| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

                                                                                     الجمعة 13/5/ 2011

 

الديمقراطيه واسس نجاحاتها

محمد حسن صبيح

النظام الديمقراطي هو صيغه واسلوب في ادارة الحكم وهو غربي وبامتياز. كما انه حزمه واحده وغير قابله للتجزئة او الاقتضاب .ومحاولات الباس الديقراطيه ثوبا غير ثوبها الاصلي ليس الا محاولات للهروب او الالتفاف على ما يمكن ان يفرزه هذا النظام الديمقراطي من تغييرات جوهريه واساسيه على مجمل حياه الناس ربما لا تتماشى مع بعض المعتقدات او المسلمات السائده او التي يراد لها ان تبقى .مثل هذا سوف لن يؤدي لغير بناء مشوه لا يقوى ولا يستجيب الى حاجيات المجتمع والدوله المراد بنائهما ديمقراطيا . الديمقراطيه ونظامها لا يبنى بقرارات واجراءت فوقيه فقط بل بحاجه الى تهيئة قواعد واسس وبيئه صالحه كذلك .

المجتمعات الديمقراطيه غالبا ما تكون مجتمعات متعدد الاعراق والاعراف والاديان. الديمقراطيه توفر الاجواء المناسبه للتكافؤ والتكامل , لكنها وبالمقابل لا تلغي الاختلاف او الخصوصيه للفرد او الجماعات بل العكس تماما فهي تصونها وترعاها فاتحه بذلك ابواب الابداع على مصراعيها .فهي تولد الارض الخصبه لتبادل وصراع الافكار بالطريقه السلميه لتدفع بحركه المجتمع الديمقراطي الى الامام نحو التجدد المستمر .

الديمقراطيه واحده من ابداعات العقل البشري الحديثه وهي في تجدد دائم .وليست الليبراليه الا خطوة متقدمه ونوعيه في المسار الديمقراطي تجاوزت عبرها المفاهيم السائدة التي تتطاول على الحقوق الفرديه للاشخاص مراعاة لحقوق الجماعه .النظام الليبرالي يصون "الفردانيه" ويمنع التجاوز عليها باسم الحقوق العامه وتلك خطوة متقدمه وهامه في مجال حقوق الانسان.

الوعي الديمقراطي يجب ان يسبق ويتماشى مع الاستعدادات التي تجري لعمليه البناء الديمقراطي وكلما تعمق هذا الوعي وتجذر كلما تتأصل الديمقراطيه والسلوك الديمقراطي للافراد والجماعات .الديمقراطيه تشيع مبدأ التسامح والانفتاح على الغير وتقبل الجديد من الافكار والتفاعل الايجابي معها.الوعي الديمقراطي نخبوي في نشأته الاولى ثم  يأخذ في السريان في جسد المجتمعات ومفاصل الحياه اليوميه .المجتمعات التي تنتشر فيها الاميه والتي يضعف فيها النشاط الثقافي والمدني تواجه تلكؤ او عرقله بل وحتى ردة في بعض الاحيان عند بنائها للديمقراطيه .الثقافه الديمقراطيه غايه في الاهميه في صيانه الديمقراطيه  وتطورها خصوصا بالنسبه للمجتمعات التي لا تملك ارثا في هذا المجال.الممارسات الديمقراطيه اشبه بالعفويه في المجتمعات المتطورة لترسخها في وعي الناس .

التشريعات والقوانين التي تصون الديمقراطيه وتعمل على انتشارها في اوساط الناس هي الاخرى عمودا من اعمدة البناء الديمقراطي . هذه القوانين يجب ان تصاغ بعنايه فائقه ومن قبل مختصين بحيث يصعب ان تنفذ ايه محاوله للتجاوز . الاستفادة من تجارب الشعوب الاخرى مهم كذلك ونافع في تعزيز التجربه وتعميقها. القوانين التي تردع التجاوزات على الديمقراطيه الناشئه يجب ان تكافئ الابداع والحرص على الممارسه الديمقراطيه في مؤسسات المجتمع الرسميه وغير الرسميه كذلك.

التنظيمات والاحزاب السياسيه التي تتصدى لعمليه البناء الديمقراطي للدوله والمجتمع هي من اخطر واقوى الاعمده لهذا البناء.كثيرا ما تتخذ بعض الاحزاب والتنظيمات السياسيه من الديمقراطيه والعمل الديمقراطي وسيله للوصول الى السلطه ثم يجري بعدها اقامه كل العوائق للانتقال السلمي للسلطه وهو من اهم شروط العمل السياسي الديمقراطي .وفي بعض الاحيان يسبب ذلك في حروب داخليه او تعطيل وشلل للحياة العامه للناس مما يسبب الاساءه للنطام الديمقراطي واهدافه وغاياته الراقيه.ان اغلب الكيانات السياسيه التي تدّعي الديمقراطيه وتشرف على بنائها في العراق اليوم ليس لها من الديمقراطيه بشيء. ولو نظرت الى برامجها ومناهجها السياسيه,ان وجدت, لوجدتها ابعد ما تكون عن الايمان بالعمل الديمقراطي حتى داخل تنظيماتها ونشاطاتها اليوميه ناهيك عن دعواتها وشعاراتها المعلنه لعموم الناس .

لا يمكن بأيه حال من الاحوال ان تقوم احزاب او تنظيمات اساس تكوينها عرقي "واقصد هنا قومي تعصبي" ,او ديني "وخصوصا اذا كان هذا الديني طائفيا", او شمولي حاملا لاديولوجيا تدّعي الكمال والشموليه في علاجاتها للمشاكل التي تعتري العمل السياسي بكل ابعاده .مثل هكذا تنظيمات معاديه للديمقراطيه في جوهرها لكنها يمكن ان تتنازل وتسمح ببعض الحريات المدنيه شرط ان لا تهدد تلك الحريات وجودها ونفوذها حتى المعنوي منه .ومن الجانب الاخر فان من يدّعي ان الديمقراطيه واحزابها المؤمنه بمنهجها السياسي هي غايه وهدفا بحد ذاته ,يكون مثل الايديولوجي الشمولي في تقديسه للفكرة على حساب الغايه والتي هنا بالطبع ,الانسان اولا واخيرا.

الديمقراطيه تصون الحريات الفرديه وبشكلها العام .وكلما تعمقت وتجذرت كلما وهبت المزيد من الحقوق . جوهر الحريات هي الحقوق وجوهر الديمقراطيه هي الحريات .والحريات لا تقتصر على التعبير او التفكير او النشاط السياسي وغيرها المعروفه بداهه وهي حقوق اساسيه تضمنها الديمقراطيه بل تتعدى ذلك لتشمل حق السكن والعمل والتنقل والمعتقد الديني والفكري والتعليم والعلاج وغيرها من المنصوص عليها في لوائح حقوق الانسان.

الانتخابات وحق الاختيار الحر هي من بديهيات النظام السياسي الديمقراطي وهي ليست الا مظهرا شكليا للديمقراطيه ما لم تقترن بالوصول الى الحقوق الجوهريه التي اشرت اليها سابقا .وكثيرا ما يجري اختزال الديمقراطيه الحقيقيه بعمليه الانتخابات .ذلك شائع للاسف ليس في البلدان التي يجري فيها اختزال الديمقراطيه وحسب وانما في اذهان الكثيرين من المعنيين بها للاسف الشديد .

 

 

free web counter