| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 20/5/ 2009



مجلس النواب يناقش موضوعا بلا عنوان

سليم الحكيم
salhakim@yahoo.com

بعد ان فرغ مجلس النواب من القضايا المصيرية؛ كقانون النفط والغاز و إمتيازات النواب من راتب و أرض وجواز سفر متميز لهم ولأفراد عوائلهم؛ و بعد ان توصل الى ضرورة القضاء على الفساد؛ ينتظر الآن تحول جميع الفاسدين الى حملان ملائكية بريئة،،

وبعد أن إطمأن على أمن كل فرد في العراق وخارجه أقر إسترجاع المهاجرين الجدد، بل كل المنفيين العراقيين وفي مقدمتهم الكورد الفيليين وهم الآن في ترقب وشك، أن لا يغتصبهم النظام الجديد عن طريق صناديق الإنتخابات، رب من قائل ما هذا التشكيك ؟ أليسوا موعودين بإرجاع حقوقهم مثل كل الشعب العراقي الموعود بمكافحة البطالة؛ بعد تأمين العمل في صناعة وزراعة عراقيتين مزدهرتين في المصانع والحقول ليل نهار، وتوفير السكن، ولا تنسوا العهد ببطاقة تموينية بمواد وافية كافية تصلح للإستهلاك البشري، بعد ان يتم تغطية إحتياجات كل قرية بالماء والكهرباء، ومدارس ومؤسسات صحية لائقة للإستعمال البشري؛ حينذاك سوف ترفرف الصحة والعافية بأجنحتهما على جميع الأُميين والمرضى .

وفي محطة الإنتظار هذه ركب مجلس النواب فجأة موجة عارمة من العواطف منطلقا الى هدف تاريخي! وهو حماية المواطنين من أذى النفس (لما فيه من تحريم) مثل جرح الرؤوس والأجساد بالأدوات الجارحة أو الإنتحار أو أكل أو شرب ما يؤذي الأنفس والعقول كالمخدرات وما شابهها في التأثير على الإنسان؛ وذلك بعد ان ُجهزت المصحات المناسبة، لمن هو معتاد عليها.

تفرغ المجلس بمن فيه لمعركة أم الكحوليات وعلى شاربيها وناقش إصدار قانون التحريم بموضوعية فائقة الوضوح؛ فهناك من وصف موجبات المعركة في قصة الأفواج من الشاربين الذين يفترشون المكان - على امتداد ضفة نهر دجلة - فيحجبوا منظر النهر عن الناظرين من شبابيك البيوت المطلة عليه ، وهناك من أرجع مشكلة تفشي سوء الأداب والأخلاق و تجاوز قواعد السلوك ! الى الفاسدين شاربي الخمور! وهناك من كشر عن أنياب السياسة، معتبراً صدور قانون التحريم سيساعد الكتل السياسية الدينية - التي تنحني مؤقتا لرياح التغيير- في إستعادة إعتبارها المثلوم بسبب صحة الناس وزوال خمار الوعود المسكرة عنهم، ولعدم وفاء تلك الكتل والتيارات للشعارات التي نفخوها في الابواق ، لكل ذلك يريدون الآن إصدار قانون للتحريمات لينفخوا في البوق "نحن هنا" .

لقد قال البعض منهم في مناسبات غيرها إن الإخلاق والتدين وليس القوانين! تملك القوة لتغيير أو منع المفسدين أو غيرهم؛ فإذا كان الأمر كذلك فيما سبق؛ فلماذا الإلتجاء الى الردع القانوني بدلا من التدين والاخلاق على الأقل في شأن الخمر وشربه وهو المسألة الشخصية الصرفة!؟

فهل يملك هذا القانون بالذات قوة سحرية لردع الشاربين؛ أم فيه ما يخدم البرنامج الإنتخابي القادم لتلك الكتل في التنادي الى تقسيم الشعب هذه المرة؛ الى مكونين إحدهما من البصاصين لما يجري في المنازل و شمامين لأفواه الناس للحفاظ على قواعد الأخلاق في المجتمع، والمكون الآخر ينشغل في إختراع الاساليب والوسائل المختلفة لكسر قوانين التحريمات المفروضة عليه، بدلا من الدفاع عن حريته و حقوقه الشخصيتين في ما يأكل و يشرب أو ما يطالب به من دون تسبيب أذى للغير وفي حدود حريته .

و هل بعد قانون تحديد نوعية ما يُشرب ويؤكل سيأتي يوم لفرض قانون يحدد نموذج الملبس وطريقة المشي نزولا الى الجوارب، لتعيين طولها و شفافيتها و لونها.

فتذكيراً لعامة الناس بقول "المتنبي" :

                       إذا رأيت نيوب الليث بارزة         فلا تظنن أن الليث يبتسم

اما خاصة الناس من النواب المحترمين ( و لو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا، أفأنت تُكره الناسَ حتى يكونوا مؤمنين) "يونس 99 ".

 



 

free web counter

 

أرشيف المقالات