| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الخميس 19/11/ 2009

 

هل حقا انتصر العراقيون على ماضيهم؟

د. عبدالرحمن جميل

أليس غريبا - أو بالاحرى عارا - ان نرى ان الذين اتفقوا وتعهدوا بانهاء الظلم والاستبداد ووعدوا ببناء عراق جديد.. ينهشون بعضهم بعضا بكل قسوة وشراسة وكأن الفرقة والعداوة والبغضاء التي زرعها الدكتاتور في نفوسهم هي أقوى من أن تزيلها الطموحات والامال والرغبة في التغيير والعيش بكرامة ودون خوف او تكرار لمآسيهم ومعاناتهم الماضية؟

المؤسف ان البعض يوفر فرصة مجانية لمن لا يريد الخير للعراق ويتشفى بهذه الانقسامات والمهاترات، بدلاً عن ابداء الحرص على تجاوز الماضي البغيض واحتقاناته المفتعلة وعلله الموروثة.. هل حقا ما يقوله البعض ان العراقيين لا يستحقون الحرية والديمقراطية لأن (خصوصيتهم) و موروثهم الثقافي وتربيتهم التي نشأوا عليها لا تتلاءم مع هذه الافكار الجديدة؟ ألا يكفي ما عاناه هذا الشعب المحروم طوال عقود من الزمن؟ هل سيحوّل هذا البعض الانتصار على أبشع نظام دكتاتوري الى انتحار؟

من المؤلم ان نرى ان الهجوم على العراقيين لا يأتي هذه المرة من أطراف غير عراقية معادية لتطلعات ورغبات الشعب العراقي كما كان الحال عليه منذ 2003.. وانما يأتي من العراقيين أنفسهم.. إذ بدأ كل طرف بتحميل غيره الاثام والاخطاء ويكيل له التهم والشتم واللوم.. وحتى التخوين والادانة .. وربما التنكيل والعياذ بالله.

لماذا؟ وأين سيقودهم هذا السلوك؟ هل سيصبحون على حال أفضل لو غيب البعض غيره لأنه على حق والآخر على باطل؟ ومن يقرر ما هو حق وماهو باطل؟

اذا كان الجميع يتفاخر بان بوسعه دون غيره توفير الحريات والحقوق المدنية وضمانها دستورياً وإرساء دعائم الحكم الرشيد ومقوماته.. فهل التشهير بالاخرين وتهديدهم وتخوينهم سلوك حضاري وديمقراطي سيحقق لهم ما يريدون؟

لقد أصيب العراقيون بالسأم والقرف وهم يرون أشخاصاً يدّعون النضج السياسي يكرسون جل أوقاتهم وجهودهم لنهش الآخرين وصب حقدهم على أفراد او جماعات لمجرد انها تختلف معهم في الرأي والتفسير والاستنتاج.

الشيعي والسني والكردي والعربي والتركماني والاشوري والكلداني والفيلي والصابئي والايزيدي وووو.. هم مواطنون عراقيون قبل ان تكون هويتهم الدين او العرق او المذهب او العقيدة او المكان.. ونالهم جميعا قسط من القمع والارهاب ابان سنوات الحكم الدكتاتوري .. فلماذا التراشق النشاز بالعبارات النابية؟ ولماذا الان بينما يجب ان يشمروا عن سواعدهم لبناء الوطن بكل ما هو متاح أمامهم؟ هل ان الاحقاد والضغائن هي حقا كامنة في أعماق قلوبهم كما يزعم المتربصون بالعراق شراً؟ أما حان الوقت ليدركوا ان مصير البلاد ومصيرهم باتا على المحك؟ هل ينتابهم إحساس بالقناعة والنشوة عندما يتسرعون في اقوالهم وأفعالهم دونما حساب للنتائج؟

لماذا اذاً هذه الحالة المؤلمة من التناحر والتناحر وليس غيره؟ ان البعض يقول شيئا ويضمر في صدره شيئاً آخر.. أنصح هذا البعض ان يقولوها بصراحة وجرأة بأنهم لا يطيقون العيش مع اناس من غير ملّتهم.. وليعلنوا أمام العراقيين وأمام شعوب العالم ان تحريرهم كان خطأ فادحاً ارتكبته المعارضة السياسية للدكتاتورية ضد رغبتهم, وانهم لا يمانعون بل يفضلون العودة للحكم الاستبدادي ولهيمنة الفرد الواحد والحزب الواحد.. ولينصرف كل طرف لحاله كما كان في عهد الدكتاتور..

ان هؤلاء في الواقع يستنزفون جهودهم ومواردهم ليس لوضع لبنة فوق اخرى في بناء الوطن وانما لمجرد رصد خطوات غيرهم في هذا المضمار والتقليل من شأنها ومحاولة إفشالها.. مهما كانت تلك الخطوة متواضعة وغير مكتملة.. و وليدة نوايا طيبة..

ان العراق يحتاج الى كل ساعد وعقل وارادة .. للمساهمة في اعادة الامن والاستقرار للبلاد وإحداث تنمية شاملة والمباشرة برسم ملامح مستقبلها .. وليعلم الجميع ان العراق وطنهم مهما اختلفت انتماءاتهم الدينية والعرقية والمذهبية .. وسيبقى كذلك.. وسيؤكدون لشعوب العالم التي تتابع مجريات الاحداث في العراق هذه الايام بالذات انهم ليسوا مجرد قبائل وعشائر متناحرة وإنما شعب مسالم متحضر يعشق الحرية ويستحقها ويقدّرها ويدافع عنها مثل باقي البشر.. فهل هم فاعلون؟
 


 

free web counter

 

أرشيف المقالات