| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                    الثلاثاء 15/2/ 2011

 

رياء ونفاق التيار الصدري

سيد علي الطبطبائي

لعل أكثر الحركات السياسية لا مسؤولية وفوضوية والتي ظهرت على السطح بعد الإطاحة بنظام صدام حسين هي التيار الصدري. فما أن سقط النظام حتى دشن هذا التيار أول جريمة اغتيال له للسيد عبد المجيد الخوئي وعدد من مرافقيه وبدون وجه حق. وتم لاحقاً لفلفة هذه الجريمة والتستر عليها من قبل الكتل السياسية ومن "القضاء العراقي المستقل". ثم باشر اتباع هذا التيار في الأيام الأولى من سقوط النظام السابق بالسطو على أسلحة الجيش العراقي وتخزينها، ناهيك عن السطو على الممتلكات العامة بما يعرف لدى العراقيين بالحواسم. والعراقيون يشيرون بأصابع الإتهام إلى هذا التيار الذي حلل له النهب والسلب والخطف للحصول على الفديات في أوقات لاحقة. وهكذا تجمعت لدى هذا التيار الفوضوي السلاح والمال ظناً من أقطاب هذا التيار أنه يوفر المناخ لفرض إرادته على الشارع العراقي.

وقد استغل هذا التيار شرارة الفتنة الطائفية التي أججها رسل الأرهاب والنظام البعثي المنهار كي يصبحوا طرفاً في هذا الصراع الدموي في مسعاهم من أجل فرض السيطرة على إرادة الجماهير التي اكتوت بلهيب الفتنة الطائفية الدموية. وبادر هذا التيار على غرار قرينه من التيار المتطرف في الطرف الآخر الى الامعان في عملية الترهيب والتهجير والقتل للعراقيين. وفي هذا الهوس الشيطاني استطاع هذا التيار أن يحتل مناطق في العاصمة ومدن أخرى وزرع أفراده الارهاب فيها وشكلوا المحاكم الصورية وأصدروا قوائم لا تحصى من الممنوعات والقيود على حياة الناس، التي ضاقت ذرعاً بقيود النظام السابق، ولكنها وجدت نفسها قد وقعت من جديد حبيسة لشلة مماثلة ولا تقل عن سابقتها في العسف والبطش ولكنها الآن بلباس ديني كاذب. وقد استغل هذا التيار تداعي أجهزة الدول التي انهارت مع إنهيار قطبها.

وما أن تمركزت كل الامكانيات بيد هذا التيار حتى بادر إلى تشكيل ميليشياته المسلحة وبمسميات مختلفة للتمويه وأبرزها جيش المهدي من أجل إبتلاع الدولة العراقية، وليس لمنازلة المحتلين كما يعلنون كذباً. وعندما أصطدموا بأول بوادر التصدي لهم من قبل الأجهزة الأمنية الفتية، حتى فقدوا أعصابهم وراحوا يدمرون الممتلكات العامة ويوجهون نيرانهم إلى القوى الأمنية العراقية التي سعت إلى احلال الأمان في البلاد ودرء الفتنة الطائفية المدمرة فيها. وتلقت هذه الشراذم ضربات في البصرة والمواجهات الدموية في النجف وعدد من المدن العراقية وتحديداً في مدينة الثورة التي ضاق اهلها بعبث هذا التيار المنفلت. وهنا بدأ أقطابه بالمراوغة واللعب على الحبلين. فمن ناحية اعلنوا مشاركتهم في العملية السياسية والانتخابات بهدف واحد هو نسف العملية من داخلها تماماً كما فعل محمد الدايني واضرابه من الطرف الآخر لارباب الفوضى والتخريب والفلتان. ولكن من ناحية اخرى احتفظ التيار بجيش المهدي رغم اعلانهم تجميد نشاطه ظناً منهم أنه سيستخدموه عندما تحين الفرصة المناسبة للتكشير عن انيابهم من جديد. ولدوافع انتهازية سواء من قوى داخلية او اقليمية جرى الغزل غير الشرعي مع هذا التيار. واشرك في التحالفات الطائفية وحصل على مقاعد في الانتخابات الاخيرة تفوق التوقعات بسبب قانون الانتخابات المجحف الذي أوصل 308 نائباً من اصل 325 الى قبة مجلس النواب وهم لم يحصلوا على النسبة المطلوبة. اذ لم يحصل الا 17 من النواب على هذه النسبة ، وتسلق الكثير من النواب الحاليين، ومنهم 39 نائباً من التيار الصدري، إلا على بضع عشرات من الأصوات. ومع ذلك قبل البعض بهذه الرشاوي غير المشروعة بأمل أن يهدأ هؤلاء ويعودوا الى رشدهم ويحترموا القوانين وينبذوا العنف.

وأقسم نواب هذا التيار على القسم الذي ينص على احترام مواد الدستور العراقي الذي ينص على عدم مشروعية تشكيل مليشيات مسلحة خارج اطار سيطرة الدولة. ولكن التيار الصدري لم يعلن حتى الآن عن حل جيش المهدي. والأنكى من ذلك تسابقوا نحو استلام المناصب في مجلس النواب حيث اصبح احدهم النائب الاول لرئيس مجلس النواب وللعجب وحصل عدد آخر على مناصب وزارية مهمة. كل ذلك يعتبر خرقاً للدستور ونكثاً بالقسم الذي اداه انصار هذا التيار في حين انهم لم يحترموا مواد الدستور اولا ولم يحترموا التزاماتهم ومسؤوليتهم المشتركة في الحكومة المحاصصاتية التي شكلها السيد نوري المالكي.

إن انصار التيار الصدري الآن في الحكومة ويترقب الشعب ماذا سيفعل هؤلاء لحل مشاكل الشعب. ولكن نفاجأ اليوم ببيان غريب لمقتدى الصدر يدعو فيه الى التظاهر ضد الحكومة وبمن فيهم وزراء التيار الصدري بالطبع. وهذه مفارقة تثير الاستغراب. ففي أوج الحملة المشروعة للعراقيين المحرومين من الخدمات والتي تعم البلاد هذه الأيام، دعى مقتدى الصدر "الى تنظيم مظاهرة مليونية!! سلمية!! تحرص على ان تكون كل افعالها سلمية وموحدة لعكس صورة بيضاء لا يشوبها اذى او سوء". واعتبر مقتدى الصدر "ان الحكومة وان رضيت بمطلب الشعب فانها غير قادرة على تطبيقها لاسباب وجود المحتل والفساد وضعف الحكومة". ثم يختتم الصدر بيانه بالقول:"لا بأس من جعل موعد محدد لتلك المظاهرة التي يجب أن تكون مليونية ولو لفترة معتد بها حتى تكون حافزا للحكومة على تقديم الخدمات، مضيفا ،طبعا إذا أجمعتم على ذلك وكانت هناك مشيئة للتظاهر»؟؟؟.

ما هذا الرياء والنفاق؟ زعيم تيار يدعو انصاره للتظاهر ضد وزراء انصاره؟ بحجة ضعفهم. اذن لماذا قدمهم الى المالكي كي يستوزرهم اذا كان هؤلاء ضعفاء؟ ولماذا لا يقوم نائب مجلس النواب وهو من التيار الصدري بالدعوة لسحب الثقة من الحكومة لضعفها. ولماذا يشارك التيار في حكومة تخضع للاحتلال كما يتوهم مقتدى الصدر؟. ما هذا الرياء والنفاق والفوضى، وكيف سيصدق العراقيون كل هذه التناقضات والضحك على الذقون التي يعلنها التيار الصدري؟ وكيف يتحالف هؤلاء المتحالفون مع التيار الصدري في حكومة الوحدة الوطنية على قاعدة هذا الدجل واللعب على الحبال؟ وهل سيعاود الناخب العراقي وينتخب من جديد في انتخابات قادمة مثل هذه الشلل التي لا تسعى الا على زرع الفوضى والعبث بمقدرات العراق والنيل من العملية الديمقراطية الفتية؟.



15 شباط 2010
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات