| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأثنين 18 / 8 / 2014

 

افتتاحية المدى

التكليف والمسؤولية أمام أنظار التحالف الوطني :
تبني إشراك الجميع فـي صوغ ضمانات تقيّد رئاسة الحكومة

فخري كريم 

عملية الانتقال شبه القيصرية من التشبّث "غير الديمقراطي" بالسلطة، خلافاً للإرادة الوطنية، الى التكليف الرئاسي، أظهرت "تشوهاً" ملفتاً ليس للمفهوم الديمقراطي لتداول السلطة فحسب، بل أيضاً لآليات المحاصصة الطائفية التي تنصّل منها أولياؤها في كل مناسبة، اكثـر من المعارضين لها، وهم يعرّضون بـ"الطائفية "ومثالبها، ومن يروّج لها ويحرّض عليها، مستشهدين بالدستور وقيمه ومبادئه التي حرّمتها من حيث الجوهر والمظهر.

ويتبدّى هذا التشوّه في الخلط بين حق "الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً" في ترشيح من تختاره لتشكيل الحكومة، ومصادرة الإرادة الوطنية "كمرجعٍ" للتشكيل وللتقييم والتصويب والإعفاء وسحب الثقة. وتعدى الامر الكتلة لينتقل الى "الكتلة - القائمة الانتخابية" ثم الى حزب المكلف، باعتباره، صاحب الحق بالتكليف والتشكيل، أو هكذا يجري السعي لتثبيته كتقليدٍ في الحياة السياسية، وهو ما سيشكل "إعاقة" دائمة لا شفاء منها للعملية السياسية المتعثرة، اذا صار الى تكريسه كتقليدٍ متعارفٍ عليه.

إن التململ العام من المنظومة السياسية السائدة التي تتأطر بالمحاصصة الطائفية، والفشل المتكرر الذي ارتبط بآلياتها ومفاهيمها وتطبيقاتها في الحكم، حَرّي بأن يؤخذ بالاعتبار من قبل قيادات التحالف الوطني، وان يجري تدارك سلبياته، بالعمل على إجراء انتقالة سياسية تفضي الى اعتماد قاعدة المواطنة الحرة المتساوية. ويمكن ان تُدشّن العملية منذ الآن وفي مجرى تشكيل الحكومة وما قيل عن المعايير والأُطر التي تبناها التحالف الوطني، كحزمة قيود تُلزم مرشحها المكلف لرئاسة مجلس الوزراء بالاخذ بها في ادارة الدولة، وتضبط ايقاع حركته، ويتقرر على ضوئها استمراره في موقعه او اقتراح سحب الثقة منه، وفقاً للسياقات الدستورية.

وخلافاً لتحفظات بعض القياديين من التحالف الوطني او المكون الشيعي، فان الانتقالة إلى قاعدة المواطنة لا تشكل تحت اي ظرف تهديداً لدور المكون، ولا تحجب عنه موقع ممثليه في الحكم، او تخل بمعيار الاكثرية والاقلية السكانية، فالمحاصصة الطائفية المعتمدة في واقع الحال "لا تؤمّن" حقوق الاكثرية ، بل الاقلية الحزبية للمكون، وتصادر ارادته الحرة، وتقصيه عن مراكز القرار، لتتولى النخب الحزبية "الإنابة عنه" في ظل غياب حياة حزبية طبيعية، وممانعة مقصودة في ارسائها على اساس دستوري "يُنظّم بقانون". ان الاكثرية والاقلية في كل محافظة، هي معيارٌ ينعكس في الانتخابات، ويعبر عن تضاريس المكونات التي تتعايش فيها، ويجَسد نبضها وهمومها ومصالحها وما تراه من اساليب ووسائل لتحقيقها، بما في ذلك خياراتها للتمثيل في البرلمان او الحكومة او في المحافظات.

ان انفتاح التحالف الوطني على مفهومٍ يشكل مقاربة مع المطالبة الصامتة لتجاوز المحاصصة الطائفية، يمكن ان ينعكس - ونحن ما زلنا في مرحلة التشاور لتشكيل الحكومة- في اشراك جميع اطراف العملية السياسية في تحديد المعايير والاطر التي تحدد ضبط ايقاع رئيس مجلس الوزراء، وتشكل قيوداً رقابية على نهجه وسلوكه الحكومي، وامتثاله لارادتها، اذا ما وجدت في ذلك ما يتعارض مع النهج المطلوب والسياسات المعبرة عن التطلعات الشعبية، على ان يُطرح ذلك كله في البرلمان، ويتضمنه خطاب المكلف بالتشكيل في طلب التصويت على الثقة بالحكومة.

ورغبة في عدم إثارة تحفظات وشكوكٍ مسبقة على المكلف بتشكيل الوزارة، وكذلك تجاوز غير القليل من المظاهر التي لا تبدد بعضاً من الشكوك، فان ما صدر من اشاراتٍ علنية لبعض اوساط حزب الدعوة، من ان العبادي "مُلزمٌ بتَمَثُّل" سلفه، ومواصلة نهجه، يجب ان يجري التصدي له من السيد العبادي نفسه، وان يوضح استقلاليته، ليس عن السلف وحده، بل عن الحزب ايضاً، فتكليفه جاء تعبيراً عن ارادة وطنية بالتغيير، وليس رغبة في "الانتقام"، او القبول بالتبديل الشكلي، في اطار نفس السياسة وذات الحزب.

وفي هذا السياق الإيجابي، وتأكيد حسن النوايا، يمكن تجاوز ما أُشيع عن نوايا وإشارات نُسبت للسيد العبادي، باعتبارها دلالات على أن ما كان سيكون ويظل قائما، وان إرادة التغيير، ستكون مجرد تبادل للادوار.

وكل تغيير والعراق بخير..!


المدى
العدد (3149) 18/8/2014


 


 

free web counter

 

أرشيف المقالات