| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الثلاثاء 16/10/ 2012                                                                    

 

الرفيق ابو سلام، عادل كامل...
فراق 25 عاما، كانه فراق الأمس

صباح الجزائري

طَرَقات سريعة وقوية على الباب، ركضت مسرعا لأستطلع الأمر: عمو الحك ، بابا مات...

كانت سلام بعمر الورد آنذاك، تصرخ و لا تعلم ماذا حدث بالضبط. حدث هذا منذ 25 عاما، و منذ ذلك الحين بدأ الفراق الصعب لأنسان صعب غيابه عن الضمير و عن الذاكرة. انه الرفيق و الصديق و الانسان الدكتور عادل كامل الربيعي، ابو سلام...

سلام و نداء و علي والأم انعام المهداوي الزوجة و رفيقة العمر سوية مع ذكريات يافعة لم تستكمل كل فصولها، هي كل ما بقى بعد ان غيبته حادثة غريبة و هو في طريقة لمدينة اخرى لإداء مهمة حزبية هي الاخرى غريبة بعض الشيء، و ملا بسات الحادث وما لحقها واقترن بها من تفاصيل هي ايضاً غريبة ولكن ليس هنا مجال الحديث عنها. الأطفال كانوا بأمس الحاجة للأب والسيدة انعام كانت بامس الحاجة للزوج و لرفيق العمر لمواصلة مشوار ارادته لأبنائها ان يكملوه على نهج ابيهم كما اقسمت على قبره ساعة الدفن، في غربة وصفها العزيز لطفي حاتم بـ "محنة المثقف العراقي في المنفى" . لكن كما يبدو اليوم ان الظروف اقوى كثيراً من الأمنيات النبيلة.

الباص الذي يقله الى مدينة بعيدة توجه لها بمهمة حزبية، لكي لا يشعر الرفاق والأصدقاء فيها بان الحزب بعيد عنهم، لكي لا يشعرون بانهم بعيدين عن الحزب. هكذا كانت الامورالحزبية تسير بشوق كبير لتادية مثل هذه المهام، ذكرني ذلك في احد محطات الغربة ذات المدن المتباعدة ، كنا نقطع رحلة الألف كيلو متر ، دون ملل ، لكي لا يشعر ثلاثة او اربعة رفاق بانهم بعيدين عن الحزب. يصطدم باص الرفيق ابو سلام بسيارة شحن لنقل قناني الغاز، تخترق احدى الدعامات الحديدية الافقية للشاحنة مقدمة الباص، تمر بين راكبين او اكثر لتخترق صدر الرفيق ابو سلام من الصدر الى الظهرو تصرعه في الحال من دون كل ركاب الباص الذين لم يصب اي واحد آخر منهم حتى ولا بخدش بسيط! اليس ذلك غريباً، هل هذا الحادث مدبر؟ هل حقاً هذا ما حدث؟ لا احد يعلم بالضبط كيف حدث ذلك، ولا زالت اسئلة كثيرة عن الحادث و ملابساته و ما لحقه من ظروف دون اجوبة، حتى هذه اللحظة.

كان شابا ، شبيبياً ، شيوعياً ، دؤوباً ، مثابراً ، متواصلا، متابعاً و قارئاً جيداً ، حيوياً وملماً باختصاصه المهني دون ان يخل باهتمامته الحزبية. ، كان مستمعا جيدأ ، ساعياً دوما لتنفيذ المهمات الحزية بدرجة عالية من الاتقان والدقة، هكذا عرفته وهكذا عملت معه، طيباً ذو نخوة عالية و لم يكن يتردد في تقديم المساعدة لطالبيها.
كم نحن بحاجة الى مثل هذه الهمم و التفاني في التصدي للتحديات التي تجابهنا، في الرفيق ابو سلام ، عادل الربيعي قوة مثل جميلة تجعل منه انساناً صعبٌ غيابه عن الضمير و الذاكرة.

احتفي من القلب بذكراك ، اتمنى ان اكون، خلال سني الفراق الـ 25 التي مضت سريعأً، وفياً لعائلتك ولأبناءك الذين كان لهم ولا زال موقعا بيننا كانهم منا ولنا. ستبقى ويبقى امثالك قوة مثل، رغم كل قسوة الحياة وعسفها الذي لما ينتهي.
 

رفيقك صباح الجزائري
بغداد 15 اكتوبر 2012

 

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات