| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                 الأحد 21/4/ 2013

     

شارع المتنبي في فزع جميل

د. لطيفة حليم

" بصمات"

أفانين كبة فنانة تشكيلية كندية من أصل عراقي, ولدت في بغداد سنة 1958, و تقيم بمدينة مونتريال منذ سنة 1986, رسمت عدة لوحات تشكيلية منها: لوحة "بصمات"الموقعة بتاريخ 2009 , والتي استحضرتها على إثر ما تعرض له أجمل شارع في بغداد من تفجيرات عدوانية , إنه الشارع الموسوم بشارع المتنبي 915ميلادية 965 م , والذي ظل يحمل هذا الاسم منذ سنة 1932, تقول الفنانة أفانين عن هذه اللوحة :
" إنها صرخة المثقفين والأدباء والعلماء . صرخة تراث وحضارة وادي الرافدين.صرخة الفلاسفة والمفكرين ,... شارع المتنبي هو الشريان الثقافي الذي يتدفق بالكتب والمخطوطات التي جُمعت على امتداد سنوات من المعرفة الانسانية , مخطوطات يرجع تأريخها الى أيام الدولة العباسية. امتداد الشارع يصل الى المدرسة المستنصرية التي كانت اكاديمية شاملة للعلوم والأدب والفلك والجغرافية .الشارع كما أراه قوة الثقافة عبر عصور سحيقة. .... أتذكر أن والدي كان من رواد شارع المتنبي ومن المغرمين بشراء الكتب النادرة منه . "
رسالة إلكترونية 02-03-2013.

لوحة "بصمات" تشكيل فني رائع لشارع المتنبي الذي أصبح يوحي بفزع جميل, حيث يختفي الإنسان , وتضيع الكتب. لا يد تقلب صفحات , ولا عين ترمق عنوان , ولا أذن تسمع صوت قارئ متلهف لشراء كتاب. قراء تشتتوا في رقع بعيدة, هنا في مونتريال: عيسى الياسري ورزاق علوان و نعيم قطان وزينب شعبان و أروى السامرائي.. وهناك في مشيكن: وجدان الصائغ و صاحب ذهب, وجاسم الرصيف و دنيا ميخائل... وفي أسلو : وليد الكبيسي و حمزة الحسن.. وفي برلين: سلمى صالح و فاضل العزاوي.. وفي مدريد: محسن الرملي, وعبد الهادي سعدون.. وفي روما: فوزي الدليمي, و يونس توفيق .. وفي لندن: سميرة المانع, و صلاح نيازي.. وفي باريس: إنعام كجه جي , وجهاد كاظم ,. وفي موسكو: كولالة نوري, وفالح الحمراني.. وفي سيدني: أديب كمال الدين,و يحيى السماوي ... وغيرهم الكثير من الادباء العراقيين المشتتين في بقاع العالم .

إنه فزع جميل عندما يصبح شارع المتنبي فارغ من دون وقع قدم, ولا ولمس كتاب, ولا تقليب مخطوط, ولا إغراء بشراء روائع الآداب العالمية : " بيت الدمية", " الجريمة والعقاب ", " الشيخ والبحر ".... . انتهت غواية القراءة بشارع المتنبي الذي تقع رقعته وسط بغداد , وتمتد على رصيفه مطبعة تعود إلى القرن التاسع عشر , ومكتبات عديدة دمرت كلها منها المكتبة العصرية التي تعتبر أقدم مكتبة في شارع " المتنبي ", والتي تأسست عام 1908 , كما أصاب الانفجار مقهى الشابندر الذي يعد والى يومنا هذا من معالم بغداد العريقة. ومازال الى حد الآن الشارع صامدا حيث يعتبر أشهر مركز ثقافي , وأجمل فضاء بهي لمحج المفكرين الفنانين والشعراء والرسامين والروائيين... .

شارع المتنبي الذي شهد عدة تفجيرات من طرف الاحتلال الأمريكي للعراق منذ عام 2003 , مازال قائما بفزع جميل يحمل في ذاكرة الفنانة افانين بصمات , حيث ترك آخر تفجير وقع يوم 5 مارس 2007 اثرا عميقا في مخيالها و أحدث شرخا في ذاكرتها . الشارع ما زال يترقب زبونا غاويا للقراءة .

أعادت الفنانة أفانين بريشتها تشكيل شارع المتنبي, بتعبير تشكيلي أنيق, تكاشف الذات في أبعادها السحرية , لتخلق من اللون لغة, و من التلوين نغما . "بصمات" لوحة تشكيلية لعالم من الرؤى والأحلام. وحيز من الشواغل والأوجاع لكينونة مفعمة بالألم والحب للبلد البعيد , الذي ترى فيه مجالا خصبا تلوذ به كلما داهمتها الاشياء وباغتتها الذكريات وهي تسبر اغوار الذات المشتتة في مونتريال . الاشياء تتحرك بغواية وبهاء , تشكل لوحاتها بمسحة أنيقة مفرطة, تنم عن حس جمالي رفيع .نرحل معها إلى العراق لنشاهد " مفتاح بيتها"و"ياسمين حديقتها", و" محفظة اخيها " و" ولعبة آختها "وحلي أمها" و" حزم البردي والقصب ومهبط آدم وحواء بالهور ". و..."كتبا بشارع المتبني"

تقول افانين : " شارع فيه امن وسلام , مثل مكة يعمرها الحُجاج . شارع يحمل بصمات كل اطياف عوائل العراق , يجمعهم ود وبهاء ، مسلم ، مسيحي، صابئي ، كردي ، تركماني وغيرهم من النسيج العراقي الملون . قُتل المتنبي مرتين. في ارض بغداد ، شاعرا وشارعا . "
حوار : مونتريال: 10-04- 2013



افتتاح المنتدى الثقافي العراقي بمونتريال
13-03-2013
 

صورة فوتوغرافية لشيخ يبيع ما تبقى من الكتب والمخطوطات على رصيف شارع المتنبي
في بلد العراق المحتل

ملحوظة:
شارع المتنبي ترك بصمته في تاريخ الأدب العالمي حيث كتب الشاعر الأمريكي "براين ترنر" Turrne Brian قصيدة موسومة ب " تفجير شارع المتنبي" , والتي ترجمها للعربية الشاعر العراقي "حيدر الكعبي" , و صدرت ضمن مجمعته الشعرية " ضجيج الفانتوم " 2010. إنه الشاعر الجندي الذي التحق بوحدة عسكرية امريكية و قاد حظيرة مشاة في العراق , زامنت إقامته حدث تفجير شارع المتنبي .

يقول الشاعر الامريكي براين:

ما إنْ مرَّتْ لحظةٌ على الانف
حتى راح رجل عجوز يترنح داخل سحابة من الغبار وشظايا الحجر،
يداه تضغطان على أذنيه النازفتين جار،
،
فكأنه يحجب عنهما ضجيج العالم،
إنها الحاديةَ عشرةَ إلا ثلثاً ظهراً،
وأصوات الجرحى ترتفع من حوله مخشوشنةً بالألم.

المباني تحترق، والمقاهي، والقرطاسيات، ومكتبة النهضة.
عمود هائل من الدخان، رأس سندان أسود يتدفق صاعداً
وقوده كتاب الأغاني للأصفهاني، ومراثي الخنساء،
والقصائد المنفية لسعدي يوسف وفاضل العزاوي،
والكتيِّبات الدينية، والبيانات،
وترجمات هوميروس وشكسبير ووالت وتمان ونيرودا—
أوراق الكتب تتجعد في القمم الزرقاء لأوار اللهب.
إرث القرون الطويلة المتناقل أباً عن جد، قصيدةً قصيدة، يرتفع فوق بغداد.

 

free web counter

 

أرشيف المقالات