطى قد تركها الغزاة للتو بعد ان لعنوا سلفا سلفاها وتركوا خلفهم اثار المعارك الضارية من الآت محطمة وشوارع محفورة ومزابل لا حدود لها , لا تستطيع السير في شوارعها المهدمة لا سابلا ولا راكبا, تختلط العربات بالمركبات بالستوتات مع البشر والحمير , انه مشهد يوحي فعلا ان الغزاة تركوها توا.

انها حقا مدينة السبعة ملايين طسة ( حفرة ). اما اذا كنت لا تتصور مشهد تلك الغزوات في تلك العصور الغابرة , فربما تعتقد انها مكب نفايات خارج المدينة وانك لم تصل المدينة بعد. لا اتمنى لك سيدي القاريء ان تزور احدى دوائر الحكومة في الديوانية, فأنك ستشعر بالغثيان لمشاهدة بعض تلك الوجوه التي لا تنتمي الى قرننا هذا , معظم موظفيها قد ارتدى السواد حتى بدون عاشوراء وقد وشمت جباههم بثلاثة بقع سوداء على شكل مثلث متساوي الاضلاع يشبه الى حد ما ماركة سيارة المتسوبوتشي اليابانية المعروفة وهي كلها متشابهة وكأن من كواها شخص واحد. اما الخواتم فهي الاخرى متشابهة ذات فصوص حمراء وزرقاء وبنية اللون وكأنها اشتريت من محل واحد. لو كان الامر يقتصر على منتسبي الاحزاب الدينية لكان من اليسر تفسيره ولتصورنا ان هؤلاء ربما كانوا في ايران قبل سقوط الطاغية وان سيماهم في وجوههم من اثر السجود, لكن المشكلة ان فدائيي صدام ومخابراته واعضاء حزب البعث هم الاكثر تشويها للجباه والاكثر طولا للحى والاكثر جلافة.

عندما تدخل دائرة حكومية يستقبلك بعضهم وهو مبتشا ومرحبا مما يجعلك تشعر انك مواطنا حقيقيا في العراق الجديد , لكن سرعان ما تكتشف ان هذا الشخص ما هو الا سمسارا لاحد مدراء الدوائر او الموظفين وتحت اسم شبه رسمي ( معقب معاملات ) رغم انه موظف في تلك الدائرة.

لم يتولى ادارة هذه المحافظة من هو ذو كفاءة او خبرة او اختصاص فقد تقاسمتها الاحزاب ب (كوادرها) البائسة المتخلفة التي لا تجيد شيئا من فن الادارة او الاعمار والنتيجة بقيت المحافظة بدون اي فرصة اعمار او استثمار بعد ان صرفت المليارات من الدنانير لنبش الشوارع وتركها على حالها منذ سنوات . الديوانية الاعلى في البطالة, الاعلى في قلة الخدمات وهي المدينة الاولى في الفساد المستشري في دوائر المحافظة من اعلى المستويات فيها الى ادناها.
هذه صورة واحدة من فساد مجلس محافظة الديوانية وهي تعكس مدى الانحطاط والاحتيال على المواطنين بأسم الدين.

احد اعضاء مجلس المحافظة وهو روزخون ( ومتدين جدا ) توسط لديه احد المواطنين لتعيين قريبه في الشرطة, فطلب منه الشيخ مبلغ 2000 دولار لتمشية المعاملة وبعد المساومات والتوسل وافق سماحته بتخفيض المبلغ الى 1800 دولار وبعد ان سلم المواطن المبلغ طلب منه سماحة الشيخ عضو مجلس المحافظة ان يبرئه الذمة , فما كان من المواطن الا ان يقول ( مبري الذمة شيخنه ) فرد عليه سماحته ( لا يا ابني حسب الشرع يجب ان يكون بيننا بيع وشراء, ثم اخرج علبة جكليت توفي وعد 18 جكليته وسلمها الى المواطن وقال الان اصبح بيع وشراء بيننا والحمد لله ) يعني سعر الجكليته الواحدة ب 100 دولار امريكي لتصبح الرشوة حلال شرعا بعرف ودين هذا الشيخ الذي لا دين له.

اما موضوع تشريب الديوانية فالحكاية كالتالي , عند زيارة السيد نائب المحافظ التفقدية الى احواض تنقية المياه الذي يصل الى اسالة ماء الديوانية , شكى له العاملين هناك بكثرة انسداد المصافي التي توضع في نهاية الانابيب التي تسحب الماء من النهر نتيجة كمية الازبال والقمامة والحيوانات النافقة وهذا يتطلب الغطس باستمرار لتنظيفها, لذلك وبعد ان فكر سيادته جيدا مستحضرا كل خبرته السابقة امر السيد النائب مشكورا برفع هذه المصافي حيث يكون السحب مباشرة من الانبوب الى حوض الترسيب, وبهذه الحالة اخذت الحيوانات النافقة والقمامة وغيرها من الاوساخ طريقها مباشرة الى حوض الترسيب ولكن بعد ان يتم تقطيعها بواسطة ما يسمى ( الخنزيرة ) او العتلات الحادة التي تقوم بسحب الماء , ولذلك عندما يفتح المواطن صنبور الماء يحصل على ماء مخلوط بجلود الحيوانات ولحومها المقطعة وريش الطيور وغيرها من انواع القمامة التي يحملها النهر, ولهذا تحول لون الماء الى لون بني قريبا من لون التشريب وفي فصل الصيف عندما ترتفع درجة حرارة الماء فلا يحتاج ابن الديوانية الا الى الخبز ليتمكن من عمل التشريب ولكن وللاسف وبعد قطع الحصة التموينية عن المحافظة منذ شهور فحتى تشريب الديوانية لا يمكن الحصول عليه.

وسوال اخير لم اجد له جوابا شافيا: لماذا تُغرم الاحزاب الدينية بالزبالة والوساخة رغم ان الرسول الكريم يقول (ان النظافة من الايمان) لكن يبدو انهم لا ايمان لهم.

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات