| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الثلاثاء 20/10/ 2009

 

عن أحداث الجامعة المستنصرية

د . علي العقابي

يتابع الرأي العام العراقي بشكل عام، والوسط الأكاديمي والطلابي بشكل خاص، ومنذ أكثر من عام، التطورات والملابسات التي عاشتها الجامعة المستنصرية، جراء الممارسات السلبية التي افرزها نهج المحاصصة الطائفية في تعيين رؤساء الجامعات والعمداء وتدخل التيارات الدينية والسياسية في عملية التعيين والعزل, و ما قاد اليه ذلك من ممارسات خطيرة في التجاوز على الصلاحيات والضوابط والمعايير الجامعية، قادت إلى خلق حالة من الإرباك والفوضى، فسحت المجال لحصول حالات كثيرة من الاعتداءات على التدريسيين من جهات عديدة وتحت مسميات مختلفة، في ظل غياب قانون ينظم الحياة المهنية الطلابية وعمل الاتحادات الطلابية وانتخاباتها في الجامعات، التي تحولت أروقتها وقاعاتها إلى منابر دعاية وترويج للأحزاب والتيارات الدينية والسياسية.

كما ان غياب قانون الجامعات الذي يحدد الضوابط والمعايير في اختيار القيادات الجامعية قد ساهم في تشنج وتوتر العلاقة بين رئاسة الجامعة المستنصرية ووزارة التعليم العالي وبين الوزارة وبقية الجامعات الاخرى، التي لم تكن اوضاعها اقل سوءا من الاوضاع التي تعاني منها الجامعة المستنصرية.

لذلك ومن اجل تجاوز الحالة الاستثنائية والشاذة التي تعيشها الجامعة المستنصرية هذه الايام وتجاوز فوضى القرارات المتناقضة والمتعارضة التي تصدر من ديوان رئاسة الوزراء وديوان وزارة التعليم العالي في تعيين رئيس الجامعة، ومن اجل ترصين العملية التربوية والتعليمية وترسيخ منظومة القيم الاخلاقية في التعليم العالي واستعادة اروقة الجامعات لهيبتها و حرمتها لابد من تجاوز حالة الارباك في اصدار القرارات والعودة الى القوانين والانظمة التي تنظم العلاقة بين السلطة التنفيذية ومختلف اطراف العملية التربوية والتعليمية وايجاد حالة من التوازن والانسجام مابين القرارات والاوامر التي يصدرها ديوان مجلس الوزراء في تغيير رئيس الجامعة و الرأي الاستشاري الذي تبديه الوزارة في السيرة الذاتية العلمية للاستاذ الذي يتم اختياره، وعدم الانفراد في اصدار اوامر التعيين والتنحية.

ومن المهم التأكيد على ضرورة ان يستهدف اي اجراء او قرار يتخذ في مثل هذه الحالات ترصين العملية التعليمية وضمان انسيابيتها الطبيعية ورفع مستوى الاداء الوظيفي الإداري والأكاديمي وضمان حق الطلبة في حياة جامعية حرة و آمنة، بعيدا عن اية حسابات دينية وسياسية وطائفية ضيقة.

ان الالتزام بهذه الاسس و المنهجية الرصينة كان من شأنه ان يحول دون تفاقم الامور بين رئاسة الوزراء و وزارة التعليم العالي ووصولها الى طريق شبه مسدود، ادى الى اتخاذ اجراءات وقرارات "قيصرية"، تمثلت بتعليق الدراسة في الجامعة وحرمان الطلبة من فرصة للتحصيل العلمي هم احوج ما يكونون اليها في بداية عامهم الدراسي الجديد.

ان ما عانته جامعاتنا من اهمال وتدني مستوى التعليم خلال العقود الماضية هو شاهد حي على ما يقود اليه نهج التدخل الفظ لفرض منهج حزبي او فئوي معين على الحياة الجامعية، وهو ما يضعنا امام تحديات جديدة تكمن في انتشال الجامعات من اوضاعها المتدهورة، والنأي بها خارج الصراعات السياسية والدينية والطائفية واعتماد مبدأ الكفاءة العلمية والاختصاص والدرجة العلمية والنزاهة والوطنية في عملية اختيار القيادات الجامعية وفق معايير محددة، ولفترات تحدد ايضا بقانون لكي يتم افساح المجال للمبدعين والخيرين من ابناء هذا الوطن المعطاء للمساهمة في التقدم الحضاري والانساني، وبناء عراقنا الديمقراطي الاتحادي الجديد.
 

جريدة "طريق الشعب" – ص2
الاثنين 19/10/2009

 

free web counter

 

أرشيف المقالات