| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 17/9/ 2010

 

ومضة من ديالى

خضير الاندلسي

وبينما انا في طريق العودة الى بغداد قادما من مدينة اربيل انطلقت سيارتنا بسرعة جنونية صوب العاصمة العراقية كأنها تلتهم الطريق, وبعد تبادل السلام مع ركاب السيارة تعرف بعضنا على بعض بصورة لطيفة جدا ,فتبين ان احدهم يبتدع المزحة, اخر يجيد الحديث بلباقة وثالث مشغول بأزمة تشكيل الحكومة اما الاخير فيكاد يشتعل رأسه شيبا جراء الاوضاع المزرية التي يمر بها العراق وقلة الخدمات المقدمة وخصوصا في مدينة السلام بغداد!

رجل مسن ينزوي في المقعد الاخير علق بعد ان تمكنت المطبات المصطنعة وغير المصطنعة في الشوارع الرئيسة النيل من اعصابه الحديدية ( أمين بغداد العيساوي عنده ثلاث ابراج في دبي والعراقي هنا ماكل وحل وبغداد تبجي) ثم ما لبث ان سكت الا وأشعل الصريخ ضياءه بعد ان كانت السكينة المعتمة سائدة وكأن الركاب بحاجة الى من يحرك احاسيسهم ليفضفضوا عما في داخلهم من بؤس وألم , فذاك يصرخ وأخر يشتم وثالث ( هو هذا وضع العاصمة ,اي والله عيب صار لكم سبع سنوات تنهبون ,عمي بوكوا 50% واشتغلوا بالباقي ميصير كلهه لغف!)

ثم تلى هذا الضجيج الذي استمر حوالي10 دقائق هدوء سيطر على زمام الامور ومركبتنا لازالت تفترس الطريق بسرعتها ,واذا بسائقنا يقف جانبا فجأة لعطل اصاب المركبة وما ان نزلنا الا ووجدنا ان مقياس الحرارة يقرأ اعلى درجة وبعد التحرك السريع اكتشفنا ان السيارة تعاني من نقص حاد في المياه كالعراق الذي يعاني هو الاخر من التصحر جراء السدود المبنية على دجلة والفرات والتي لم تجد من يقف بوجهها جراء الفراغ الحكومي منذ اكثر من ستة أشهر, استغفرت الله! واتصلت بالاهل كي اطمئنهم على سلامتنا لان العطل اوقفنا في محافظة ديالى والساعة متاخرة شيئا ما (07.33 مساءا) وبينما انا اضرب اخماسا بأسداس حول مصيرنا في هذه المنطقة النائية التي تربط العظيم ببعقوبة , استوقفنا صاحب شاحنة كبيرة محملة وسألناه عن امكانية مساعدتنا في حال لديه ماء , فأجاب والتفاؤل طاغ على تقسيمات وجهه ( اهلا بأهل بغداد , يا كل الهله) وبعد مصافحتنا جلب حوالي 40 لترا وأخذ هو على عاتقه تبريد السيارة التي تكاد تحترق , واستغرقت العملية اكثر من 20 دقيقة , وبعد ان انتهى منها دعانا الى بيته في بعقوبة للأستراحة ومن ثم التوجه صباحا الى بغداد فما كان منا الا ان نشكر اخلاقه وشعوره الوطني تجاه ابناء شعبه والشهامة النادرة التي تميز الفرد العراقي عن غيره.

استقلينا السيارة من جديد متوجهين الى بغداد حاملين امانينا بعودة الامن والاستقرار لربوع عراقنا الحبيب وبالتالي بناؤه واعماره.

free web counter

 

أرشيف المقالات