| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الثلاثاء 18/1/ 2011

  

المدارس الطينية ملف ساخن على طاولة وزير التربية الجديد 

د.هادى مهدى

انتهى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين .وحقق العالم أنجازات باهرة فى مجالات العلوم والتكنولوجيا .فالأمى فى المفهوم الحديث هو ليس من لا يعرف القراءة والكتابة, بل ذلك الذى لا يجيد استخدام الحاسوب ,ولا يستفيد من الانترنت فى الحصول على شتى أنواع المعرفة .

ان مسيرة التقدم العلمى تحث الخطى بسرعة قد لا يتمكن معها المراقب أحيانا رصد الأنجازات الحديثة. انها ثورة علمية حقيقية جعلت العالم أصغر من قرية... فأين نحن من هذا كله ؟ واقع العراق ليس فريدا من نوعه , بل هو صورة لما هو عليه الحال فيما اصطلح عليه بالبلدان النامية. وينفرد العراق بالظروف التى مر بها لأكثر من ثلاثة عقود مما زاد الوضع تعقيدا. حديثنا فى هذا المقال عن المدارس الطينية المنتشرة فى أغلب مناطق العراق . انه لأمر مخجل ومحزن فى أن واحد ان يتواجد هذا النوع من المدارس فى العراق .هذا البلد الذى يتباهى حكامه بخيراته وثرواته النفطية الهائلة. , حتى أنه أصبح ثالث بلد فى العالم من حيث احتياطياته النفطية. ويقولون ان أنتاجه من النفط سيصل قريبا الى اثنى عشر مليون برميل يوميا. لقد صرح قبل فترة السيد حسين الشهرستانى ان العراق سيتحكم بالسياسة النفطية العالمية. أما ميزانية العراق لعام 2011 فقد تجاوزت الثمانين مليار دولار فى تخصيصاتها .

تسلم الوزير الجديد السيد محمد تميم عمله منذ فترة قصيرة , جعلنا نستبشر خيرا باستيزاره , ففى بداية عمله ألغى قرار الوزير السابق والفاشل السيد خضير الخزاعى والقاضى بألغاء دروس الموسيقى والمسرح من معاهد الفنون الجميلة . وفيما يتعلق بالمدارس الطينية ,ذكر المركز الوطنى للأعلام لوكالة الصحافة المستقلة بتاريخ
5-1-2011 عن مصدر فى الوزارة قوله أن الوزير الجديد السيد محمد تميم قال ان السنتين المقبلتين ستشهدان أزالة المدارس الطينية فى بغداد والمحافظات واستبدالها بمدارس حديثة الأبنية . كلام جميل ... ونوابا طيبة ,لكن كيف سيكون التنفيذ ؟ قبل الأجابة عن هذا السؤال لابد من أيضاح عن واقع هذه المدارس.

كاتب هذا المقال سنحت له الفرصة فى 2007 أن يزور ريف الديوانية كما زار بعض تلك المدارس .احصائيات وزارة التربية تفيد بوجود أكثر من ألف مدرسة مبنية من الطين موزعة على أغلب محافظات العراق . وفى محافظة الديوانية وحدها 200 مدرسة منها . الرحلة ليست سهلة ويسيرة للوصول الى أماكن تواجد تلك المدارس ,فالسيارة العادية لا تجد لها طريقا ,السيارات الكبيرة أو ذات الدفع الثلاثى فقط هى التى يمكن استخدامها . فى رحلتنا الى ريف الديوانية نسينا لوهلة أننا فى العراق ... كان الواقع أقرب الى جيبوتى أو الصومال . الأرض بكر... ربما لم تحرث منذ أيام السومريين . لم نجد أى مظهر للحضارة ... لا ماء لا كهرباء ... بيوت متناثرة ومتباعدة من الطين يسكنها قرويون معدمون . وبين تلكم البيوت وجدنا مدرستين الواحدة عن الاخرى تبعد عدة كيلومترات ... عرفنا أن البناء الطينى هو مدرسة من اللوحة المعلقة فى أعلى الجدار ...صدقونى هذه المدارس سميت مدارس مجازا كما سمى الأعمى بصيرا ... انها تفتقد كل شىء وهى ليست أماكن صالحة للدراسة أطلاقا . كانت احدى تلك المدرستين هى مدرسة الخزرج وعام أنشائها كما كتب هو 2006. وليس صحيحا ما يقوله السيد وليد حسين الناطق الرسمى باسم وزارة التربية أن المدارس الطينية هى من مخلفات النظام السابق ,فالعشرات منها بنيت بعد 2003 باعتراف مدير تربية الديوانية .لجأت مديرية تربية الديوانية الى حلول مؤقتة كما قال السيد مدير التربية أذ جرى توزيع كرفانات على بعض المدارس الطينية . هذه فى الواقع حلول قاصرة مبنية على الأرتجال والتجريب الذى اعتمده الحكام الجدد منهجا فى مجالات عدة .وهذا يؤدى بلا شك الى هدر المال العام .

أعود الى تصريح السيد وزير التربية, هل وضعتم خطة للقضاء على المدارس الطينية ؟ وماهى خطتكم ؟
المدرسة هى وحدة من منظومة اجتماعية متكاملة . واستنادا الى هذا الفهم يجب البحث عن حلول جذرية وواقعية لهذه المشكلة. تتواجد المدارس الطينية أغلبها فى بيئة تفتقد الى البنية التحتية ,لا توجد طرق معبدة ,لا ماء.. لا كهرباء ..لا مراكز صحية ,وحال السكان بائس . لذا نرى أن الحل ينبغى أن يعتمد على أنشاء قرى عصرية متكاملة ,فكيف يمكن أن توجد مدرسة دون مستوصف صحى قريب ؟ يجب النهوض بالواقع الاجتماعى والاقتصادى لسكان تلك المناطق لكى تكون الحلول واقعية ومنطقية . فليس من المعقول أن تتواجد مدارس حديثة فى بيئة ينعدم فيها كل شىء .أن نهضة اجتماعية واقتصادية هى شرط أساس لسكان تلك المناطق التى تتواجد فيها المدارس الطينية . وهذه المهمة هى أكبر من أن تستطيع وزارة التربية وحدها أنجازها. لذا نرى أن تعد الوزارة دراسة حول الموضوع تقدم للحكومة لتكون من أولويات البرنامج الحكومى. ولا بأس أن تستعين الوزارة بمنظمة اليونسكو لتى لها خبرة كبيرة فى هذا المجال. لا شك لنا فى النوايا الحسنة للوزير الجديد ... لكن ينبغى التخطيط والتفكير باسلوب جدى وعملى لحل هذه المشكلة..



18-4-2011
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات