| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                الأحد 20/3/ 2011

 

وهب من لا يملك إلى من لا يحتاج!!!!

نون حرز الغفاري

حين تعاني الأنظمة من أزمة خانقة ناجمة عن سوء إدارتها أو بسبب لا عدالتها وتعسفها ، تلجأ للتفتيش عن ما يشغل أذهان وأفكار شعوبها بأمور بعيدة كل البعد عن همومها ومعاناتها المعاشة في أوطانها ، كي تطيل من عمر حكمها وتتهرب من استحقاقاتها الوطنية ولا تقف في قفص الاتهام أمام الشعب المطالب بحقوقه والمتذمر من لا عقلانية هذه الانظمة ولا شرعيتها .

ففي الوقت الذي طال انتظار الشعب العراقي لتشكيل حكومة أفرزتها الانتخابات البرلمانية قبل أكثر من عام ولكن بدون جدوى فلم تزل الحكومة ناقصة، تمت شرعنتها المحاصصة العرقية والطائفية بعيدا عن القواعد الدستورية التي تحكم ببطلان وعدم دستورية ما تقوم به الكتل السياسية تحت ثوب الشراكة الوطنية الذي تمت مقاساته وخياطته في دهاليز الكتل المظلمة فظهر مشوها يضيق ويتسع يطول ويقصر بعيدا عن الذوق العام لا يستر حاجات أبناء العراق بل يحاول إن يستر ويتستر على إخفاء ضيق أفق وأنانية ولامبالاة القوى داخل شرك الشراكة خارج طموحات وآمال الشعب العراقي وتطلعاته وابسط حقوقه في تأمين الأمان والخدمات الأساسية وصيانة كرامة المواطن وتمتعه بثرواته وخيرات بلاده الكبيرة .

ونتيجة لفقدان الشعب الثقة بكل القوى المهيمنة على العملية السياسية في العراق منذ سقوط النظام الديكتاتوري لحين التاريخ ، فقد قرر شباب العراق وكل أحراره أن يأخذ قضيته بيده وينزع ثوب الركود والانتظار والصمت الخانق وينزل للشارع للمطالبة بحقوقه والمطالبة بطرد ورحيل ومحاسبة الفاسدين والمفسدين والسراق والفاشلين، مما أثار حفيظة القوى الحاكمة فبعد إن فشلت ادعاءاتها بكون هذه المظاهرات تحركها أيادي البعث والقاعدة ومحاولة استصدار الفتاوى من وعاظ السلاطين لتحريمها والتشكيك في نواياها، ومحاولة البعض اللعب على حبال التسويف والترغيب والترهيب وإعطاء مزيدا من الفرص للسلطة لتفي بالتزاماتها للشعب العراقي بين مئة يوم وبين ستة أشهر ، وكأن ما عجزت عن الإيفاء به هذه الحكومة خلال أكثر من ثمان سنوات ستنجزه خلال المائة يوم أو الستة أشهر وهي لم تكتمل بعد....

فلجأت لقمع هذه المظاهرات بالحديد والنار واستعمال الهراوات الكهربائية والاطلاقات الحية والمطاطية وخراطيم المياه بالإضافة إلى دس ((المخبرين السريين)) بين الصفوف لاستفزاز القوات الأمنية من الجيش والشرطة وتبرير استعمال القوة المفرطة مما أدى إلى تسامي العديد من الشهداء في ساحات الحق وميادين التغيير الشعبية.

ولكن بالرغم من هذه الإجراءات فقد استمرت التظاهرات والمسيرات وأصبحت السلطة تشعر بالحرج التام وخصوصا بعد إن طالبت المرجعيات الدينية العليا الحكومة بالاستجابة لمطالب الجماهير حين أدركت ما تحاول رموز السلطة إن تجر المرجعيات إليه بتبرير فشل الحكومة وبالتالي فقدانها لهيبتها ومصداقيتها أمام مقلديها ومريديها...

على حين غرة وجدت الحكومة في تظاهرات الأشقاء في البحرين خير متنفس لها وتصريف أزمتها بهذا الاتجاه فأرتدت ثوب الديمقراطية وحقوق الإنسان الذي تخلت عنه أمام جماهير الشعب العراقي فأخذت تدبج الخطابات النارية وتتبحرن أكثر من البحرانيين الثوار أنفسهم وتنصب نفسها حامية للديمقراطية وحق الشعوب في التظاهر والتجمهر والمطالبة بالحقوق ، فعلقت جلسات البرلمان الذي تنتظره العشرات من القوانين والإجراءات الرقابية والدستورية لانجازها ، وتنتظره مطالبات أبناء العراق المطالبين بحقوقهم والوعود الذي قطعت لهم والالتزامات واجبة الوفاء ومستحقات العد التنازلي للمئة يوم للوزارة والوزراء اللذين لم تزل مقاعدهم فارغة وطابت إقامة رأس المجلس على إدارتها في أوقات غاية في الدقة والصعوبة.... وانبرى العديد من أحزاب السلطة لدعوة الجماهير العراقية بالتظاهر والخروج للشوارع احتجاجا لما يتعرض له أبناء البحرين من ظلم وتعسف وقمع!!!!!
وهو ولاشك واجب اخوي وإنساني ولكن لماذا هو واجب من اجل الصديق والشقيق وهو محرم على المواطن العراقي داخل وطنه ومن اجل حقوقه ورفع مظالمه وتظلماته!!!!

والأنكى من ذلك أن يطل علينا احد أثرياء العراق والبرلماني الغيور ليقترح بالتبرع ب ((5)) مليون دولار لأبناء البحرين وكما يقول هو أمر ممكن ... في حين بناء مدارس لأطفالنا غير ممكن وزيادة رواتب المتقاعدين غير ممكن وتشغيل العاطلين غير ممكن وتخفيض راتبه ورواتب زملائه غير ممكن، تعليم خمسة ملايين أمي عراقي غير ممكن... اعطاء ((100)) دينار أي مئة دولار للخريجين العاطلين عن العمل غير ممكن ، تخفيض اسعار المحروقات غير ممكن، توفير مفردات البطاقة التموينية غير ممكن............الخ.
فليت السيد النائب صاحب المال الحلال يتبرع من ماله الخاص لنصرة أشقائه في القومية والمذهب وهو أمر جدا ممكن بالنسبة للسيد النائب كما يعرفه الجميع...

والسيد النائب يعلم تماما إن أبناء البحرين ليسوا بحاجة للمال والغلال وإنما هم ثاروا وتظاهروا من اجل الحرية والكرامة وليس من اجل المال فهم وكما هو حال كل إخوانهم في الخليج العربي وفي ليبيا أيضا من أكثر الشعوب العربية رفاها وأكبرهم دخلا على مستوى الدخل الفردي ، بالضد من الشعب العراقي الأكبر ثروة والأقل دخلا للفرد حيث يرزح أكثر من ربع سكانه تحت مستوى خط الفقر وفيه اكثر من ((6)) مليون عاطل عن العمل وملايين من الأرامل والأيتام والمشردين والجياع والمهجريين داخل وخارج الوطن.

ففي الوقت الذي يتضامن أبناء وأحرار العراق مع كل مظلوم في العالم العربي والإسلامي وفي كل العالم ويساند قضايا العدل والحرية والكرامة والرفاهة لكل أبناء البشر يرى إن أبناء وطنه وشبابه وكهوله ونساءه وأيتامه هم الأولى في الحقوق والرعاية والثروات ورفع المعاناة، فكفى مزايدات وكفى تبذير للثروات فقد مزقت مصائب التضليل والدجل وكشفت وسائل تصريف الأزمات فالشعب العراقي يطالب بالإصلاح الفوري العاجل والاستجابة الفورية لمطالبه وحقوقه كي ينعم بالحرية والأمن والرفاهة والسلام.
 

free web counter

 

أرشيف المقالات