| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأثنين 16/1/ 2012



 المريض العراقي

صلاح حسن الموسوي 

يحمل التوجه الحالي للعملية السياسية في العراق للألتئام بمؤتمر وطني يرعاه رئيس الجمهورية علامة استفهام كبيرة وقدر لا يستهان به من الغرابة لعملية سياسية ناهز عمرها التسع سنوات وقطعت مراحل هامة ككتابة الدستور وانجاز أكثر من دورة للبرلمان الوطني ومجالس المحافظات والحكم طوال هذه المدة وفق صيغة سياسية ثابتة اصطلح عليها بالتوافقية السياسية بين الطوائف والأعراق الرئيسية حيث تم على ضوئها هندسة التوزيع للمناصب السيادية الكبرى إضافة إلى الوزارات والسفارات و غيرها من الدرجات الوظيفية الراقية , ومبعث التناقض في موضوع الدعوة الحالية لمؤتمر سياسيي عام وعلى الصعيد الوطني هو إن مثل هذه المؤتمرات نادرة وتأتي في مقاطع زمنية خاصة لتأسيس النظام السياسي في بلدان نجحت في تحقيق ثورة شعبية على حكامها أو تدشين مرحلة تاريخية جديدة مرتبطة بخروج الاحتلال الأجنبي ونيل الاستقلال الوطني , وليس كما يجري حاليا في العراق لمواجهة التصعيد في الأزمة بين طرفين سياسيين حاكمين تسابقوا لإطلاق التهديدات قبل انعقاد المؤتمر بالذهاب إلى حكومة أغلبية سياسية أو طائفية وبالمقابل يشهر الطرف الأخر سلاح الفدرلة لمحافظاته وقطع أرجل الغرباء من رجال الحكومة المركزية .

يمكن تشبيه عراقنا الحالي بالجسد الذي استفحل في ثناياه المرض , ودواء المؤتمر هو عقار متقدم على ما سبقه من أدوية ( المصالحة الوطنية ) و( اتفاقية اربيل ) وغيرها من المضادات الحيوية التي تم استيرادها من الولايات المتحدة ودول الجوار لإنجاح عملية المحاصصة التي مزق بها الجسد العراقي وبات أكثر ضعفا لتحمّل او صد هزات المحيط المتفجر بمشكلة الأزمة الغربية الحادة مع إيران والصراع الدموي المحتدم في سوريا وحولها وموالاة تركيا ودول الخليج لتسجيل الفضل والأفضلية في ما بات يعرف بالربيع العربي ,وبرأيي ان أفضل ما سيؤديه (دواء المؤتمر) تثبيت مستوى المرض وتأخير الموت السريري لحين الوصول الى اللحظة الحاسمة والمعلنة لـ (التقسيم الناعم) الذي تسعى إليه الأطراف المحلية بتصميم بعضها وتواطؤ الآخرين , وبسرعة تفوق حركة الأجانب الساعين تاريخيا إلى تقسيم العراق الى دويلات شيعية وسنية وكردية .

من المحزن ان حلم الإبقاء على العراق في خريطته الحالية بات يدنو من نوادر المعجزات في ظل الاستقطاب السلطوي الحالي والذي انتقل في صراعه العنيف الى دائرة جديدة من توازن الرعب يذهب يوميا ضحاياه العشرات من أبرياء المواكب الحسينية وإفراد الصحوات والعمال المياومين وغيرهم , وبالمقابل تختنق لغة السلام والوطنية بالحشرجة القاتلة, حيث لا تعدو الخلاصة في الحديث السياسي اسطوانة العودة إلى مواد الدستور , والذي أصبح بشكله المعهود مشكلة المشاكل في عراقنا الحالي , وهو الآن أشبه ما يكون بقضية مصاحف عمرو بن العاص التي أعطت الشحنة السحرية للفتنه الكبرى في تاريخ المسلمين , والذين مازالوا يرزحون تحت كاهلها الي يومنا الحالي.
 




 

free web counter

 

أرشيف المقالات