| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الثلاثاء 1/2/ 2011

     

انت تسأل والمحكمة الاتحادية تجيب

حسن مشكور

السؤال ما الذي دفع السيد المالكي رئيس الوزراء بالذهاب الى المحكمة الاتحادية للاستفسار على " عائدية " الهيئات المستقلة . له ام لغيره وفي هذا الوقت بالذات؟ وكيف لنا ان نفسر رد المحكمة الاتحادية على طلب رئيس الوزراء ؟ وكيف تحول الاستفسار الى قرار غير قابل للطعن ؟

المسألة تتعلق اولا بحرب الانفاق السرية الدائرة بين الرئاسات الثلاث وكذلك مع الكتل السياسية ومنها صراع القائمة العراقية ودولة القانون وكذلك صراع رئيس البرلمان مع رئيس الحكومة او العكس والصراع بكامله ليس لصالح بناء الدولة وانما صراع من اجل تخزين المكتسبات للمرحلة القادمة لانهم جميعا يدركون ان التحالفات والتشكيلات قائمة على قاعدة رملية معرضة للانهيار في اي لحظة وخاصة بعد انسحاب راعي العملية السياسة وهو الجانب الامريكي والذي بفضله يجري استخدام " ورق الصيانة الوطني " المتوفر الان لترميم المشهد السياسي الممزق . لانه سوف يختفي بعد رحيل الامريكان . وهذا المشهد صورته واضحة بدءاً من تشكيل الوزارة والتي تضم فوج من وزراء للدولة بدون مهام وكذلك مسألة وزارة الدفاع والداخلية والوزارات المعمول بها بالوكالة يضاف لها تعقيدات الدستور وعدم وجود قانون للاحزاب ينظم العملية السياسية وقانون انتخابي يتعارض مع مفهوم الديمقراطية وحقوق الناخب الذي وردت في الدستور . و ازاء هذه الصورة يبرز الصراع المحموم الذي يسارع رئيس الحكومة دفعه بإتجاه يخدم حزبة قبل انتهاء الدورة الانتخابية لانه على قناعة ان المرحلة القادمة لا تمضي لصالحه ومرد ذلك تحالفه غير المأمون مع التيار الصدري وخاصة ان هذا التيار صحيح يمتلك قاعدة جماهيرية لكنه لا يمتلك قيادة كفوءة وهل من عاقل يسلم امره الى مقتدى الصدر على سبيل المثال . المالكي يحسب الف حساب وهو يدرك ان تحالفه مع التيار الصدري مربوط بخيط رفيع قابل للانقطاع في اية لحظة وكذلك وضع القائمة العراقية والتي دخلت العملية السياسية على مضض وهذه القائمة لها قوة اكثر تماسك من ناحية الكادر والمناورة السياسية وكذلك القاعدة الجماهيرية وينقصها عدم ديمقراطية رئيسها لكنها تظل كابوس يحاصر المالكي في النوم واليقظة . وبكون شكل الدولة العراقية لم يكن واضحا الى الان ولم تكتمل بعد مؤسساتها المستقلة عن الاحزاب فكل تشكيل وحزب يريد ان تكون مؤسسات الدولة تابعة له او لنقل تملكها كما كان جاري في زمن نظام صدام فكان حزب البعث هو الدولة والدولة هي حزب البعث وهذا مرده الى طبيعة التفكير الاقطاعي القادم من طبيعة البنى الاجتماعية المرتكزة على شيخ العشيرة ورجل الدين. وهو شكل النظام السياسي القائم في العراق الان.كل ذلك يجعل المالكي يحفر الخنادق ليتحصن فيها من القادم المرير .

اليوم يجري تخريب العراق ديمقراطيا . فعندما رفض مجلس الوزراء بعض صلاحيات رئيس الوزراء ومنها تعيينات روؤساء الاقسام الخاصة وجعلها مناطة بمجلس الوزراء سارع المالكي الى المحكمة الاتحادية في ضمان ما تبقى من هيئات مستقلة لتكون تحت سيطرته وطلبه المقدم الى المحكمة الاتحادية كان مجرد استفسار لكن المحكمة الاتحادية اتخذت به قرار لا يمكن الطعن به وهي في هذا انحازت الى جهة رئيس الحكومة ورئيس الحكومة يستطيع ان يحاجج بذلك الان دستوريا بكون القرار جاء من اعلى سلطة قضائية (علما ان المحكمة لم يصوت على شرعيتها البرلمان) يضاف الى ذلك ان هناك 40 مؤسسة عيّن رؤوسائها من قبل رئيس الحكومة ولم تخضع الى رقابة البرلمان وهناك هيئات شكلت خارج الاطار الدستوري مثل قيادة عمليات بغداد ومكتب مكافحة الارهاب والامن الوطني وجميعها مربوطة برئيس الوزراء مباشرة . وهو الان حصل على موافقة المحكمة الاتحادية على وضع الهيئات المستقلة تحت سيطرته وبهذا يكون رئيس الوزراء احكم سيطرته على كافة مؤسسات الدولة واشدها خطورة هو القرار المتعلق بالبنك المركزي والهيئة المستقلة للانتخابات وقبل ذلك جرت محاولة ربط البنك المركزي بوزارة المالية في محاولة لسحب الاموال لسد العجز المالي الحكومي وهذا يدلل على غياب الكادر في هذا المجال او كانت محاولة للنهب . تصدى لهذه المحاولة من المختصين القائمين على عمل البنك الذين وقفوا ضد ضم البنك الى وزارة المالية وهم انقذوا العراق من مطالبات مالية هائلة ربما تكون لها شرعية قانونية دولية تلزم الحكومة العراقية بدفعها . ثم يأتي قرار المحكمة الاتحادية غير المدروس لا بل المدمر لمستقبل العراق في قرارها بالغاء اسقلالية البنك المركزي وديوان الرقابة المالية والذي نصت عليه المادة 103 من الدستور والفقرة الثانية من المادة المذكورة وضحت ذلك بكون البنك هيئة مستقلة وهي مسوؤلة امام مجلس النواب . وهذا شمل المفوضية العليا لحقوق الانسان والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهيئة النزاهة وتعتبر هذه الهيئات مستقلة وتخضع لرقابة مجلس النواب وينظم عملها بقانون هذا ما اوردته المادة 102 من الدستور .
والناظر للاجراءات التي اتخذها رئيس الحكومة ديمقراطية من حيث القضاء ومدمرة من حيث التنفيذ فهو استحصل موافقة الهيئة القضائية لمسألة لم يجر الخلاف عليها منذ عام 2005 وهي قضية الهيئات المستقلة ونعود الى سؤالنا لماذا اثار رئيس الحكومة هذه المسألة الان ؟؟

رئيس الحكومة لا يريد لنهره ان ينكسر ويعتقد ان غمر المحكمة الاتحادية في سواحله سوف تجعله يعتصم وقد سبق وان ردمت المحكمة الاتحادية انكسار في ضفته بتفسيرها لقرار الكتلة الفائزة الاكبر وهي التي تتشكل بعد الانتخابات واليوم جاءت بتفسير ربط الهيئات المستقلة برئيس الحكومة واهمها لدى المالكي " البنك وهيئة الانتخابات" وهذه الهيئتان سيكون لهما دور مهم في العملية الانتخابية القادمة لانه لا يريد ان تكرر الهيئة المستقلة للانتخابات مواقفها السابقة وهي عدم اطاعة " الزعيم الاوحد " ونلمس ذلك في قرار عدم تثبت ملاك 30 مديرا من منتسبيها يضاف الى ذلك محاولة ابعاد رئيس هيئة النزاهة لانه تجاوز المسموح به في كشف المستور في الفساد المستشري في وزارة العدل والنفط والكهرباء ومجلس محافظة النجف والبصرة وغيرها من وزارات ومجالس محافظات يسيطر عليها حزب الدعوة الاسلامي !!!!

المصيبة ان فك الاعجاز في دستورنا الخارق لا يحق لاحد غير المحكمة الاتحادية بذلك . بكون الذين وضعوا " اياته " هم عظماء من نور لا يجوز المساس بمنجزهم المقدس غير المطهرين وهم ملائكة المحكمة الاتحادية المعصومين من الخطأ ولذا لا يمكن الطعن بما يأتون انه الكتاب المنزل . الا تفقهون وهذا الدستور لو وضعته على رأس " بول بريمير " لوجدته خاشعا متلعثما من تشابك البنود .
فعلام تعترضون ؟

نحن لسنا بمعترضين ولكننا للحق قائلين لاننا نرى الذي يجري تخريب العراق ديمقراطيا ومن خلال السلطات الثلاث لماذا لا يفك الارتباط بينهما ؟ بكون السلطة القضائية تنطق احيانا " كفر " وهي غير قادرة على ابداء الحق لانها تعرف ان الموت سوف يلاحقها من عصابات اليوم الموعود او عصائب اهل الحق او لواء بغداد او جيش دولة الاسلام او من "اعترافات كاتم الصوت" * فما بالها تدخل نفسها في هذه الفخاخ طالما اصحاب الدار للحق كارهين .

بلاد فيها اكثر من خمسمائة حزب وتشكيل وبكل الاصناف وكلها تأتي يوم الانتخاب ترفع راية الاسلام ومن الصعب التفريق بين الاسماء!!
اليس من واجب السلطات الثلاث النظر بهذا الخراب والاحزاب ودراسة تشريع قانون الاحزاب وجعل عدد اعضاء مجلس النواب 163 عضوا بدلا من 325 وجعل الكتلة او الحزب الذي لا يحصل على 12 مقعدا خارج البرلمان وهذا لا يعني حرمانه من العمل السياسي وانما عمله خارج البرلمان ويعود للبرلمان وتشكيل الحكومة اذا استطاع في الدورة الانتخابية اللاحقة من الحصول على المقاعد التي تؤهله لذلك لو جرى العمل بهذه النسب لتخلصت البلاد من شكل التحالفات القائم ولتأسس نظام برلماني متماسك وحكومة رشيقة غير مترهلة ب 42 وزير بدون مهام ورئاسة جمهورية بنائب واحد وكذلك رئاسة وزراء بنائب واحد بكون مثل هذا النظام قادرا على المجئ بحكومة اغلبية وكذلك سوف نتخلص من موضوع المقاعد التعويضية وكذلك يكون التفسير الصحيح للكتلة او الحزب الفائز هو من يحصل على اعلى الاصوات وليس تفسير المحكمة الاتحادية الخاطئ .
 

شباط /2011



* (اعترافات كاتم الصوت رواية لمؤنس الرزاز )



 

free web counter

 

أرشيف المقالات