| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                الأربعاء 14/3/ 2012

 

من أجل تحويل التيار الديمقراطي إلى تيار شعبي فاعل

حازم الحسوني

منذُ أن تم الإعلان عن تأسيس التيار الديمقراطي في المؤتمر العام الذي عقُد في بغداد نهاية الشهر العاشر من العام الفائت، والمحاولات المسئولة تسير إلى توضيح طبيعة وأهداف هذا التيار. نوعية أطروحاته السياسية وما يميزها عن غيرها من الأطروحات عند بقية القوى القومية والطائفية، ساعياً لتأكيد فهم هذا التيار بتوضيح طبيعة المرحلة التاريخية التي يمر بها العراق إلى كل الشرائح الاجتماعية والرأي العام، وثم توضيح ماهية الأطر الدستورية والآليات القانونية الواجب ترسخها لتأهيل الشروع في البناء الديمقراطي للعراق، وبناء أجهزته، كنظام حكم ومؤسسات وتشريعات ، وشكل للدولة.

بعد عقد المؤتمر التأسيسي للتيار الديمقراطي تمت المبادرة ولازالت خطواتها مستمرة لحد اليوم في عقد المؤتمرات الشعبية داخل مدن العراق التي تصب بهذا الاتجاه ،بغية عقد مؤتمر شعبي عام في بغداد. لكن علينا طرح السؤال المُلح بكيفية تحويل هذا التيار الديمقراطي وان بدأ بشكل نخبوي وكما هو واضح منذ بداياته ، إلى تيار شعبي يدفع القوى المجتمعية الحية، للمطالبة باتجاه البناء الديمقراطي للدولة والمجتمع منهجاً وسلوكاً، وأدوات للحكم بغية ترسيخ أسس المجتمع المدني الديمقراطي الذي يرتكز على المواطنة الحق، التي تناهض الأطروحات القومية والطائفية والعشائرية والمناطقية الضيقة التي أدت وستؤدي إلى الهلاك المجتمعي أن استمرت دون شك؟؟؟؟

عندما نلخص حقيقة وطبيعة الصراع الحالي في الساحة العراقية منذ سقوط الدكتاتورية المقبورة واحتلال العراق إلى حد الآن، فأنه يتمحور بجوهره حول شكل الدولة أولاً (بسيطة أم اتحادية ؟؟؟، وثم إن كانت اتحادية التي اختارها الدستور وفق المادة الأولى منه، هل هيّ مُركبة اتحادية أم بسيطة واحدة؟)، ونظام الحكم الذي تتبناه الدولة أن كان جمهوري {(برلماني، رئاسي)، رغم الاتفاق على كونه جمهوري برلماني ديمقراطي}، ولكن ماهية ّحقيقة الحدود القانونية والدستورية للسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية التي تميزها عن بعضها ثانياً؟؟؟؟.

يضاف إلى هذا مدى شمول هذه الاختيارات على دستور إقليم كردستان، والمحافظات التي ترغب بتشكيل إقليم، ومدى انسجامها مع الدستور الاتحادي للدولة العراقية؟؟؟، وكيف يمكن تجسيده على الأرض دون أن تكون عبر قوانين وتشريعات دستورية وقانونية اتحادية واضحة تحدد الصلاحيات؟؟، لكنها كما يبدو معطلة لحد الآن.

فهم الفدرالية وشكل تطبيقها أن كان في كردستان أو بقية المناطق التي ترغب كذلك بتشكيل أقاليم يشكل معضلة أخرى في الواقع العراقي، هل الذي يطُبق في كردستان نموذج فدرالي يقُتدى به، أم نموذج كونفدرالي؟؟، (عندي انه تطبيق مشوه للفدرالية والكونفدرالية معاً)؟؟،حول كل هذا لازال الصراع يدور، تارة تؤجل الخلافات وتارة يتم الخوض بها وثم ترُكن على جنب بحجة الظروف ومراعاة للتوافق السياسي!.

هذا الادعاء للحفاظ على التوافق السياسي يكشف لنا الجانب الواضح الآخر للمشكلة العراقية المرتبط مع جوهر المشكل العراقي الذي يتكئ ويسترخي عليها المتخاصمون، وهو أن قطبي الصراع في العراق الذي يخُتصر بالقوى الطائفية والقومية، أحداها تتعكز على المظلومة التاريخية، والأخرى التي مسكت الدولة العراقية منذ تأسيسها والتي فقدت بريق السلطة، يوضح بشكل جلي نوعية الصراع الآخر الذي لا يقتصر على شكل الدولة ولا على توزيع المصالح بينهما، وإنما هناك إشكالية كبيرة حقيقية في بنية الدولة العراقية الحالية ومستقبلها، وبالتالي من حقنا أن نتساءل هل تؤمن هذه القوى بالديمقراطية أصلاً كمشروع لبناء مجتمع مدني ديمقراطي سليم تحكمه المواطنة الواحدة؟؟؟؟.

هنا لا نتجاوز على الحقيقة عندما نقول بأن الدستور العراقي عبارة عن اتفاقات فرضتها الظروف التي صاحبت إسقاط الدكتاتورية واحتلال العراق، اتفاقات بين هذه القوى المتنفذة الطائفية والقومية الحاكمة بزمام السلطة اليوم، بعيد كثيراً عن أشكال الدساتير في العالم التي تنظم العلاقة بين الدولة والمجتمع، ولكن دستورنا خضع لمعادلة المحاصصة الدينية والطائفية والقومية دون بقية دساتير العالم!!!، فعليه لابد للتيار الديمقراطي أن يأخذ على عاتقه توضيح كُل هذه العيوب في البناء المشوه للدولة، وكشف حجم التجهيل الذي تمارسه النخُب الحاكمة. هذه أعتقد من أهم المهام الملحة للتيار الديمقراطي الآن أن يوضحها للشعب، وبالتالي تأتي هنا بشكل أكثر تحديداً أهمية التيار الديمقراطي بأن يطرح نفسه كبديل يكون بمثابة الطرف الثالث الذي يخترق بجدارة معادلة توزيع المحاصصة الطائفية الدينية والقومية البغيضة. فلأجل تحويل هذا التيار إلى تيار شعبي فاعل بتقديري يتطلب، إضافة للجهود التي تُبذل الآن:
أولاً: أهمية أن تخرج هذه المؤتمرات الشعبية، والندوات وغيرها، التي ينظمها التيار الديمقراطي في سائر مدن العراق من القاعات المغلقة، بعمل نشاطاتها وسط الساحات العامة وفي الشوارع والأزقة في كل المدن و الأقضية والنواحي والقرى أن أمكن، لتوضيح رؤية التيار لمستقبل الدولة العراقية، ولحجم الخراب الذي يعاني منه البناء السياسي للدولة العراقية الآن.

ثانياً: أهمية أن توضح هذه المؤتمرات الشعبية للناس مفردات الخطاب السياسي والرؤية المستقلة السياسية للتيار الديمقراطي، وموقفه من كل الذي يتم الإعداد له من حوارات واجتماعات خلف الكواليس كثيراً وإعلاميا قليلاًً باسم(مؤتمر،اجتماع، لقاء) وطني (الواضح التسويف بعدم عقده أصلاً)، من قبل ذات القوى المتنافسة والمتصارعة المتنفذة على السلطة والحكم الآن.

أما مطالبة التيار الديمقراطي بتقديري، لإشراكه في كل هذه الحوارات فستكون بغير محلها، والأفضل أن ينأى بنفسه ويركز على الأمور الأكثر أهمية بينها التواجد في الساحات والميادين العامة وتجمعات الناس، (لأن هذه الحوارات غير جادة كونها تتمحور كما هو واضح على توزيع المناصب والامتيازات والسلطة لا أكثر، وضمن ذات المنطوق المحاصصي)، ولن يُشرك التيار الديمقراطي في هذه الحوارات بصفته كطرف وتيار سياسي مستقل بعيد عن المنظومة الحاكمة للدولة، غير أن هذه القوى الحاكمة سترغب بحضوره كتيار عندما تتم الحاجة له عند التوقيع كديكور!!، وأكيد بعد أن يتم انجاز صيغة المساومات بين هذه الأطراف المتصارعة للظهور بمظهر الحرص الوطني!!!.

ثالثاً: لابد أن يركز التيار الديمقراطي على الجهد الذاتي في خوض الصراع، ضروري العمل و التهيئة له بشكل دائم ومستمر، تكون مفرداته العمل الميداني اليومي والإعلام.

ففي العمل الميداني لابد من التوجه إلى تجمعات العمال في المعامل والمصانع رغم قلتها، والفلاحين والفقراء والمعوزين والكسبة أصحاب البسطيات في الشوارع ومساطر العمل، والى النساء الأرامل والمطلقات والأيتام، والشبيبة العاطلة عن العمل، والخريجين، والمثقفين...الخ بخطاب سياسي واضح سهل يوضح لهم مطالب التيار الديمقراطي ويدعوهم للمطالبة بكل حقوقهم من الثروة الوطنية، ويعلمهم ويتعلم منهم كيفية المطالبة بهذه الحقوق وتشجيعهم على كسر التردد والخوف.

أما في الجانب الإعلامي فضروري اختصار أهداف التيار الديمقراطي بورقة واحدة أو اثنتين، ونشرها على اكبر نطاق، وكذلك استغلال أي فرصة مع الفضائيات والإذاعات وكل الوسائل الإعلامية المتنوعة للتعريف بالتيار الديمقراطي. أهمية التركيز على الصورة والتسجيل الفيديوي لكشف معاناة الناس بنشرها في كل وسائل الإعلام التي تتيحها التكنولوجيا الآن، ووضع المسئولين بالدولة أمام مسؤولياتهم القانونية والسياسية.

ينبغي تشكيل مركز أو مكتب إعلامي، يصُدر نشرة شهرية أو (تقرير شهري)، يكشف به مدى التزام الدولة ومؤسساتها المختلفة بالدستور (رغم بعض مأخذنا عليه)، وفضح انتهاكات حقوق الإنسان مهما صغرت عبر مؤتمرات صحفية شهرية، يتم بها التوضيح أيضاً لأهداف التيار الديمقراطي ونشاطاته المتنوعة في مناطق العراق، على أن يُشخص ناطق إعلامي رسمي يتحدث باسمه، تكون من بين مهمات هذا المكتب أيضاً تزويد وكالات الإعلام والمنظمات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان من جهة، ومن جهة أخرى متابعة التزام الحكومة ووزارات الدولة بتلبية حاجات الفقراء والكادحين ومراقبة آليات صرف الميزانية والأموال السنوية الواردة من تصدير النفط وغيرها من الموارد، ومتابعة سلوك الدولة والوزارات ومجالس المحافظات في تنفيذ المشاريع وكشف الفساد, وسرقة المال العام.

أدرك أن هذه المهام ليست بسهلة ولكن المرحلة التاريخية التي يمر بها المجتمع تفرض نوع، وأنواع جديدة من الصراع لابد من خوضها بصبر، عبر ابتكار أساليب متنوعة عديدة من العمل المثابر الميداني اليومي والإعلامي لتحويل التيار الديمقراطي إلى تيار شعبي، وهو قادر على ذلك تماماً بحكم التجربة والتاريخ، كي يكون مؤهلاً لطرح البديل المغاير لشطري الصراع في العراق الكامن بالقوى الطائفية والقومية على اختلاف تسمياتها المتنفذة والمُسيطرة على الواقع العراقي الآن، والتي حتماً ستعمل ما في وسعها لعرقلة بناء المجتمع الديمقراطي المدني العصري في العراق أن كان اليوم أو مُستقبلاً.


13ـ03ـ2012

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات