| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الثلاثاء 15/1/ 2013

 

من أقنع المالكي بأنه رجل المرحلة؟

أوراس الكيلاني

يبدو أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بدأ الآن بتسويق البضاعة التي حاول تصريفها في السوق العراقية بعد أن تكدست في مخزنه لسبعة أعوام، فالأزمة الأخيرة والتي تعمد إثارتها كانت مدروسة وتداعيات القبض على حماية وزير المالية رافع العيساوي كان الهدف من ورائها إثارة الفتنة والوصول بالعراق إلى نقطة اللاعودة. مظاهرات الأنبار التي خرجت بعد أن فاض الكيل، جراء التعنت والتفرد بالسلطة باتت اليوم “حق يراد به باطل” حسب تصريحات الحكومة التي تغاضت عن مطالب الجماهير، لتفتح عينيها على عناصر مدسوسة رفعت صور المقبور صدام وأعلام الجيش السوري الحر وشبهت الحكومة بالخنازير وأولاد المتعة. إن قائمة المطالب لم تقتصر على قانون اجتثاث البعث أو إلغاء المادة 4 إرهاب مع أن الحديث عن هاتين النقطتين يستحق التوقف. يبدو أن قانون اجتثاث البعث لم يطبق سوى على فئة محدودة لم تخدم مصالح الحكومة ولم تتعاون معها وإلا لكان شمل الجميع؛ من سنة وشيعة وأكراد؛(الذين استبقوا الأمور بإعلان المصالحة مع جحوشهم لعدم التفريط في صوت كردي واحد مهما كانت توجهاته)، كما أحتل الكثير من البعثيين مناصب قيادية في الأحزاب والحكومة العراقية، ولم نجد في الحكومة من يمثلون الخطر الأكبر أكثر منهم لأنهم يتلونون مع كل زمن بما يتماشى مع أفكارهم المريضة في الوصول إلى الكراسي متحامين بمظلة الحكومة التي مازالت تعيش الماضي عبر جعلهم أبواق تتهم الناس بالانحياز لهذا الطرف أو ذاك في سبيل خلط الأوراق والاحتفاظ بالسلطة، والنائب البرلماني علي شلاه خير مثال على ذلك.

أما المادة 4 إرهاب والتي فاقت رقم النحس 13 لبشاعة ما يجري بين ثناياها والتي تنص على ” يعاقب بالإعدام كل من ارتكب  بصفته فاعلا أصليا أو شريك عمل أياً من الأعمال الإرهابية الواردة بالمادة الثانية والثالثة من هذا القانون، ويعاقب المحرض والمخطط والممول وكل من مكّن الإرهابيين من القيام بالجرائم الواردة في هذا القانون بعقوبة الفاعل الأصل ويعاقب بالسجن المؤبّد من أخفى عن عمد أي عمل إرهابي أو آوى شخص إرهابي بهدف التستر” هنا في نهاية الفقرة التي ينص عليها الدستور والتي تعمدت تضلليها باللون الغامق يعاقب عليها أيضاً رئيس الوزراء بالسجن المؤبد لأنه مثلاً، وباعترافه شخصياً، تستر على نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وسمح له إن كان ذلك صحيحاً باستباحة الدم العراقي لمدة ثلاث سنوات، إضافة إلى اعترافاته الأخيرة بأنه رفض الكشف عن كثير من الملفات لدرءه الفتنة، وهذا أبسط مثال على سوء تطبيق هذه المادة الدستورية والتي يعتمد جزءاً كبيراً منها على فقرة المخبر السري وهو شبيه بما عاشه العراقيون إبان النظام المقبور عندما كان يتلصص على كل من يقف معارضاً، ليُتَهم بمحاولة زعزعة الأمن وليصبح في خبر كان.

 كما أن بعض فقرات المادة الأولى تدين السياسيين الذين ساهم بعضهم في صياغة الدستور كونهم يحرضون على الفوضى ومثال على ذلك التصريحات النارية للحكومة حول المناطق المتنازع عليها والتي كانت لتؤدي إلى حرب بين قوات البيشمركة وبين قوات الجيش التابعة للحكومة المركزية.

أما مطالب المتظاهرين الأخرى فيما يخص الخدمات فأنا لا أعتقد أن عاقلاً ستستوقفه مطالبة الشعب بحقوقه، لكن ما يحزن هو تجاهل السياسيين وبعض أجهزة الإعلام المأجور أو الطائفي لهذه المطالب والتركيز على المطلبين اللذين أشرت لهما أعلاه. ولاختلاف المكان والشخوص فهذه المظاهرات لم تقمع كما أعلن رئيس الوزراء نوري المالكي بعد قمعه مظاهرات ميدان التحرير، فالعملية هنا تختلف مظاهرات ميدان التحرير كانت عفوية ولم تتلقى دعما من سياسيين كبار ولا من رموز دينية، أما مظاهرات الأنبار تمثل شريحة واسعة من السنة والمشاركين في الحكومة فضلا عن الدعم الخارجي.

مظاهرات ميدان التحرير لم ترد الحكومة لها أن ترى النور لأن الوقت لم يكن قد حان لإثارة فتنة أما مظاهرات الأنبار فكانت خطوة مدروسة من الحكومة لأن الوقت حان للتفرد والاستحواذ على السلطة والقضاء على المعارضين عبر السماح باستمرارها، وخير دليل على ذلك أنه وبعد أيام معدودة دعا رئيس الوزراء إلى حل البرلمان وهي خطوة تُأزم الوضع ولا تحل المشكلة وهدفها واضح، فحسب الدستور العراقي ( الذي تحمل بعض فقراته الخراب المدروس للعراق) وتحديداً (المادة 64 ب) التي تؤكد أنه في حال حل البرلمان بطلب من رئيس الجمهورية أو بالتصويت داخل البرلمان بموافقة ( النصف + 1) تعتبر الحكومة مستقيلة وتتحول إلى حكومة تصريف أعمال والتي بموجبها يتم الدعوة لإجراء انتخابات في مدة أقصاها ستون يوماً، وهنا يحق للمالكي التفرد بجميع السلطات التنفيذية والتشريعية إلى جانب السلطة القضائية ولربما سيستمر المالكي برئاسة حكومة تصريف الأعمال لفترة طويلة، ولا يخفى على أحد أن مدة الشهرين غير كافية للقضاء على المعارضين بعد رفع الحصانة عن أعضاء البرلمان وإيجاد الحلول للسيطرة على الانتخابات المقبلة بعد إصدار الدعاوى الكيدية (والصحيحة التي يرفض الآن إظهارها مكتفيا بالتلويح بها للتهديد المبطن)، التي ستطالهم بلا شك لمنعهم من خوض الانتخابات بحسب الدستور. ليكتفي بعدها برمي المناصب على بعض السنة كما رمى النظام المقبور بعض المناصب على الشيعة لتزيين العملية الديمقراطية التي يتاجرون بها.

وقبل التطرق لتمويل المظاهرات لابد من الانتباه إلى نقطة مهمة وهي الفصل بين المتظاهرين المطالبين بحقوقهم بحكم الواقع السيئ القامع للحريات والخدمات السيئة والبطالة والفقر والفساد، وبين المأجورين (وهو ما يحدث في اغلب المظاهرات المناهضة للحكومات) فالدعم الخارجي بالفعل وارد وذلك لتغذية من يريدون ركوب الموجة للعودة بالعراق إلى زمن البعث عبر تمويل جانب من المظاهرات والتغطية على المطالب الأساسية وخطاب المجرم عزة الدوري المطلوب للعدالة خير دليل على ذلك بإعلانه دعم حزب البعث للمتظاهرين (وهذا تأكيد صريح بأن المظاهرات ليست بعثية فهو لم يقل بأننا من قام بها بل اكتفى بدعمها) وهذا ما يجب على الإعلام التركيز عليه بدل اتهام الشعب المطالب بحقه بانتمائه لحزب دكتاتور مجرم وهو حزب البعث. هناك الكثير من الحلول للخروج من الأزمة ومنها اللجوء إلى حكومة تكنوقراط لإدارة البلد لحين إجراء انتخابات حرة وبإشراف دولي.

نهاية أتمنى كعراقية أحب وطني أن الطائفيين من الشيعة يكون الإحساس الوطني لديهم غالباً على الانتماء العقائدي والترحم ببلد اسمه العراق والكف عن الاعتقاد بأن كل من يحارب الحكومة هو بالأساس يستهدف الشيعة عموماً فهذا من شأنه أن يمتد بنا إلى آخر الدهر ولن نخرج بنتيجة مرضية ولن نتمكن من العيش بسلام. والى الطائفيين من سنة العراق لا تجعلوا من حزب البعث البغيض شعارا يغلف خطاباتكم فأنتم عراقيون أصلاء لا يمكن لأياد خارجية هدفها خراب العراق أن تتلاعب بكم، كما أن النظام السابق لم يمثلكم قط بل كان يمثل نفسه. والى العنصريين من الأكراد لا تقفوا موقف المتفرج بانتظار نصيبكم من الكعكة فإن المشاركة في الحل وفي بناء العراق سيحسب لكم في المستقبل القريب. والى الأقليات الدينية لا تتخلوا عن العراق لأن ليس كل من يعاديكم أو يقتلكم وينهب أموالكم هو يمثل الشيعة أو السنة عموما فهو وقت مدفوع الثمن وسينتهي. انتم عراقيون عراقيون قبل كل شيء.

 

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات