| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                     السبت  18 / 1 / 2014

 

جهاد عاجل الرجل المجهول المعروف

فاضل مطلك

ولد جهاد عاجل الذي عرف بأسم أباغاندي اعتزازا بالقائد الهندي العظيم غاندي علما انه لم يتزوج , جاء للحياة في سنة اعلان الجهاد ضد الأنكليز حيث التحق اباه مع المجاهدين ولم يعد فتكفل عمه برعايته واسماه جهاد .

كبر جهاد ودخل المدرسة الأبتدائية وانهى الصف السادس بتفوق ولظروفه المعاشية والعائلية لم يكمل دراسته , انتمى الى صفوف الحزب الشيوعي العراقي مبكرا واعتقل عدة مرات مع العديد من الشخصيات الوطنية المعروفة منهم المرحوم عيد الحسين جواد الغالب والأستاذ فاضل عباس الكاتب وآخرون .

ذكر لي انه التقى الرفيق الخالد فهد وعمل معه في خلية واحدة , كان جهاد رجلا مثقفا ماركسيا جيدا وله اهتمامات في الأدب والشعر والفن لذا اصبح قريباً من الشباب المتطلعين للمعرفة والتنوير , انتقل هذا الرجل المجهول بين مدينة الشطرة ومدينة الكوت حيث عمل موظفا في وزارة التموين انذاك وتم فصله لأسباب سياسية واصبح يعيش حياة غير مستقرة متنقلا بين اماكن عمل متعددة قضى فترة طويلة كاتب عرائض مقابل وزارة الدفاع وكان متمكنا في كتابة الطلبات بأسلوب رائع وبخط جميل , عاش يومه يأكل ويشرب بما يحصل عليه يوميا .

روى لي بأنه في احد الأيام لم يحصل على فلس واحد وكانت جيوبه فاضية وبطنه خاوية فأضطر ان يدخل احد المطاعم المعروفة في شارع الرشيد وطلب وجبة شهية وبعد شربه للشاي حمل الصحف والكتب التي لا تفارقه ووقف امام صاحب المطعم ووجه له سؤالا ماذا يفعل للزبون الذي يأكل في المطعم ولم يستطيع دفع ثمن ما أكله اجابه صاحب المطعم بأنه سيشبعه ضربا على قفاه فأدار جهاد وجهه وقال له اعمل ما تريد لأنني لا املك فلسا واحدا وكنت جائعا عطف عليه صاحب المطعم وطلب منه ان لا يكررها ثانية .

وفي اليوم التالي رزق الله جهاد مبلغ جيد من المال تمكن من تسديد ما بذمته الى صاحب المطعم مع الشكر لموقفه منه بعدها اصبحت علاقته متينة معه واستطاع ان يكسبه للحزب وان يشتركا سوية في انتفاضة 1948 , بعدها رجع جهاد الى مدينته الشطرة وعمل ايضا كاتبا للعرائض امام المحكمة التي كان ينتصب مقابلها تمثالا للملك مصبوغا باللون الأبيض ونتيجة تعرضه للشمس والمطر اصبح لونه فاقعا وتغير لون التمثال مما حدا بجهاد ان يدخل الى القاضي ليخبره بأن الملك طاح صبغه واصبح منظره غير مقبول تفاجأ القاضي بهذا الكلام واصبح محرجا امام الحاضرين وحائرا في كيفية الرد على كلام جهاد واصبح الناس يتذكرون هذه الواقعة لفترة طويلة من الزمن .

كان جهاد كاتب العرائض المعروف في مدينة الشطرة يملك كرسيا متهالكا ومنضدة صغيرة قديمة متهشمة الجوانب لكن مكانه اصبح مركزا يتجمع فيه الشباب يستمعون اليه وهو يحدثهم بالأمور الوطنية وروح المواطنة الصحيحة ويربطها بالفكر الشيوعي .

اعتقل جهاد وتعرض للضرب في فترة حكم الزعيم عبد الكريم قاسم وبعد انقلاب شباط الأسود تم اعتقال جهاد وهو في سن متقدم من العمر وعذب بصورة وحشية على يد جلاوزة الحرس القومي الفاشي وظل يعاني في داخل السجن من أمراض عديدة وترك بدون عناية او رعاية صحية حتى وافاه الأجل في ظل المعاناة والحرمان .

معذرة له لأني لم اصل الى الحقيقة كاملة عن سيرة حياته التفصيلية وما مر به من احداث لأنه كان بحق رجلا مجهولا لكن اهالي مدينته الشطرة يعرفونه انسانا عصاميا ومناضلا شيوعيا صادقا.
 

free web counter

 

أرشيف المقالات