| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 18/8/ 2010

 

المجد لذكرى البرزاني الخالد

عادل أمــين

يحتفل الشعب الكوردي هذه الايام بذكرى قائد من قادته، وهو اكبر من ان يُتذكر، لأنه عاش ويعيشُ في ضمائر شعبه، قلئدٌ إذا ذُكر اسمه لابد للأنسان ان يقف امام ذكره اجلالاً وتقديراً، قائدٌ ترك لشعبه اسطورة مجدٍ وعزٍ، حفر أسمه ليس في وجدان الشعب الكوردي فحسب، لا بل في وجدان وضمائر كل العراقيين الوطنيين، فكفاحه الباسل والدؤوب، وحنكته السياسية، وصلابته الفولاذية من أجل حقوق الشعب الكوردي، ومن أجل الحقوق الديمقراطية للشعب العراقي، رفعه الى مصاف القادة العظام الذين خلدهم التأريخ، أنه القائد الخالد، رمز الشعب الكوردي، مصطفى البرزاني.

قائدٌ لا يمكن تلخيص حياته ونضالاته بكلمات موجزة، أنها لأساطير وحكايات طويلة، بدءاً من ثورة برزان(1943- 1945) ومروراً بدوره في جمهورية مهاباد الشهيدة، وليس أنتهاءاً، لا بل مواصلة لثورة ايلول وما بعدها ، ومن ثم الأجيال التي تربت وتشربت بأفكاره ومبادئه والتي واصلت رفع الراية التحررية للشعب الكوردي من بعده.

قائدٌ كان اسمه مرادفاً لأسم شعبه، كم منا يتذكر عندما كان خارج العراق في الستينات وسبعينات القرن الماضي، عندما يلتقي بشخص أجنبي ويُسأل عن قوميته، ما ان يذكر انا كوردي إلاِ ويفاجئه الاجنبي بسؤال استفهامي (برزاني ؟ ) هكذا ارتبط اسمه بأسم شعبه.

هذا القائد الذي استطاع نقل قضية الشعب الكوردي من اطارها المحلي والاقليمي الى المحافل الدولية، وكسب تيار عريض من الرأي العام العالمي المناهض للفمع والأرهاب والأضطهاد، للتعاطف مع حقوقه القومية العادلة.

قائدٌ لم يدب فيه اليأس والقنوط بالرغم من عاديات الزمن، ورغم تكالب العديد من الأنظمة والقوى الشوفينية المعادية للشعب الكوردي، انما قاد مسيرة شعبه بكل إباء وشموخ وايمانه الراسخ بأن قضية مثل قضية شعبه لا يمكن ان تموت ولو تعرضت الى الأنتكاسات، لأن جذوتها تبقى و تتقد من جديد، ككبوت فرس سرعان ما تنهض من كبوته، والمثال الحي والقريب، هو انتكاسة الثورة بعد اتفاقية الجزائر وعرابها الشوفيني هواري بومدين عام 1975 وإندلاعها مجدداً في ايار عام 1976.

إن الأساليب النضالية التي آمن بها البرزاني وربى عليها المناضلين الذين جاءوا بعده، هي اساليب نضالية شريفة ومشروعة، وقد نبذ الأساليب الخسيسة والدنيئة التي مارستها اعداء الشعب الكوردي بحقه ، او التي تمارسها اليوم اعداء الشعب العراقي ، كتفجيرالسيارات المفخخة وتفجير العناصر في الأماكن العامة لأيذاء الأبرياء، لم يلجأ للعنف إلا رداً على العنف، وكان يعامل أسرى اعدائه معاملة انسانية تتلائم مع سمو اخلاقه ومبادئه، وان سهامه كانت موجهة دائماً وبوعي نحو رؤوس اعدائه.

لقد إعتبر البرزاني، قضية نضال شعبه الكوردي التحررية، جزءا رئيسيا من الحركة الوطنية والديمقراطية العراقية، وكان شديد الايمان بأن النضال القومي للشعب الكوردي ، لا يمكن فصم عراه عن النضال الديمقراطي للشعب العراقي، لذا لم يدخر جهداً في دعم الحركة الديمقراطية العراقية، وحول المناطق المحررة من كوردستان العراق الى ملاذٍ آمن للمناضلين ضد الأنظمة الدكتاتورية ايام المحن، والكل يتذكر كيف احتضن البرزاني ايام محنة انقلاب شباط 1963 الفاشي، ضحايا الانقلاب من الشيوعيين والديمقراطيين، وكيف وفر مرة آُخرى ملاذاً آمناً لهم ايام هجمة حزب البعث عامي 1970ـ1971 ، وفي عام 1979 سار الجيل الذي تربى وتشرب من افكار البرزاني على نهجه، وساهم في مساعدة معارضي نظام البعث في فتح المقرات في المناطق المحررة لخوض الكفاح المسلح من هناك ضد نظام البعث الفاشي، ان تلك المواقف الوطنية لازالت طرية في ذاكرة الديمقراطيين العراقيين.

لقد حاول وسعى البرزاني الخالد مع الأنظمة التي توالت على حكم العراق، حل قضية شعبه بالطرق والأساليب السلمية ليجنب شعبه والشعب العراقي عموماً الخراب الناتج عن محن العنف والحروب، وكان يؤمن بأن وحدة العراق لا يمكن لها ان تبنى بالأساليب القسرية وبشحذ الايدولوجيات القديمة، وكان على قناعة تامة في أن أُولى مستلزمات الوحدة الوطنية للدولة العراقية، هي منح الحقوق الكاملة لأطراف المكونات العراقية، لتكون وحدة طوعية واختيارية، آنذاك تكون الوحدة صلدة وقوية، وبغير ذلك ستكون الوحدة هشة وقابلة للتمزق في اول فرصة مؤاتية.

واليوم توصل القاصي والداني في الحركة السياسية العراقية، سواء الذبن ساهموا في اضطهاد هذا الشعب ، أو الذين كانوا من المتفرجين في تلك الصراعات، الى القناعة من ان مسالة الشعب الكوردي وحقوقه القومية ، لا يمكن حلها ومعالجتها، عن طريق الطائرات والدبابات والأسلحة الكيمياوية وحرق القرى والابادة الجماعية، لأن تلك الأساليب جربت ولم تجلب لأصحابها سوى الفشل، والحقت الأذى والخراب ببلادنا وشعبنا، وإذا كانت هناك بعض التجارب الأقليمية، يظهر للعيان بأنها عالجت القضية عن طريق العنف، فأنها الصورة السطحية للمسألة، لأن جمرة النضال تبقى مشتعلة مهما بذلت من الجهود للقضاء عليها واطفائها، وستتقد في اولى الرياح الهابة والمؤاتية، ويندلع النضال القومي التحرري من جديد ليفرض حلوله العصرية، وعلى الرغم من اطلاق التهديدات بين آونة وآخرى من بعض العقول التي لا زالت لم تشف من مرض العنجهية الشوفينية، فأنهم اخذوا رغما عنهم بالتقرب شيئاً فشيئاً من افكار البرزاني ومن مواقف القوى السياسية الصديقة للشعب الكوردي والتي وقفت دوماً الى جانب نضاله القومي التحرري، في حل قضايا العراق القومية ، والآن ترينا الحياة من الدروس الطرية عن فشل الوحدات التي اقيمت بالأساليب القسرية وكيف تهاوت، فلنتعظ من تلك التجارب ونستخلص الدروس منها لحل قضايا بلادنا القومية.

لك المجد ايها القائد الشهم!


 

free web counter

 

أرشيف المقالات