| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 15/9/ 2012

 

الأساءة .. والغضب

رحمن خضير عباس

كانت الأساءة مؤلمة , ليس لعموم المسلمين فحسب , وانما تجاوزت تلك الأساءة الى غير المسلمين ولاسيما هؤلاء الذين يحترمون المعتقدات والرموز الدينية , بصرف النظر عن قناعتهم بها . والذين يرفضون   كل الأساليب التي تؤدي الى الكراهية بين البشر . كما يرفضون بشدة الحط من معتقدات الشعوب واديانها . ومن المؤكد أنّ هذه الأساءة متعمدة وموقتة . لأنها جاءت في خضمّ مخاض عسير تعيشه الشعوب العربية وهي تصارع مصيرها بعد ان ثارت ونزفت دما وضحايا . ولكنها حالما انتصرت  حتى سقطت في قاع الفوضى . بينما تسرب الى قمة السلطة والحكم من كانوا يتفرجون على الصراع .

  لقد اسأنا الى النبي اكثر من الغربيين جميعا . اسأنا اليه ونحن نختلف بإسمه , ونذبح بعضنا بعضا . أسأنا اليه ونحن نفجر االضحايا  بغية الفوز بقربه ! اسأنا اليه ونحن نجعل من الكراهية شعارا ضد انفسنا وضد العالم  . حتى جعلنا كل الناس يقرفون منّا .ويشمئزون من أفعالنا . كانت تفجيرات لندن ومدريد ونيويورك , وكان تمزيق بغداد بالمفخخات والقتل على الهوية الدينية والمذهبية شاهدا كبيرا على اننا حرّفنا الرحمة التي نادى بها نبي الأسلام وجعلنا الكراهية بدلاعنها .

لقد رأيت مقطعا من الفلم والذي تسرب عبر اليوتوب . وكان فلما استفزازيا محرفا . يدلّ بوضوح على وضاعة من قام به .  وكان لا يرتقي الى مستوى الفن السينمائي من الناحية الفنية . وكأنه مسرحية مدرسية غير متقنة . يقوم بها بعض الناس الذين لا يمتون بصلة الى المسرح أو كأنه ينتمي الى البرامج التافهة . فليس هناك حبكة اخراجية . وليس هناك تصوير يرتقى حتى الى مستوى الأفلام العادية . كما انه لا يحمل السمة الأنتاجية والأخراجية للسينما الأمريكية .وكان بامكاننا ان نجعل من هذا العمل المخجل في طي النسيان من خلال تجاهله واهماله, ولكننا وقعنا في مصيدة من يدركون ردة فعلنا الهستيرية . فوقعنا في الفخ بسهولة . وظهرنا للعالم كشعوب لا تمت الى الحضارة بصلة , هاجسها القتل والأرهاب  . وقد تكرر نفس الأمر قبل سنوات معدودة  حول رسومات الكاركاتير . حيث كانت رسومات الكارياتيرست الدانماركي لا قيمة لها من الناحية الفنية . وكان الفنان مجهولا وكذالك الصحيفة التي نشر فيها . ولكن المظاهرات في العالم الأسلامي من اقصاه الى اقصاه ,  واعمال العنف التي رافقتها . فتحت ابواب الشهرة لهذا الفنان المغمور وجريدته غير المعروفة حتى في الدانمارك . وكان دفاع الدانماركيين ليس عنه امام تهديدات المسلمين بقتله , وانما كان دفاعا عن فكرة ( عدم تدخل الدول بالرقابة على الأعمال الفنية والأدبية ) وهو ما يعني بحرية التعبير . وقد تكرر ذات السيناريو في هذا الفلم التافه . لأن الذي قام به يعرف الأماكن الرخوة فينا فيريد ان يثيرنا ليسلب منا ما اكتسبناه , ويجردنا من انسانيتنا , وها نحن قد وقعنا في هذه المصيدة البائسة . فظهرنا امام العالم مجموعة متوحشة لا تعرف غير العنف وسيلة للحوار .

انّ الدفاع الحقيقي عن الاسلام يكمن في الأنفتاح على القيم العالمية . واشاعة روح التسامح والمحبة بين شعوب العالم . واللجوء الى حوار الحضارات وحوار الأديان . واعتقد ان الطلب الذي تقدمت به دولة الأمارات الى الدول الدائمة العضوية . حيث دعت الى حماية جميع الأديان من التشهير  كان الرد فعل العقلاني الوحيد ضمن حمّى الغضب  .وربما كان من الأولى ان يضطلع العالم باخراج قانون ملزم في كل العالم لرفض الأساءة للمعتقدات ورموزها , وتشريع قوانين عالمية تلزم المجتمعات للتقيد بها , وجعل من ينتهكها عرضة لمساءلات قانونية دولية صارمة . عند ذاك ستتقلص اعمال العنف بين الشعوب والأديان وتتم السيطرة على ما يسمى بحرية التعبير .عند ذالك يدرك الجميع ان حرية التعبير لا تعني انتهاك حريات الآخرين والأساءة اليهم .


اوتاوه / كندا
 14/9/2012
 

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات