| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 14/4/ 2010

 

العراق .. وعقلنة اللامعقول فى المشهد القانونى

د. جلال الزبيدى *

يمر العراق اليوم بأزمة وطنية حقيقية متجذرة فى مفاصل المنظومة التشريعية واسس التوصيفات الدستورية .وذلك عبر تكريس نمطا افتعاليا مشوها للممارسة القانونية توظيفا واستخداما لمصالح الفئوية الطائفية الطفيلية السائدة..

حيث عملت قوى الاحتلال واليمين الدينى المحافظ عن كثب على تلويث واسقاط جميع الموروثات لاصالة وعراقة القيم القانونية الرفيعة التى انتجتها وكرستها اقليميا وعالميا نبوغات ورثة مسلة حمورابى وفقه السلالات البابلية المعاصرة..

ان القيام بقراءة قانونية منصفة ومحايدة للسياسة التشريعية فى العراق بعد 2003 ستقودنا كحقوقيين الى دق ناقوس الخطر لحالة العشوائية الارتجالية والجهالة الفكرية عند مهندسى السياسة التشريعية فى العراق ..

لاشك ان النظام التوليتارى القديم وضع المقدمات الثقافية والسياسية لحالة التخريب المنظم للاسس القانونية للدولة العراقية المدنية الحديثة عن طريق شخصنة الاصول والتقاليد الدستورية العريقة وتحويلها الى ملذات ونوع من الترف السياسى والمالى للطبقة الحاكمة ..

ومما زاد الطين بله قيام الاحتلال الغاشم بتفكيك ما تبقى من قيم الحضارة القانونية وتسليم سلطة اتخاذ القرار بيد قوى الاسلام السياسى والتى دخلت فى تزاحم وهستيريا محمومة للسيطرة والاستحواذ على مقاليد الحكم وتهميش واقصاء منابر التنوع السياسى والثقافى والاطاحة بقيم الديمقراطية الاجتماعية ...

وعملت الماكنة الاعلامية على تشويه حالة التجانس والانسجام والمواطنة للانسان العراقى لتحل محلها نزعات البغضاء والطائفية والكراهية الدينية . وبرز رجال البزار المالى وجرى تسويق منظومة من القوانين للاثراء والسرقة الموصوفة للمال العام وبغطاء قانونى .. . قانون رواتب وامتيازات اعضاء مجلس النواب نموذجا ... قانون رواتب وامتيازات محلس الوزراء ومجلس الرئاسة واصحاب الدرجات الخاصة نموذجا ..

ان الحديث عن اللجنة القانونية فى مجلس النواب ورئيسها يدعو للغثيان ، فهذه اللجنة بسبب عدم كفاءة البعض من اعضائها تحولت للاسف الى سوق ومزاد للمزايدات السيلسية .. وحيث جاءت اغلب قراراتها اساءة لنبوغات واقتدار المشرع الحقوقى العراقى فجاءت تشريعاتها متناقضة ومرتبكة ومنازعة للأصول والقواعد الدستورية ..

وكان قانون الانتخابات الاخير 2010 وتعديلاته وصمة عار فى تاريخ هذه الهيئة ، وشكل قانون الانتخابات تجاوزا وانتهاكا فاضحا وواضحا لاسس المادة 14 من الدستور والتى تتحدث عن المساواة بين المواطنين فى الحقوق والواجبات .

وخلافا لهذا السند الدستورى جاءت المادة 13 من قانون الانتخابات لتطيح بالضربة القاضية لحالة السمو الدستورى على القوانين المحلية وليشكل قانون الانتخابات سابقة اخلاقية وقانونية خطيرة .. وعمل من اعمال القرصنة واللصوصية فى سرقة اصوات الناخبين واعطائها الى كتل واحزاب تختلف معها سياسيا وفكريا ومصيريا .

ووقفت المحكمة الاتحادية متفرجة او مساومة على انتهاك قواعد الدستور وهى الامينة على الدستور.. وبذلك شكل قانون الانتخابات انتهاك للقيم الدستورية ولمنطق العدالة الانتخابية فلا يعقل اخلاقا ومنطقا ان الذي يحصل على 2000 صوت يصبح نائبا وان الذى يحصل على 20000 الف صوت يصبح خاسرا .. هذه نماذج صارخة على مدى الفساد القانونى فى مجلس النواب ..

واقول ان ارتهان البلد ومؤسساته ومقدراته بيد حفنة من الجهلة والأميين ماهو الا استمرار ونتاج اغبر للمرحلة الديكتاتورية المقبورة ..

وهنا ائساءل وباستغراب شديد اين ذهبت وتبخرت الحشود المليونية التى كانت تهتف وتصفق للقائد الضرورة ومن اين جاءت هذه المسيرات المليونية وهى تهتف وتصفق للطائفية الجديدة . واذا كان هناك تطابق فى الوجوه ..وتطابق فى الوجود .. فان هذا المخاض الدانى ومأزق الضياع الثانى يكمن كله وليس بعضه فى ازمة العقل العراقى الراهن
 


* حقوقى واستاذ جامعى




 

free web counter