| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء  20 / 11 / 2013


 

مقامات المديح العالي وترنيمة الذم الدفين

ابو حازم التورنجي

حدوتة الزمن الرديء ، حين يغدو المدح رخيصا مضللا ، والذم رخيصا بائسا

سجنت ولم اخن
قاتلت ولم ادبر
وشردت ولم اركع
فلا تذموني بمدح باهت كالذم
*

حين تصاهرابا سفيان مع صاحب الجلالة بريمر ، في زمن الجدب والقحط ، أقام أبا سفيان وليمة باذخة ، كثرت فيها الطبول والدفوف وتصاعد فيها الهرج ، وناثري البخور في ارجاء الصالات الفارهة ،و تنادت عليها قطط بني جحش ، وكلاب بني بغل ، والحفاة المسحوقون في الطرقات القريبة يمسكون بقدورهم ، بانتظار ما تجود به الموائد من فائض او بالاحرى ، ما يبقى من الفضلات .....

وشكرت الله ان ابي سفيان قد وفر على الكثير واعفاني من الحرج ، فلم يكلف نفسه عناء دعوتي لتلك الوليمة ، فقلت : هو ذلك شرف كبير أعتز به .

لكن صاحبي المتسرع دوما ، أستشاط متسائلا :كيف ذا ، اتحسب ذلك شرفا ، وأنت المعادي والمشاكس المنبوذ في عرفه وحساباته . وخططه .....

فقلت : ويحك ياصاحبي ، فأبا ذر لم يملك قيمة الكفن ومات منبوذا في صحراء الربذة ، قديسا بهيا مكللا بالغار وبالمجد ، يتحدى لؤم ورشاوي الخليفة سليل بني سفيان ، ولم يقف على ابواب الحكام ،بل كان الحكام ينشدون رضاه ... وبقي أبا ذر اماما وبوصلة ومنارا للمنطوعين على الطرقات .

ويظل قرع الطبول المدوي يصم الأذان ، وتهريج صغار القوم يبعث في النفوس الابية شيء من الغثيان ، بل في صدري غصة من كبار، كنا نظنهم كبار ، وفي صحوة الزمن المر وجدناهم صغارا يغرقون في أقداح الشاي ، وفي حلقي مرارة من صغار بقوا صغارا ، لايجيدون الا مدح من رسموهم في مخيلتهم كبارا ، وما هم كبار ، بل مجرد افيال هرمة لم تسرح من الخدمة ، فبين الاحساس بالضألة والدونية لدى نفوس خربة مهزومة ، والاحساس بالزهو وحب الاطراء والمديح المقزز، لمن يظنوون انفسهم كبار ، ثمة حبل سري متأصل في رحم التشويهات الاجتماعية وفقدان التوازن النفسي ، وهذا ما سعى اليه ابا سفيان وبريمر ......

فهل يصحوا ( الصغار )بأن المديح والاطراء مجرد زعيق مشوه ، لايشبه حتى صياح الديك في القرية عند الصبح؟

وهل يتعض ( الكبار ) بأن المديح والتأليه ومنح الالقاب على عجل ، لمن لايستحقها ، مجرد سخريه بلهاء ،تقارب عبث الحمقى وتشبهه ؟ وهل شفعت الالقاب الكبيرة التي قاربت الاسماء الحسنى ، للقادة الطواويس ، من ان لا يقعوا، وبذلك السقوط المدوي ...... وسلاما لأمريء عرف قدر نفسه .



*
اوراق من دفتر  فلسطيني ( يعقوب زيادين )


 

free web counter

 

أرشيف المقالات