| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                 الأثنين 13/2/ 2012

     

الربيع العراقي
الذي لم يأت بعد

مناف الاعسم

نشهد هذه الايام الذكرى السنوية الاولى لانطلاق التظاهرات الاحتجاجية في كل مدن العراق، تلك التظاهرات التي طالبت بالاصلاح ونددت بالفساد والارهاب لا غير ، بالرغم من التهم التي الحقت بها من اقطاب الحكومة الفاسدة، او من بعض اقطاب المرجعيات الدينية المعروفة.
غمرت المدن والقصبات والمحافظات العراقية جميعا دون استثناء ،حتى كردستان!!

كانت لي فرصة المشاركة بذلك العرس، فذهبت مشيا على الاقدام مسافة عشرة كيلو مترات او اكثر كي اشارك والتقي بأناس مثلي يطالبون بوقف الارهاب والفساد وبشكل علني وبأشهر ساحة من ساحات العراق (ساحة التحرير).

وصلنا نصب الحرية - حيث ساحة التحرير وتذكرت ايام الاعياد والمناسبات ، ووجدت عيداً جديداً، بعد زمان اختفت به الاعياد ، كانت اشباح دكتاتورية صدام هي السائدة، فمن اين اتت للناس الجرأة للخروج والافصاح عما يجول بأنفسهم من لوعة ومعاناة، رغم ما اقدمت عليه الحكومة الجديدة المنضوية تحت لواء المشاركة بالعملية السياسية السلمية، واتهمت كل من يخرج للتظاهر، انه بعثي ويريد ارجاع عقارب الساعة الى الخلف وحشدت هذه الحكومة الفاسدة كل الامكانيات المتاحة لديها للحد من انتشار التظاهر ووصوله الى المنطقة الخضراء والتي تعتبرها الحكومة هي القلعة الاخيرة، فيما اذا سقطت ستسقط السلطة (لاحظ كيف وضعوا انفسهم بتلك الزاوية)، بل قاموا بممارسات هي بالضبط ما كان يقوم بها مجرم العصر صدام حسين، فالطاقم الرئيسي للحكومة (كمال الساعدي واحمد المالكي وغيرهم) كان متسلقا احدى البنايات والمعروفة بأسم المطعم التركي كما كان يفعل علي حسن المجيد وعدي صدام حيث كانوا يراقبون ما يحدث من برجهم العاجي.

وحلقت فوق رؤوسنا سمتيات كريهة كالتي كانت تحلق فوق رؤوسنا بكردستان ايام الكفاح المسلح لتنشر الرعب والخوف ، ولكن هذه المرة لم تعني لنا شيئا سوى العار للذي امر بإرسالها.

كانت افواج المشاركين، شيوعيين، وصدريين، وعلمانيين، ومستقلين ولربما بعثيين لم يرتضوا لانفسهم ان يتميزوا عن بعض، فكان الهم واحد والمطاليب ذاتها يلهج بها الشاب والمسن والمرأة والرجل على حد سواء ،وتصدرت التظاهرات، شعارات تحارب الفساد و تطالب بالحد من الاستهتار بنا وبأرواحنا.

بعد مرور عام على هذا العرس الكبير الذي استعاد ماء الوجه للعراقي الشريف التواق لتحسين وضع البلد ووضع حد للصوص والفاسدين وللارهارب الذي كان يمارسه المسؤولون الحكوميون وبامكانيات الدولة من سيارات وحمايات (اكدها قاسم عطا بتصريح له مؤخراً، وهو المساهم بإعتقال بعض المتظاهرين آنذاك).

يتساءل المرء لماذا توقف ذاك الدفق والحماس، ماذا حصل ، هل تحسن الوضع وتحققت المطاليب؟... بل زاد الوحل وتوقفت الحياة وانهارت حكومة الشراكة!!!!وليس هناك في الافق ما يبشر بنهوض مزاج جماهيري جديد، من يحاول ان يجهد ذهنه بعض الشيء لمعرفة سبب النكوص والشعور باللاجدوى التي انتابت الناس من الاستمرار بالتظاهر والمطالبة.

ربما للارهاب المنظم من الدولة على طريقة كاتم الصوت، والاغراء ورشوة بعض الجهات ، وتدخل مرجعيات دينية عابرة للحدود ، يتجلى بالدور الذي لعبه التيار الصدري بإخماد جذوة الرفض لاساليب الحكومة عن طريق تكريم حكومة المالكي بستة اشهر للاستفتاء،علما ان المالكي طلب 100 يوم فقط .

التيار الصدري المعروف بامتداداته الشعبية ببغداد كان له الدور المميز بإشعال فتيل المطالبة بمحاكمة الفاسدين واحقاق حقوق المستضعفين وفقراء الناس، فلماذا التوقف واستبدال العمل الجهادي الذي اوصى به اية الله الشهيد محمد صادق الصدر والذي وصف العمل الجهادي بالعبادة؟؟ فأين ولت تلك واصبح الصدريون يمارسون دور كاسري الاضراب سيء الصيت.

ولا يخفى ايضا دور الحركة الديمقراطية والشيوعيين الذين كانوا اكثر حرصا على الاستمرار والمطالبة ، ولكن وضعوا جدولا صارما للمشاركة وعملوا على ان يتحقق كل اسبوع وبعملية روتينية بعض الشيء تتجاهل المزاج الشعبي الآخذ بالصعود والنزول، رجعة بسيطة لتاريخ العراق ودور هذه الحركات بالحراك السياسي والانتفاضات ، نلاحظ ان التوقيت وربط العام بالخاص كان العامل الرئيسي بإشعال انتفاضة هنا او وثبة هناك، فالمطالب الخدمية وحقوق الناس ومصالحهم عملية معقدة اذا لم ترتبط بالسياسة العامة للبلد والى ستراتيج تلك التنظيمات الحزبية.

فالربيع العراقي لم يأت بعد .

 

free web counter

 

أرشيف المقالات